صدمة في الجزائر بعد تصريحات أويحيى عن سبائك الذهب.. بلد كان بيد عصابة

10 يناير 2021
أحمد أويحيى رئيس الحكومة الجزائرية السابق (العربي الجديد)
+ الخط -

أثارت الاعترافات الخطيرة التي أدلى بها رئيس الحكومة الجزائرية السابق، أحمد أويحيى، عن تلقيه 60 سبيكة ذهبية هدية من خليجيين، أسئلة كثيرة عن مستوى الفساد والعبث السياسي الذي كانت تدار به البلاد خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إذ أجمعت كل التحليلات والقراءات لهذه التصريحات على أنها مؤشر آخر على تحلل الدولة والمستوى المستشري للفساد ونهب المال العام وتوظيف السلطة لجمعها.

وكتب رئيس حركة البناء الوطني والمرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة تغريدة جاء فيها: "في كل محاكمات رموز العصابة للنظام السابق، من كبار المسؤولين ورجال الأعمال، نصعق بهول وحجم الفساد الذي طبع تسيير الشأن العام الوطني واستنزاف أموال طائلة نخرت مقدرات الشعب الجزائري، إننا في حركة البناء الوطني ما زلنا عند إلحاحنا بوجوب العمل لاسترجاع أموال الشعب المنهوبة أينما كانت".

ويعتقد الناشط الحقوقي البارز  عبد الغني بادي أن تصريحات أويحيى تقدم نموذجا لذهنية موظفي السلطة، مشيرا إلى أن "النظام نفسه الذي صنع أويحيى وربّاه على الطاعة والولاء ليحمي نفسه به؛ هو الذي لفظه عندما تأكد أن صلاحيته انتهت وعهده تآكل... النظام وعلى مدى سنوات استنسخ  الآلاف من نماذخ أخرى مشابهة لأويحيى، في كل ولاية ودائرة، وفي القضاء، وكل قطاع اقتصادي واجتماعي".

وكان أويحيى قد أقرّ، خلال استجوابه السبت في مجلس قضاء الجزائر، بأنه تلقى ما مجموعه 60 سبيكة ذهبية، على غرار  كثير من المسؤولين في الدولة، من أمراء وقادة دول، للترخيص لهم لصيد الحبار والغزلان في الصحراء الجزائرية، وأكد أنه قام ببيع تلك السبائك في السوق السوداء للعملة في العاصمة الجزائرية، مشيرا إلى أنه لم يكن يريد أن يعلن عن هذه المعلومات سابقا لعدم تعريض مصالح البلاد للخطر ، في سياق تبرير مبالغ باهظة وجدت في حساباته.

أويحيى أقرّ بأنه تلقى ما مجموعه 60 سبيكة ذهبية، على غرار  كثير من المسؤولين في الدولة، من أمراء وقادة دول، للترخيص لهم لصيد الحبار والغزلان في الصحراء الجزائرية

ونشر الأستاذ الجامعي والكاتب المتخصص في الشوون السياسية، رضوان بوجمعة، نصا طويلا، تعليقا علي تصريحات أويحيى، وقال إنها "مؤشر كاف على أن الإنصات لمطالب الحراك بالتغيير الجذري والشامل لمنظومة الحكم، أصبح مستعجلا أكثر من أي وقت مضى، لأن من أسمتهم أجهزة البروباغندا زورا برجال الدولة دمروا كل شيء، بل أصبحوا يعرضون الجزائر لكل المخاطر".

وكتب المحامي عبد الرحمن صالح في تعليقه على تصريحات رئيس الحكومة السابق: "في التشريعات الحديثة، يلزم المسؤولون إذا أرادوا الاحتفاظ بالهدايا التي يتحصلون عليها بمناسبة مهامهم أن يدفعوا قيمة هذه الهدايا للخزينة العمومية، لأنه لولا مناصبهم لما وصلت إليهم".

وأضاف أن ما ما صرّح به أويحيى يفسّر "استمرار سوق السكوار (سوق غير شرعي للعملة وسط العاصمة الجزائرية) في العمل تحت سمع وبصر محكمة سيدي امحمد، كما أنه يدين أيضا الأجهزة المكلفة بالرقابة، التي يبدو أنها طوال الوقت كانت مشغولة بمطاردة حركة بركات (كفاية) وتتبع المعارضين، بدلا من أن تعمل على وقف نهب المال العام... لا يوجد أي معنى لمحاكمات الفساد ما لم تتطرق إلى الفشل والشلل الذي ميز عمل الأجهزة المكلفة بالرقابة".

واعتبر الكاتب زواغي الغالي تصريحات أويحيى الأخيرة بأنها تعطي صورة مروعة حد الفجيعة عن درجة الفساد والهوس بالسلطة والمال والنفوذ، التي لازمت صناع القرار في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، و"الذي اتسم بفساد نسقي ومهيكل تموضع في جميع مفاصل الدولة ورؤوس مؤسساتها، في غياب أدنى مساءلة قانونية تكبح شهوة اللصوصية الرسمية لدى رموز الفساد، هؤلاء الذين حولوا الرئاسة إلى مغارة علي بابا؛ أين تجمع فيها سبائك (اللانغو) والمغانم والهدايا التي لا نعرف ما الذي قدموه كمقابل لها".

المساهمون