ضحايا الاختفاء القسري في يومهم الدولي خارج المناقشات في مصر

29 اغسطس 2024
عناصر من الشرطة المصرية، الإسكندرية، 20 نوفمبر 2019 (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تستعد الحكومة المصرية للاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان في يناير بجنيف، مع توجيهات رئاسية بتقليص مدد الحبس الاحتياطي.
- دعت أسر المختفين قسرياً للتدوين بوسم "ولادنا فين" تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وسط تجاهل رسمي وانتقادات منظمات حقوقية.
- انتقدت منظمات حقوقية تقنين الاختفاء القسري عبر قانون مكافحة الإرهاب وتعديلات العقوبة في المادة 280 من قانون العقوبات، مشيرة إلى تجاهل النقاش حول الجريمة في الحوار الوطني.

بينما تستعد الحكومة المصرية للدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة لملف حقوق الإنسان في مصر، المقرر عقدها في يناير/ كانون الثاني المقبل بجنيف، بإجراءات من شأنها تحسين صورة القاهرة في هذا المجال، عبر توجيهات رئاسية بتقليص مدد الحبس الاحتياطي التي كانت من ضمن توصيات الحوار الوطني، رفعت منظمات حقوقية صوتها للكشف عن غياب قضية حقوقية أخرى عن النقاشات الرسمية سواء في الحكومة أو البرلمان أو حتى الحوار الوطني التي تشارك فيه بعض قوى المعارضة، وهي قضية الاختفاء القسري في مصر. يأتي ذلك تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، في الـ30 من أغسطس/ آب من كل عام، والذي يصادف غداً الجمعة.

دعت أسر مختفين قسرياً في مصر للتدوين بوسم "ولادنا فين" تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

ودعت أسر مختفين قسرياً في مصر، للتدوين بوسم "ولادنا فين" عبر منصات التواصل الاجتماعي، تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري. وبينما يواجه أهالي وأسر المختفين قسرياً في مصر صمتاً رسمياً، وتجاهلاً متعمداً من الجهات المعنية التي ترفض تقديم أي معلومات تطمئنهم أو تكشف عن مصير ذويهم، لا تكف المنظمات الحقوقية عن طرح القضية، ونشر قوائم المختفين قسرياً، ومن ظهروا أمام جهات التحقيق بعد مدد وفترات زمنية متباينة من الاختفاء القسري.

غياب متعمّد لقضية الاختفاء القسري في مصر

في السياق، قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "غياب قضية الاختفاء القسري في مصر عن مناقشات الحوار الوطني أمر متعمد لأن الحديث عنه وتجريمه قانوناً هما إدانة للحكومة المصرية التي سلكت نهجاً واحداً، وهو إنكار وجود مختفين قسرياً في مصر، رغم آلاف المختفين وآلاف البرقيات للنائب العام وآلاف الشكاوى". وأضاف أن مجرد فتح الباب للحديث عن الاختفاء القسري في مصر "هو إدانة لكل الجهات التي أنكرته، وإدانة للسلطة القضائية (نيابة وقضاء)، لأنها سارت وراء رواية وزارة الداخلية دون تمحيص أو تحقيق". ولفت البيومي إلى أنه "للأسف لا تزال الحكومة ترتكب تلك الجريمة كل يوم حتى تخطت أرقام من تم ارتكاب الجريمة في حقهم 19 ألف مواطن"، موضحاً أنه "بالطبع يقترن بالاختفاء، التعذيب الشديد مادياً ومعنوياً لإجبار المختفي على التوقيع على محاضر مفبركة".

من جهتها، قالت عضو حملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، سارة محمد، لـ"العربي الجديد"، إن ظاهرة الاختفاء القسري عملية ممنهجة تزداد عنفاً وقسوة، تستخدمها الدولة كوسيلة تهديد وكسر للضحايا، ولذلك فإن الآثار النفسية على الناجين من هذه التجربة أو ذويهم تكون في غاية السوء". وأضافت أنه "منذ بداية الحوار الوطني (في مصر حول الحبس الاحتياطي)، الشهر الماضي، زادت أعداد المختفين قسرياً، وهو ما يثبت أنه أمر ممنهج".

