كشفت وكالة "أسوشييتد برس"، اليوم الأربعاء، عن صفقة تبادل بين أميركا وفنزويلا تفرج بموجبها واشنطن عن حليف للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مقابل إفراج كاراكاس عن 36 شخصاً، بينهم 12 أميركياً.
وقال مصدر فنزويلي رفيع للوكالة إن حليف مادورو الذي ستشمله الصفقة هو رجل الأعمال الكولومبي، المتحدّر من أصول لبنانية، أليكس صعب، والذي قامت الرأس الأخضر بتسليمه إلى الولايات المتحدة عام 2021.
ووفق المصدر، فإنّ من بين الفنزويليين الذين سيتمّ الإفراج عنهم، 20 مسجوناً منذ بعض الوقت، في حين تمّ اعتقال أربعة أخيراً لتورطهم إمّا في حملة المرشحة الرئاسية المعارضة كورينا ماتشادو، أو في تنظيم الانتخابات التمهيدية للمعارضة في أكتوبر/ تشرين الأول.
ويقول المدعون الأميركيون إن صعب اختلس نحو 350 مليون دولار من فنزويلا عبر الولايات المتحدة، في مخطط تضمّن رشوة مسؤولين حكوميين فنزويليين.
وقال مسؤولون أميركيون، بحسب "فرانس برس"، إن الرئيس جو بايدن اتخذ "القرار الصعب جداً" بالإفراج عن أليكس صعب، الذي كان مقرباً من الرئيس الاشتراكي، وتتهمه الولايات المتحدة بغسل الأموال لصالحه.
وأكد بايدن في بيان أن الأميركيين العشرة "عائدون إلى الديار".
وذكر البيت الأبيض أسماء أربعة من الأميركيين المفرج عنهم هم، جوزيف كريستيلا، وإيفين هيرنانديس، وجيريل كينيمور وسافوي رايت.
بدوره، اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إفراج الولايات المتحدة عن صعب "انتصارا للحقيقة".
وقال مادورو، الذي استقبل صعب في القصر الرئاسي في كراكاس: "أريد أن أرحب بهذا الرجل الشجاع (...) بعد 1280 يوما من الاحتجاز، انتصرت الحقيقة".
واتُهم صعب غيابياً بغسل الأموال، في يوليو/تموز 2019، في محكمة في ميامي، وذلك بعد أن اتهمته وزارة الخزانة الأميركية بذلك.
وقال وزير الخزانة في ذلك الحين، ستيفن منوتشين: "تعامل أليكس صعب مع المحيطين بمادورو على إدارة شبكة فساد واسعة النطاق، استخدموها بقسوة لاستغلال السكان الجائعين في فنزويلا". وأضاف: "إنهم يستخدمون الطعام كشكل من أشكال الرقابة الاجتماعية، لمكافأة المؤيدين السياسيين ومعاقبة المعارضين، وفي نفس الوقت يكسبون مئات الملايين من الدولارات من خلال عدد من المخططات الاحتيالية".
واعتبر الأميركيون أن صعب عمل مع أبناء مادورو، والتر ويوسر ويوسوال، المعروف باسم "لوس تشاموس"، وهي كلمة عامية لـ"الأطفال"، من أجل الوصول إلى المسؤولين الحكوميين، حتى يتمكن من تأمين العقود الحكومية من خلال الرشى. وكان عمل صعب بدأ مع الحكومة الفنزويلية في عام 2009، عندما فاز مع شريكه التجاري، ألفيرو بوليدو، بعقد حكومي مبالغ فيه، لبناء 25 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المنخفض بثلاثة أو أربعة أضعاف تكلفة البناء الأصلية. والتقى صعب بيوسوال في عام 2011، الذي عرّفه على مادورو ونائب الرئيس السابق طارق العيسمي.
ومع تدهور الوضع الغذائي في عام 2016، مُنح صعب وبوليدو عقداً حكومياً في إطار اللجان المحلية للإمداد والإنتاج "برنامج كلاب"، لاستيراد الغذاء إلى السكان الجائعين في فنزويلا. لكن صعب وبوليدو استغلا الشركات الوهمية لاستيراد جزء بسيط من الحصص الغذائية، محققين أرباحاً ضخمة.
وأفادت الخزانة الأميركية بأن الحكومة كانت تدفع مسبقاً للشركات الوهمية، التي كانت تقوم برشوة المسؤولين الحكوميين، ثم ترسل جزءاً من الأموال إلى السياسيين وعائلاتهم وشركائهم، عبر استخدام حسابات خارجية. في المقابل، كانت الشركات الوهمية ترسل فواتير مزيفة عن الأغذية المشتراة. ولأن المخطط كان مربحاً للغاية، بدأت الحكومة الفنزويلية، في عام 2018، في استخدام موارد الذهب لدفع تكاليف "كلاب" والعقود الحكومية الأخرى، فضغطت على عمال المناجم لبيع الذهب بسعر رسمي بدلاً من سعر السوق السوداء. ووفقاً للخزانة الأميركية، فإن نقل الذهب كان يتمّ جواً إلى الإمارات وتركيا، وكانت شركة "مالبري"، العائدة لصعب في تركيا، تساهم في تسهيل المدفوعات لبيع الذهب والبضائع إلى العملاء الفنزويليين. وهو ما دفع واشنطن لتفرض عقوبات على صناعة الذهب الفنزويلية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.