ذكرت صحيفة مقرّبة من النظام السوري، اليوم الأربعاء، أن افتتاح السفارة السعودية في دمشق بات وشيكا بعد عودة العلاقات الدبلوماسية في العام الفائت، إثر قطيعة دامت لأكثر من عقد، تشير المعطيات السياسية إلى أن أسبابها لم تتبدل.
والتقى الثلاثاء في مقر وزارة الخارجية السعودية في الرياض، سفير النظام في السعودية أيمن سوسان مع وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، وفق صحيفة "الوطن" التابعة للنظام التي قالت إن اللقاء "يأتي في سياق تطور علاقات البلدين المتسارع في أعقاب تعيين سورية سفيراً لها في المملكة، وتحضيرات الرياض لعودة افتتاح السفارة السعودية في دمشق".
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي عربي بدمشق قوله إن افتتاح السفارة السعودية في دمشق "سيتم قريباً"، وأن التحضيرات لافتتاحها ستبدأ خلال الأيام القادمة، على أن يتولى قائم بالأعمال رئاسة البعثة إلى حين تعيين سفير.
وكانت سفارة النظام في السعودية استأنفت عملها في الشهر الفائت فور تقديم سوسان أوراق اعتماده، وعادت الخدمات القنصلية كالمعتاد، لتقديم الخدمات للسوريين المقيمين في المملكة والمقدر عددهم بنحو المليون حسب الأرقام المتداولة.
إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق: استمرار للانعطاف السعودي
ويعتقد مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد" محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق "استمرار للانعطاف السعودي نحو النظام، بعد التفاهم الإيراني السعودي، الذي تم توقيعه في الصين في مارس/آذار من العام الفائت".
وتابع سالم: "يبدو أن التطبيع بين نظام بشار الأسد والسعودية مرتبط بتفاهمات بين الرياض وطهران، أكثر من ارتباطه بالتزامات يفي بها النظام السوري في ما يتعلق بالمخدرات أو الحل السياسي، لأنه من الواضح أن النظام السوري لا يقدم أي تنازلات في هذه الملفات".
وأشار إلى أن "نظام الأسد سحب اعترافه بحكومة الحوثيين في اليمن وطلب من ممثليه مغادرة السفارة اليمنية في دمشق، في أكتوبر/تشرين الأول الفائت مقابل الانفتاح السعودي تجاهه".
وكان النظام السوري سلم السفارة اليمنية في دمشق للحوثيين عام 2015، بعدما قاطعت الحكومة اليمنية النظام السوري عام 2011 احتجاجاً على المجازر التي ارتكبها ضد شعبه، الأمر الذي رفضته الحكومة اليمنية واعتبرت أنه مخالف للمواثيق والأعراف الدولية.
وأعلنت السعودية في مايو/ أيار من العام الفائت استئناف العلاقة الدبلوماسية مع النظام السوري بعد قطيعة بدأت في مارس/ آذار عام 2012، عندما أغلقت المملكة سفارتها في دمشق بسبب تعنّت النظام ورفضه التجاوب مع الجهود العربية لحل الأزمة.
ونشطت السعودية بعد ذلك في دعم المعارضة السورية من خلال "الائتلاف الوطني السوري" الذي كان قد تشكل في عام 2012. ودفعت الرياض هيئات ومجالس وتيارات المعارضة السورية إلى عقد اجتماع في المملكة أواخر عام 2015، عُرف بـ"الرياض 1"، انبثقت منه "الهيئة العليا للمفاوضات" التي تشرف على التفاوض مع النظام.
وفي نهاية عام 2017، دعت وزارة الخارجية السعودية لاجتماع "الرياض 2"، الذي استبعد ألمع شخصيات المعارضة، وأبرزها رياض حجاب، الذي كان قد ترأس "الهيئة العليا للمفاوضات" في دورتها الأولى.
وفي مطلع عام 2021، تفاقمت الخلافات داخل "هيئة التفاوض"، وهو ما دفع الجانب السعودي إلى "تعليق عمل موظفي الهيئة"، التي تتخذ من الرياض مقراً لها منذ تأسيسها عام 2015. وتبدل الموقف السعودي تجاه النظام في بداية العام الفائت، حيث كان للرياض الدور الأهم في تعويم هذا النظام عربيا من خلال إعادته إلى الجامعة العربية في القمة التي عقدت في مدينة جدة في مايو/أيار من العام الفائت، وحضرها رأس النظام بشار الأسد.
ولم يتعامل النظام بإيجابية مع مبادرة عربية جديدة طُرحت في العام الفائت لفك طوق العزلة عنه، وتطبيع العلاقات معه، تقوم على مقاربة جدية لعدة ملفات، ولا سيما ملف المخدرات أو عودة اللاجئين، وحل سياسي، يتماهى مع قرار مجلس الأمن 2254.