عائلات المعتقلين السياسيين في تونس تأمل الإفراج عنهم قريباً

10 يوليو 2023
لم توجه للمعتقلين السياسيين تهم واضحة (أرشيف/ ياسين محجوب/ Getty)
+ الخط -

أحزاب تونسية تدين استمرار التضييق على معارضين ومنعهم من السفر

أطلقت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس ضمن ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، اليوم الاثنين، نداءً لإطلاق سراحهم معتبرة أنهم يعيشون مظلمة، فيما ستنظر دائرة الاتهام، الخميس، في مطالب الإفراج عنهم، ضمن الملف الذي يأتي في صدارة القضايا والملاحقات التي طاولت رموز المعارضة والنشطاء السياسيين في تونس منذ فبراير/ شباط الماضي، ليبلغ عدد المعتقلين والمطلوبين العشرات، بعد أن تحوّلت إلى سلاح يتربص بالمعارضين.

وأعلنت عائلات المعتقلين، خلال مؤتمر صحافي، تنظيم وقفة احتجاجية الخميس، داعية كل القوى الديمقراطية والحقوقية للحضور، مبينة أنها ستبقى في نصرة القضية والدفاع عن المسجونين إلى حين خروجهم من السجن.

وتوجهت العائلات، اليوم، بنداء دعت فيه إلى "الكف عن المظلمة التي تعرض إليها القادة السياسيون والتي أدت إلى الزج بهم في السجن مدة تقارب خمسة أشهر من دون أن يرتكبوا أي جريمة أو فعل يبرر هذا الاعتقال، وبإطلاق سراحهم والكف عن ملاحقتهم"، مؤكدة أن "الدعوة هي للتعقل وللحكمة وللتجميع من أجل نصرة هذه القضية العادلة".

وقال الناشط السياسي وعضو "جبهة الخلاص الوطني" عز الدين الحزقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الدعوة اليوم هي للعودة إلى العقل، فالدولة في حالة فوضى"، مضيفاً أن "وقفة الخميس هي دعوة للحاكم (الرئيس التونسي قيس سعيّد) للتعقل ودعوة للقضاء للوقوف إلى جانب الحق".

وحول أسباب عدم حضور قيادات "جبهة الخلاص الوطني" وهيئة الدفاع، رد الحزقي أنه "تم فسح المجال للعائلات لتعبر عن صوتها فلا أبلغ من وجع العائلات".

ووجه الحزقي في كلمة له بمناسبة إطلاق النداء التحية للمعتقلين "الذين يواجهون ظروفاً صعبة في السجون، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة"، قائلاً إنهم "أبطال يدافعون عن الحقوق والحريات، وإن دفاعهم اليوم هو عن علوية القانون وعن الديمقراطية".

ولفت إلى أنهم "يتوجهون كعائلات بنداء لمساندة المعتقلين في قضيتهم العادلة ومواصلة النضال لبناء تونس الغد، تونس الاختلاف وقبول الآخر مهما كان الآخر، مشدداً على أن "تونس لا يحكمها فرد، بل هي للجميع".

بدورها، قالت زوجة القيادي السابق في حركة "النهضة" عبد الحميد الجلاصي، منية إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "الإشكال أن الملف لم يشهد أي تطورات أو مستجدات، فالسجناء السياسيون موقوفون منذ 11 فبراير/ شباط 2023"، متسائلة بخصوص زوجها "الذي لم توجه له أي أفعال مجرّمة فلماذا هو في السجن؟".

وأضافت أن "الوضعية عبثية فلا المحامون ولا السجناء يعرفون ما يحصل"، مؤكدة أن "السلطة أو أعلى هرم فيها يلتزم الصمت ولا توجد أي توضيحات".

وبينت أن "هناك 3 قضايا بالتآمر على أمن الدولة، ولكن لا أحد يفهم ما هي هذه القضايا وكيف حصل التآمر، حالها حال قضايا أخرى غامضة، منها محاولة اغتيال رئيس الجمهورية والظرف المسموم وغيرها التي تناساها الجميع".

وبينت أنه "من الوارد أن يقضي هؤلاء المعتقلون 9 أشهر أخرى في سجن المرناقية، والعائلات تعيش معاناة تلو المعاناة، ولكنهم اختاروا إعلاء صوت الحق ولتكن هي الفيصل".

وفي كلمة لها بمناسبة إطلاق النداء، قالت إبراهيم إنهم لن يتخلوا عن الدفاع عن السجناء المعتقلين والدفاع عن الحريات، مبينة أن "القادة السياسيين محالون وفق فصول تقود إلى الإعدام، وهم إلى غاية اليوم لا يعرفون لماذا أُحيلوا وما هي تهمهم ولا العائلات أيضاً تعرف شيئاً".

