عامان على إطاحة البشير: رموز النظام بين السجون والمنافي والمخابئ

11 ابريل 2021
قد يمثل البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية (فرانس برس)
+ الخط -

بعد عامين من سقوطه، يتوزع رموز نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، ما بين السجون والمعتقلات، والمنافي، فيما اختار بعضهم التخفي "تحت الأرض" تحسباً للملاحقات الأمنية والقانونية.

سجن ومحاكمات
وعقب سقوط النظام مباشرة، في 11 إبريل/نيسان 2019، دشنت السلطات حملة لملاحقة رموز النظام، في مقدمتهم البشير نفسه، الذي وضع في البدء تحت الإقامة الجبرية، ثم حول إلى سجن كوبر القومي في 17 إبريل من العام ذاته، على خلفية العثور على نحو 7 ملايين يورو في مقر إقامته داخل قيادة الجيش السوداني. وذكر أثناء التحقيق معه أنها جزء من مبلغ 25 مليون دولار، أرسلها له ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وبسبب ذلك أحيل إلى المحكمة، التي دانته بتهمتي الثراء الحرام والمشبوه، والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي، وحكمت عليه بقضاء فترة عامين في مؤسسة إصلاح قانوني عوضاً عن السجن، لعامل السن. وعلى الرغم من أن فترة محكوميته تنتهي خلال الشهر الحالي، فإن ذلك لا يعني الإفراج عنه، إذ إنه يواجه محاكمة أخرى، مع أكثر من 30 من رموز حكمه، بينهم عسكريون ومدنيون، بتهمة الانقلاب على السلطة الديمقراطية في العام 1989. كما يواجه البشير تحقيقاً من جانب النيابة العامة في قضايا أخرى، منها إعدام 28 ضابطاً في الجيش السوداني حاولوا الإطاحة به في العام 1990، هذا غير التحقيق في ملفات فساد وقعت أثناء حكمه.

يواجه البشير مع أكثر من 30 من رموز حكمه تهمة الانقلاب على السلطة في 1989

وقد يقطع اتفاق بين الحكومة والحركات المسلحة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كل المحاكمات المحلية الخاصة بالبشير، لأن الاتفاق قضى بمثول الرئيس المخلوع، ومن معه من المطلوبين، أمام المحكمة الجنائية الدولية، لمواجهة اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في إقليم دارفور. لكن مسألة تسليم البشير تبقى موضع شكوك.

ويقبع 4 من نواب البشير، في فترات متفاوتة، معه في سجن كوبر القومي، وهم الفريق بكري حسن صالح، وعلي عثمان محمد طه، وعثمان يوسف كبر، وحسبو محمد عبد الرحمن. ويتشارك الثلاثة الأوائل مع البشير الاتهام في قضية الانقلاب، بينما يحاكم طه بصورة منفردة في قضية فساد تعرف باسم "المدينة الرياضية" جنوبي الخرطوم وتربط بتعديات على الأراضي التي كانت مخصصة لبناء المدينة الرياضية القومية.

كما يُحاكم حسن صالح في بلاغ يتعلق بمساعدة محكوم بالسجن المؤبد  فهد عبدالواحد النور طه، وهو مدان في قضية مخدرات في الهروب من السجن عام 2013، فيما يحاكم عثمان يوسف كبر بتهمة تجاوزات مالية أثناء تقلده لمنصبه. أما النائب الرابع حسبو محمد عبد الرحمن فيواجه تهمة تقويض النظام الدستوري.
وفي كوبر أيضاً، وهو أشهر السجون السودانية، يقبع وزير دفاع نظام البشير، الفريق عبد الرحيم محمد حسين، الذي يُحاكم في قضية الانقلاب، علماً أنه من بين المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. وفي قضية الانقلاب نفسها، يُحاكم كل من وزير الطاقة الأسبق عوض الجاز، والقيادي البارز السابق في حزب "المؤتمر الوطني" المنحل نافع علي نافع، والضابط الطيب إبراهيم محمد خير.

