اشتبك النظام السوري وحليفته المقربة روسيا مع الولايات المتحدة ودول أخرى، يوم الثلاثاء، بشأن مبادرة غربية لتعليق حقوق التصويت لسورية في منظمة مراقبة الأسلحة الكيميائية العالمية لفشلها في تقديم تفاصيل عن ثلاث هجمات الكيميائية في عام 2017، ألقى المحققون باللوم فيها على حكومة بشار الأسد.
وبدأت المواجهة في مجلس الأمن الدولي عندما اجتمعت الدول الأعضاء، البالغ عددها 193 في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي بهولندا في إبريل/ نيسان الماضي، للنظر في إجراء صاغته فرنسا نيابة عن 46 دولة لتعليق حقوق وامتيازات سورية في المنظمة.
كان الاقتراح الفرنسي ردا على فشل النظام السوري في الوفاء بمهلة 90 يوما التي حددها المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في يوليو / تموز لدمشق للإعلان عن تفاصيل بشأن هجوم غاز الأعصاب السارين والكلور، والذي قال محققو المنظمة في إبريل/ نيسان الماضي إن قوات النظام السوري أسقطته في وسط مدينة اللطامنة أواخر مارس/ آذار 2017.
وتعكس الجهود الغربية جهدًا أوسع بكثير للحصول على المساءلة عن الهجمات الكيميائية السورية وتسليط الضوء على المزاعم بأن نظام الأسد يواصل سراً برنامجه للأسلحة الكيميائية .
انضمت سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في سبتمبر/ أيلول عام 2013، بضغط من روسيا، بعد هجوم دموي بالأسلحة الكيميائية اتُهمت دمشق بالوقوف وراءه.
بحلول أغسطس/ آب 2014، أعلنت حكومة النظام السوري أنها أكملت تدمير أسلحتها الكيميائية. لكن الإعلان الأولي عن مخزونات النظام الكيميائية ومواقع إنتاج الأسلحة الكيميائية ظل محل نزاع.
وقالت سفيرة أيرلندا لدى الأمم المتحدة، جيرالدين بيرن ناسون، وهي عضو جديدة في المجلس: "من المزعج للغاية أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ما زالت غير قادرة على تحديد ما إذا كان الإعلان الأولي دقيقًا أم كاملاً بسبب الثغرات والتناقضات. المشاكل ليست بسيطة كما قد يصورها البعض"، في إشارة إلى روسيا.
وأضافت: "خلال تلك السنوات السبع، زاد عدد القضايا التي تحتاج إلى معالجة من خمسة إلى 19. تم إجراء 17 تعديلاً على إعلان سورية، بما في ذلك إضافة منشأة إنتاج، وأربعة مراكز بحث وتطوير، ومضاعفة كمية المواد الكيميائية المعلنة".
إضافة إلى ذلك، قالت إن هناك قضايا تتعلق بـ"مئات الأطنان من العناصر المفقودة والذخائر التي تم الإبلاغ عن تدميرها قبل انضمام سورية إلى الاتفاقية الكيميائية، وكذلك التقارير التي انتشرت مؤخرا عن منشأة إنتاج أعلنت دمشق أنها لم تستخدم أبدًا، حيث يوجد دليل واضح على عكس ذلك".
انضمت سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية في سبتمبر/ أيلول عام 2013، بضغط من روسيا، بعد هجوم دموي بالأسلحة الكيماوية اتُهمت دمشق بالوقوف وراءه
كما أعربت السفيرة النرويجية منى يول، العضو الجديدة في المجلس أيضا، عن قلقها إزاء فشل سورية في شرح ماهية مادة كيميائية - لم تذكر اسمها - يمكن استخدامها في أسلحة كيميائية، ولكن لها أيضًا استخدامات غير مسلحة، وتم رصدها في مرافق "برزة" التابعة للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية.
اتهم نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنهم "عديمو الضمير" وزعم أنهم استخدموا "التزوير" و "التلاعب" لإلقاء اللوم على سورية. ووصف المنظمة بأنها "مريضة للغاية بالتسييس".
واتهم بوليانسكي عددًا من الدول التي لم يذكر أسماءها بـ "لعب هذه" الورقة الكيميائية" لتكثيف الضغط على النظام السوري.
أما بالنسبة للإعلان السوري الأولي، فقال بوليانسكي إن دمشق ليست "حالة استثنائية"، مشيرًا إلى التصريحات المعدلة من قبل الدول الغربية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، وكذلك ليبيا، واتهم الوفود الغربية بمحاولة "تضخيم الغضب" بشأن سورية.
أعرب السفير الفرنسي نيكولا دي ريفيير عن أسفه إزاء "الاتهامات الكاذبة لأولئك الذين يسعون إلى تشويه سمعة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" وما توصلت إليه من نتائج بشأن الهجمات السورية.
قال: "هناك ببساطة حقيقة الحقائق، وكلنا نعرفها: النظام استخدم أسلحة حرب يحظرها القانون الدولي ضد شعبه، ومنذ ذلك الحين يبدو أن الأسلحة الكيميائية عادت إلى الظهور وأصبحت شائعة في سورية وأماكن أخرى".
من جانبها، قالت السفيرة البريطانية باربرا وودوارد إن محققي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بمفردهم وفي البداية مع فريق من الأمم المتحدة، قرروا أن سورية استخدمت أسلحة كيميائية في ست مناسبات على الأقل.
وقالت: "هذه ليست قضايا افتراضية لآلاف المدنيين السوريين الذين عانوا الآثار المروعة على أجسامهم من غازات الأعصاب والكلور".
واتهم نائب وزير الخارجية في حكومة النظام السوري والسفير السابق للأمم المتحدة، بشار الجعفري ، بعض الدول الغربية التي لم يذكر أسماءها باستخدام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية "كمنصة لتلفيق الادعاءات ثم تبرير الهجوم والعدوان على سورية".
وقال إن الهدف هو "تأطير الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيميائية وتبرئة الإرهابيين والجهات الراعية لهم... ومنحهم الوسائل اللازمة للهروب عبر منطقة الجولان المحتلة عبر إسرائيل إلى عواصم دول غربية، حيث يمكنهم العيش ".
وقال بوليانسكي إن حكومة دمشق لا تستطيع تلبية مطالب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المعادية لسورية بشأن اللطامنة لأنها "ببساطة لا تمتلك" الأسلحة الكيميائية والمنشآت التي تسعى المنظمة للحصول عليها.
وقال: "نأمل أن ترفض غالبية الوفود في مؤتمر الدول الأعضاء في أبريل/ نيسان هذا الاستفزاز، ولن يمر القرار الذي بادر إليه الغرب، والذي يعد عقابيًا بطبيعته".
وقال نائب السفير الأميركي، ريتشارد ميلز ، إن مجلس الأمن والعالم لن "ينخدعا" بحملة روسيا المتسارعة لتشويه سمعة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وحث أعضاء المجلس على دعوة جميع الدول إلى دعم المشروع الفرنسي ضد سورية في أبريل "بهدف تعزيز مساءلة نظام الأسد عن تصرفاته".
وقال: "حان الوقت للسماح للشعب السوري، بل ولشعوب العالم كافة، بالعيش في عالم خالٍ من تهديد الأسلحة الكيميائية".
(أ ب)