وقالت زوجة الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، فايزة راهم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن نداءهم موجه إلى كل المنظمات والأحرار للحضور الخميس أمام محكمة الاستئناف، مبينة أنهم يأملون أن يحكم القضاء بنزاهة وبما توفر من أدلة ويرفع قيس سعيّد يده عن القضاء".

وأعربت عن أملها كذلك بالإفراج عن المعتقلين أو الإبقاء عليهم بحالة سراح وهم على ذمة القضية.

تدهور الحالة الصحية للشابي

وفي وقت لاحق، كشفت عائلة الشابي بأن "حالته الصحية تعكرت نهاية هذا الأسبوع ‏نتيجة انقطاع الماء وتعطب أدوات التبريد، ما نتج عنه تعفن للمأكولات ألزمه الاكتفاء بتناول الخبز والزيت مدة ثلاثة أيام، الأمر الذي تسبب في انخفاض حاد في درجة السكر بالدم والإغماء عليه".

‏وقالت العائلة قي بيان لها إنها "تُحمل السلطة السياسية والقضائية مسؤولية ما قد يلحق ‏الأستاذ عصام الشابي من أذى وتهديد لسلامته الصحية، وأنها تتجه بنداء حار إلى الرأي العام والقوى السياسية ونشطاء المجتمع المدني للوقوف إلى جانب المعتقلين السياسيين من أجل توفير الحد الأدنى من شروط السلامة والكرامة ‏والمطالبة بإطلاق سراحهم فوراً".

كذلك، قالت زوجة السجين السياسي الصحبي عتيق، زينب المرايحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "عتيق تلقى بعد 60 يوماً من إضراب الجوع دعوات كثيرة لفكه، من ذلك دعوة جبهة الخلاص الوطني ودعوة من الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي وعدة شخصيات عربية"، مؤكدة أنه حتى برفع إضراب الجوع، فإن الوضع الصحي لزوجها تدهور وسيعاني مخلفات ذلك.

وتابعت: "سيحتاج إلى المتابعة الطبية الدقيقة، ولكنه لم يجد أي سبيل للمطالبة برفع المظلمة عنه سوى جسده".

وعلق عتيق، اليوم الاثنين، إضرابه عن الطعام، بحسب تأكيد محاميه سمير ديلو في تصريح لـ"العربي الجديد".

استمرار التضييق على المعارضين ومنعهم من السفر

من جانب آخر، عبرت أحزاب "القطب" و"العمال" و"التكتل من أجل العمل والحريات في تونس" عن تنديدها بمواصلة التضييق على معارضي الرئيس التونسي والتنكيل بهم، ومنعهم من السفر.

وقالت الأحزاب في بيان مشترك، اليوم الاثنين، إنها فوجئت بخبر منع السفر الصادر ضد نائب الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" زياد الغناي، عند اعتزامه مغادرة التراب التونسي.

واعتبرت الأحزاب أن "هذا القرار يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ومصادرة حرية التنقل التي ينبغي أن تكون مكفولة لكل مواطن ومواطنة. كما يعتبر انتهاكًا للحقوق الأساسية للمواطنين واستخدامًا لسلطة الدولة لقمع الأصوات المعارضة".

وعبرت الأحزاب عن "استنكارها العميق لهذه الممارسات التعسفية التي ينتهجها النظام الحالي"، مضيفة أن "منع السفر وتقييد حرية التنقل يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي يجب أن تحترمها الدولة بدلاً من استخدام الجهاز القضائي وسيلة للقمع والتضييق على الخصوم السياسيين".

وعبرت عن "تضامنها الكامل مع المناضل زياد الغناي وكل الذين يتعرضون لمثل هذه الإجراءات القمعية والممارسات التعسفية بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية"، ومع حزب "التيار الديمقراطي" ضد "استهداف السلطة له من خلال اضطهاد قياداته والزج بهم في قضايا كيدية وإدراجهم في إجراءات قمعية للتنكيل بهم".

ودعت إلى "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورفع الإجراءات التعسفية عن المناضلين المعارضين للانقلاب"، وقالت إنها "تهيب بجميع المنظمات والأحزاب الديمقراطية للتدخل الفوري والحثيث للضغط على النظام الحالي لوقف هذه الممارسات القمعية واحترام حقوق الإنسان وحريات الفرد".