أما الزبير أحمد الحسن، أحد وزراء مالية النظام، والذي شغل أخيراً منصب الأمين العام للحركة الإسلامية، فيجلس بقفص الاتهام في قضية تجاوزات إدارية تتعلق ببيع خط طيران هيثرو الذي يربط الخرطوم بلندن من دون توريد أمواله للخزينة العامة. ومعه في ذات البلاغ، وزير المعادن كمال عبد اللطيف. بينما يواجه وزير آخر للمالية، هو علي محمود، اتهامات باختلاسات في هيئة النقل النهري. كما يواجه ملفات فساد حاكم ولاية جنوب دارفور الأسبق الحاج عطا المنان، ورجل الأعمال المحسوب على النظام عبد الباسط حمزة.

وتم توقيف عدد آخر من قيادات نظام البشير من دون محاكمة حتى الآن، مثل رئيس حزب "المؤتمر الوطني" المكلف وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور، المتهم بالتخطيط لأعمال تخريبية، ومعه حاكم ولاية وسط دارفور أنس عمر، ومساعد الرئيس المخلوع أحمد هارون، الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسلمه لمحاكمته. كما تم اعتقال القيادات السابقة في الحزب الحاكم عبد الرحمن الخضر، ومحمد حاتم سليمان، ومحمد أحمد حاج ماجد، والفاتح عزالدين.

المنفى الاختياري
وبعد سقوط النظام، اختار عدد من رموزه، مغادرة البلد. ومنهم من ذهب إلى مصر القريبة جغرافياً، مثل النائب الأول للرئيس المخلوع الفريق عوض بن عوف، الذي يتنقل بين السعودية ومصر، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول صلاح قوش، ومحمد طاهر ايلا، آخر رئيس لمجلس الوزراء، وآدم جماع آخر حاكم مدني لولاية كسلا. أما الفئة الثانية، فكانت وجهتها تركيا، وأبرز رموزها، رئيس الوزراء الأسبق معتز موسى، ونائب رئيس الحزب المنحل فيصل حسن إبراهيم، والمدير الأسبق لجهاز الأمن الفريق محمد عطا، ووزير رئاسة الجمهورية فضل عبد الله، ووزير الدولة في الخارجية حامد ممتاز، ووزير الدولة في الإعلام ياسر يوسف، وأمين التعبئة السياسية في "المؤتمر الوطني" عمار باشري، وسناء حمد العوض.

"تحت الأرض"
واختار فريق ثالث من رموز نظام البشير، التخفي عن الملاحقات الأمنية والقانونية، أهمهم وزير الخارجية الأسبق علي أحمد كرتي، الذي يدير المواجهة في الخفاء مع النظام الحالي تحت عباءة الحركة الإسلامية، ووزير الزراعة الأسبق عبد الحليم المتعافي، واللواء الهادي عبد الله، ووزير الري والموارد المائية أسامة عبد الله، بالإضافة إلى عدد من قيادات الصف الثاني لحزب "المؤتمر الوطني"، الذين يديرون العمل المعارض سراً.

يدير علي أحمد كرتي المواجهة في الخفاء مع النظام الحالي تحت عباءة الحركة الإسلامية

ولقيادات الأحزاب السودانية باع طويل من العمل السري والتخفي في المخابئ على مرّ عقود، وتعرف بسياسية "تحت الأرض". واشتهر بذلك على وجه الخصوص الحزب الشيوعي السوداني، خصوصاً بعدما تواجد زعيمه الراحل إبراهيم نقد، ثلاثين عاماً تحت الأرض، كان من بينها 11 عاماً في عهد البشير.
ومن أبرز قيادات "المؤتمر الوطني" التي لم يطاولها الاعتقال أو التوقيف رئيس البرلمان السابق إبراهيم أحمد عمر، وأحمد إبراهيم الطاهر الذي ترأس هيئة الدفاع عن البشير في مرحلة من المراحل، ومعه محمد الحسن الأمين، ووزير الداخلية الأسبق إبراهيم محمود، بالإضافة إلى الدرديري محمد أحمد، آخر وزراء الخارجية في عهد النظام، وأمين حسن عمر.


 

المساهمون