ضغوط الأحزاب الحاكمة تدفع رئيس مفوضية الانتخابات العراقية للاستقالة

23 ابريل 2023
موظفان من المفوضية بالانتخابات البرلمانية، أكتوبر 2021 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

قدّم رئيس المفوضية العليا للانتخابات في العراق، القاضي جليل عدنان خلف، استقالته من منصبه إلى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في خطوة اعتُبرت استباقية لخلف، عقب تلويح قوى سياسية فاعلة بإقالته من منصبه، وإعادة تشكيل مجلس المفوضية قبيل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

ووفقاً لبيان صدر عن المفوضية، الأربعاء الماضي، فإن "رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف استقال من رئاسة المجلس وأنهى عمله في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في ظروف حالت بين رئيس مجلس المفوضين وإتمامه لعمله في المفوضية".

وأضاف البيان أن "رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف وضع بقراره مصلحة العراق أولاً، والشعب ثانياً، والمؤسسة ثالثاً"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. لكن مصادر مطلعة في العاصمة بغداد ومن داخل المفوضية، أكدت لـ"العربي الجديد"، أن تقديم خلف استقالته من منصبه، جاءت بسبب "تهديدات سياسية له بالإقالة من منصبه خلال المرحلة المقبلة من قبل بعض الأطراف السياسية الفاعلة، ولهذا السبب قدّم استقالته".

استقالة رئيس مفوضية الانتخابات

وقال عضو في مجلس أمناء المفوضية، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "استقالة خلف جاءت بعد إدراكه بوجود حراك سياسي حقيقي يهدف إلى إجراء تغييرات في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فالقوى السياسية تريد تشكيل مفوضية جديدة خالية من القضاة، وتختار الأحزاب أعضاءها وفقاً للطريقة القديمة وحسب آلية المحاصصة".

وأضاف أن "الأيام المقبلة، قد تشهد استقالة عدد آخر من أعضاء مجلس المفوضين في المفوضية، فالقضاة في المفوضية يرغبون بتقديم الاستقالة بدلاً من إقالتهم من قبل الأطراف السياسية". وعدنان خلف قاضٍ لديه خبرة في القانون والعدالة، عُيِّن رئيساً لمجلس المفوضين في عام 2020، وأشرف على الانتخابات البرلمانية التي أجراها العراق في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.


عضو بالمفوضية: الأحزاب تريد تعيين أعضاء المفوضية وفقاً للمحاصصة

من جهته، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "استقالة رئيس مجلس المفوضين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، جليل عدنان خلف، لن تؤثر بموعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في نهاية السنة الحالية إطلاقاً".

وأضاف الهلالي أن "هناك رأياً لدى غالبية الأطراف السياسية بضرورة إجراء تغييرات جوهرية في مفوضية الانتخابات قبل إجراء أي انتخابات محلية أو برلمانية، بسبب وجود ملاحظات كثيرة على عمل مجلس المفوضين، خصوصاً بسبب الشبهات والإخفاقات التي رافقت إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة الماضية".

وأكد أن "نزاهة الانتخابات والعدالة فيها تعتمد على وجود مفوضية مهنية، ولهذا فإن إجراء بعض التغييرات في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أمر وارد جداً خلال المرحلة المقبلة، ويبقى هذا الأمر رهن الاتفاق السياسي بين الكتل والأحزاب داخل ائتلاف إدارة الدولة".

في المقابل، قال الخبير في الشأن الانتخابي دريد توفيق، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "استقالة رئيس مجلس المفوضين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات أثرت في عدد المفوضين الموجودين في مجلس المفوضية التي نص عليهم القانون، وبالنتيجة أصبح عندنا خلل، ولهذا يجب أن يكون هناك بديل له".

وأوضح أن "مجلس المفوضين تنتهي ولايته في الشهر الأول من السنة المقبلة، فإذا لم تجرِ الانتخابات المحلية قبل نهاية السنة الحالية، لا يمكن إجراء أي انتخابات من دون اختيار مجلس مفوضين جديد من قبل مجلس النواب العراقي".

وأضاف توفيق أن استقالة خلف في هذا الوقت "ستؤثر في الجدول الزمني للانتخابات وآلية تصديقها إذا ما حسم مجلس النواب تعديلاً سريعاً على قانون مجلس المفوضين بأسرع فترة ممكنة، حتى تنتهي مشكلتين: المشكلة الأولى هي الخلل في عدد المفوضين، والمشكلة الثانية التصديق على النتائج".


دريد توفيق: استقالة خلف ستؤثر على انتخابات مجالس المحافظات

ورأى توفيق أنه "أصبح من الضروري على مجلس النواب إجراء تعديل سريع على آلية تعديل قانون المفوضية لسببين: السبب الأول، ملء الفراغ الذي تركته الاستقالة من ناحية، والسبب الثاني، وهو الأهم، يكمن في أن الفترة الزمنية ما بين عملية التصديق على الانتخابات وانتهاء الولاية المفوضية متداخلة، إذ ستتم نهاية العملية الانتخابية بعد نهاية ولاية المفوضية، أي إن الانتخابات مقررة أن تجرى في 6 نوفمبر المقبل، بينما تنتهي ولاية المفوضية في مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل، بالتالي ليس من المعقول مواكبة مرحلة ما بعد الانتخابات، خصوصاً الطعون والشكاوى التي تلي كل استحقاق انتخابي".

هيكلية المفوضية العليا للانتخابات

ويتكوّن مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من تسعة أعضاء: خمسة قضاة من الصنف الأول يختارهم مجلس القضاء الأعلى، واثنان من قضاة الصنف الأول يختارهما أيضاً مجلس القضاء الأعلى من بين مرشحين يطرحهم مجلس القضاء في إقليم كردستان، واثنان آخران من أعضاء مجلس الدولة من المستشارين يرشحهما المجلس، على أن يختارهما مجلس القضاء الأعلى.

ويختار القضاء الأعلى أعضاء مجلس المفوضين بالقرعة المباشرة، بحضور منظمة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام والمنظمات والنقابات، وتكون ولاية أعضاء مجلس المفوضين لمدة 4 سنوات غير قابلة للتمديد، بدءاً من تاريخ إصدار المرسوم الجمهوري. ويعدّ رئيس مجلس المفوضين الممثل القانوني للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ويتولى إدارة إعمال المجلس التنظيمية والإدارية والدعوة لعقد اجتماعات المجلس وترؤسها.