في تطور أمني جديد لافت على ساحة الصراع في العراق، تمكّنت قوات البشمركة الكردية وللمرة الأولى، من قصف مناطق حيوية في قلب مدينة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما أسفر عن سقوط قتلى في صفوف التنظيم فضلاً عن ضحايا مدنيين، ودفع التنظيم إلى إصدار بيان شديد اللهجة يتوعد بردّ موجع على الهجوم.
وتؤكد عملية القصف المدفعي والصاروخي التي طالت الموصل، تَقدُّم قوات البشمركة تحت غطاء كثيف من الطيران الفرنسي والأميركي، وسيطرتها على مناطق جديدة في الموصل ومحافظة نينوى بشكل واسع، ما يجعل نينوى مفتوحة على ساحة كبيرة من التوقعات خلال الأيام المقبلة إن لم يكن الساعات، بعد توعّد تنظيم "داعش" برد وصفه بالموجع على الهجوم الصاروخي الكردي، ووصول أسلحة نوعية حديثة للأكراد من أوروبا وإيران.
وقال بيان صادر عن وزارة البشمركة بثّه تلفزيون "رووداو" شبه الرسمي والتابع لرئيس وزراء الإقليم نجيرفان بارزاني، إن نيران المدفعية الثقيلة وصواريخ موجهة استهدفت مقرات "داعش" في مركز مدينة الموصل بعد معلومات عن عقد التنظيم اجتماعاً في حي الزهور وسط الموصل ضم قيادات كبيرة فيه.
وأوضح البيان أن "قواتنا اقتربت من المدينة بشكل كبير وتُكبّد تنظيم داعش خسائر فادحة خلال القصف"، قائلاً إن الهجوم الصاروخي "أدى إلى انهيار المعنويات القتالية لمسلحي التنظيم"، معلناً سيطرة قوات البشمركة على قريتي شندوخة والقادسية، القريبتين من سد الموصل.
وكشف قائد قوات البيشمركة في محور سد الموصل العميد عز الدين سورجي، لـ"العربي الجديد"، أن التحالف الدولي شنّ قصفاً بالتزامن مع القصف الصاروخي الذي شنته البشمركة على الموصل.
وأوضح سورجي أن "العملية التي تتم لأول مرة وهذا إنجاز بالنسبة لنا"، معلناً أنه "لم تردنا أي معلومات حول سقوط مدنيين جراء القصف"، موضحاً أن "القصف تمّ بواسطة صواريخ غراد ومدفعية ثقيلة".
إلا أن المسؤول الطبي في مستشفى الموصل الحكومي الدكتور نهاد سعدي، أعلن مقتل 13 مدنياً وجرح 44 آخرين جراء القصف الذي طال أحياء الزهور والإصلاح والعربي وسط الموصل.
وقال سعدي لـ"العربي الجديد" إن "الحصيلة نهائية وهناك أربعة أطفال قتلى وسيدة واحدة فضلاً عن رجل مسنّ كان في دكانه عندما سقط عليه أحد الصواريخ"، لافتاً إلى أن "أحد الصواريخ سقط على معمل للكلور الخاص بتعقيم المياه ما أدى إلى تسرّب كبير في الغاز تسبّب بحالات اختناق كبيرة بين المواطنين".
ويمثل وصول صواريخ الغراد (بي إم 21) نقلة نوعية للقوات الكردية، إذ تُعتبر تلك النوعية من الصواريخ الأكثر فاعلية في المناطق الجبلية، كما في مناطق شمال العراق، بسبب قوتها التدميرية الكبيرة وإمكانية إطلاقها من المدرعات والمركبات العسكرية الروسية ذات المنصات المتحركة.
وأشارت مصادر كردية إلى إن الصواريخ الجديدة تلك حصلت عليها وزارة البشمركة من "إيران ضمن مساعدات من دون مقابل وصلت نهاية الشهر الماضي إلى أربيل".
وقال مسؤول كردي رفيع في الوزارة لـ"العربي الجديد"، إن هذه نوعية جديدة من الصواريخ تختلف عن صواريخ الغراد المستعملة من قِبل "داعش" والتي كانت ملكاً للجيشين السوري والعراقي، كاشفاً أن "أسلحة جديدة وصلت إلى الإقليم ستُرجّح الكفة خلال أيام".
من جهته، توعّد تنظيم "داعش" برد وصفه بالموجع على الهجوم الصاروخي، وقال في بيان نشرته حسابات تابعة له على موقع "تويتر": "في عدوان سافر جديد يقوم به التحالف الصليبي العلماني ضد المسلمين، قامت مليشيات البشمركة الكردية مساء هذا اليوم بقصف المسلمين الآمنين، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المسلمين، ونحن إذ ندعو بالرحمة لمن توفاه الله وبالشفاء لمن أصيب، نتوعد مليشيات البشمركة الكردية العلمانية وأسيادهم بردٍّ موجع يقصم الظهر"، مضيفاً "تأتي هذه الجريمة بعد تكبّد قوات البشمركة المدعومة بالطيران الصليبي خسائر هائلة في الأرواح والمعدات وخسارة عدد من الضباط والقياديين في مختلف الجبهات".
وكشفت مصادر محلية في مدينة الموصل لـ"العربي الجديد"، أن "داعش" حشد المئات من مقاتليه أمس الأحد مع وصول أعداد كبيرة إلى الموصل قادمين من سورية.
وقال الزعيم القبلي البارز في الموصل فرحان مجول لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم "نقل آليات عسكرية ومقاتلين، وجمعهم في مناطق خارج الموصل على حدودها الشمالية والشرقية، وهناك احتمال كبير أن يشنّ هجوماً مضاداً على البشمركة رداً على هجوم السبت".
وأضاف مجول "بتنا نعرف جيداً أن هناك شيئاً سيحدث، فداعش استقدم مقاتلي كتيبة أبو دجانة الأنصاري، وهي بمثابة قوات الكوماندوس في الجيوش النظامية، وقام التنظيم بجمعهم في كل مكان واعتقد أنه غاضب جداً". وقال إن "جميع الانتصارات التي حققتها القوات الكردية على داعش كانت بدعم جوي من التحالف الدولي وبشكل يبدو أكبر مما تقدّمه للقوات العراقية المتمثلة بالجيش أو المليشيات المسلّحة".
كما ذكر شهود عيان أن "عملية تشييع جماعية لضحايا مدنيين سقطوا نتيجة القصف الكردي على الموصل ردد خلالها مواطنون هتافات مناهضة لقوات البيشمركة والتحالف الدولي".