تقنين الاختفاء القسري

بدوره، قال المحامي والحقوقي حليم حنيش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه بعد "لفت النظر إلى ظاهرة الاختفاء القسري في مصر من خلال المنظمات الحقوقية وحملة أوقفوا الاختفاء القسري، حاولت الدولة تقنين إخفاء الضحايا". وأوضح أن هذا التقنين جاء "من خلال قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، المعدّل بتاريخ 3 مارس/ آذار 2020، والذي يمنح الصلاحية، في المادة 40 من باب الأحكام الإجرائية، للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، أن تأمر باستمرار التحفظ على المقبوض عليه، لمدة 14 يوماً، ولا تجدد إلا مرة واحدة".

حليم حنيش: لم تلتزم الدولة بقانون مكافحة الإرهاب

وأضاف أنه "رغم ذلك، لم تلتزم الدولة بهذا القانون الذي أصدرته، فالمادة رقم 41 منه تنص على ضرورة أن يبلغ مأمور الضبط القضائي كل من يتحفظ عليه وفقاً للمادة 40 من هذا القانون بأسباب ذلك، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه من ذويه بما وقع والاستعانة بمحام، وذلك دون الإخلال بمصلحة الاستدلال". ولفت في هذا الصدد إلى "حالة الناشط الطلابي والمدافع عن حقوق الإنسان معاذ الشرقاوي، على سبيل المثال، إذ تقدمنا ببلاغات للنيابة العامة ولم يصلنا منها أي رد".

وانتقدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تعديلات العقوبة في المادة 280 من قانون العقوبات المصري، واعتبرتها "أضعف العقوبات لأبشع جريمة"، إذ إن "العقوبة في حال تطبيقها ستحل على رأس أكبر جهاز شرطي قمعي في مصر وهو جهاز الأمن الوطني، الحاكم الفعلي للشارع المصري"، و"المسؤول الأول عن كارثية ملف المختفين قسرياً". وتنص المادة رقم 280 من قانون العقوبات المصري على أنه: "كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه دون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز ألفي جنيه مصري، ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر، تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان القبض مقترناً بالتعذيب".

وقالت الشبكة في بيان، قبل أيام، إنه "على الرغم من بشاعة الآثار التي تترتب على جريمة القبض على مواطن وحبسه وتعذيبه من قبل موظف عمومي من دون سند من القانون أو ما تعرف بجريمة الاختفاء القسري، إلا أن الحكومة المصرية لا تعترف أصلاً بوجود حالات تذكر من المختفين قسرياً وأنها جريمة فردية، إذا ثبتت". وتابعت الشبكة: "إذا نظرنا إلى قانون العقوبات المصري، نرى أنه لم يكن صارماً ورادعاً لوقف أو للحد من الاستمرار في هذه الجريمة، بل إنها عقوبة مخففة لا تذكر إذا ما قورنت ببشاعة الجريمة المرتكبة وكحكم بالبراءة لمن ارتكب جريمة قتل مع سبق الإصرار والتعمد".

تقارير عربية
التحديثات الحية

كما انتقدت الشبكة "تجاهل النقاش حول جريمة الاختفاء القسري، التي لم يتم طرحها بشكل كافٍ في جلسات الحوار الوطني الأخير". واعتبرت الشبكة أن "هناك عدة أسباب محتملة لهذا التجاهل، فقد تكون هناك رغبة في تجنب فتح نقاشات حساسة قد تُعرض السلطات الأمنية للنقد المباشر، خصوصاً أن جهاز الأمن الوطني المصري هو المتهم الرئيسي في هذه الجرائم". كما من بين الأسباب "تعديل العقوبات الواردة في المادة 280 بشكل يجعلها أشد قسوة، قد يؤدي إلى محاسبة جهات نافذة داخل الدولة، مما يجعل النقاش حول هذا التعديل أمراً غير مرحب به من قبل بعض الأطراف المؤثرة".

وتوقعت الشبكة أنه "قد يكون تركيز الحوار الوطني منصباً على القضايا التي تعتبر أقل حساسية أو أكثر قبولاً سياسياً مثل تعديل مدد الحبس الاحتياطي، والذي يُنظر إليه على أنه مطلب إصلاحي لكنه لا يشكل تهديداً مباشراً للأجهزة الأمنية". يأتي ذلك بخلاف احتمالية "أن يكون التغاضي عن مناقشة هذه المادة مقصوداً لتجنب إثارة قضايا حقوق الإنسان المثيرة للجدل التي قد تكشف مدى عمق أزمة حقوق الإنسان في البلاد، خصوصاً في ظل الانتقادات المتزايدة من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية".

المساهمون