طالب إعلاميون سوريون وكتاب صحافيون وكالة "رويترز"، بالالتزام بالمعايير المهنية، ومواثيق الشرف الإعلامية خلال تغطيتها الأحداث في سورية، "بعد انحيازها بشكل كامل، والذي تجلّى واضحاً خلال معركة تحرير مشفى جسر الشغور في محافظة إدلب شمال غربي سورية".
وأطلق صحافيون يعملون في وسائل إعلامية عربية وأجنبية، من داخل سورية وخارجها، أمس الثلاثاء، عريضة احتجاجية بحق وكالة الأنباء البريطانية، وتمّ نشر العريضة على وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مرفقةً بدعوة الصحافيين السوريين للتوقيع.
وجاء في العريضة "أوردت وكالة "رويترز" للأنباء بتاريخ 24 مايو/أيار الجاري خبراً تحت عنوان "الجيش السوري يقتل 300 مسلح لتحرير جنود في إدلب"، تضمّن نقلاً حرفياً لما ذكره التلفزيون الرسمي السوري بشأن الأحداث، التي شهدها مستشفى مدينة جسر الشغور قبل يومين من هذا التاريخ".
"قدّمت الوكالة لمتابعيها، هذا الخبر بوصفه حقيقة، فهي لم تشر إلى الرواية الأخرى التي نقلتها مصادر سورية عدة، دأبت "رويترز" على أن تستقي أخباراً منها، فهل لدى الوكالة ما يؤكد تلك الرواية الرسمية من أرقام وأسماء وصور، وإذا كان لديها فلماذا لم تنشرها، وإذا لم يكن لديها، فلم لم تذكر أنها "لم تستطع التأكد من هذا الخبر عبر مصادر مستقلة"، كما تقتضي المعايير المهنية المعمول بها في الوكالة نفسها، خصوصاً أن "رويترز" تعرف جيداً أن التلفزيون الرسمي السوري غير مستقل تحريرياً، وخاضع كلياً للسلطات السورية"، بحسب العريضة.
وأضافت العريضة التي وقع عليها عشرات الصحافيين والكتاب بُعيد نشرها بساعات "لقد بدا هذا الخبر على "رويترز" أقرب إلى بيان دعائي فجّ للنظام السوري، وغابت عنه أبسط المعايير المهنية التي تعتمدها الوكالة في كل أخبارها. للأسف الشديد، فقد تكررت هذه الممارسات في "رويترز" أكثر من مرّة، فباتت أخبارها المتعلقة بالشأن السوري تتسم بكثير من الانحياز لمصلحة الرواية الرسمية، من حيث التوصيفات المستخدمة، وكذلك في مضامين تلك الأخبار، بعيداً عن المعايير المهنية الصارمة التي تعتمدها الوكالة".
اقرأ أيضاً: سوريّة تأكل من القمامة... مادة إعلانية مأجورة في تركيا
وختمت العريضة "نحن، الموقّعين على هذه العريضة، نعرب عن احتجاجنا الشديد على السياسة التحريرية لوكالة "رويترز" المتعلقة بالشأن السوري، ونطالبها بالالتزام بالمعايير المهنية، ومواثيق الشرف المهني التي ألزمت بها الوكالة صحافييها ومحرريها طيلة عقود من تاريخها".
ويقول الكاتب الصحافي، ميخائيل سعد، وهو أحد الموقعين على العريضة "لم أستغرب سلوك وكالة "رويترز" للأنباء في تحيزها لنظام القتل الأسدي، أثناء تغطيتها للأخبار، ولكنني استهجنت درجة البعد عن الموضوعية والوقاحة في تغطية أخبار مشفى جسر الشغور.
ويضيف الكاتب سعد لـ"العربي الجديد" "في الحقيقة أنا أعرف بعض الأمور مع بدايات وكالات الأنباء في إرسال صحافييها إلى حلب، فقد كان يرافق بعضهم للترجمة أحد الأصدقاء العاملين مع الثورة، وكان هذا الشخص يعرف ما يريده المجتمع الغربي، لأنه عاش هناك أكثر من عشرين عاماً، لذلك كان يقود الصحافيين الغربيين إلى المواقع التي يجب نقل ما يجري فيها إلى صحفهم ووكالاتهم، ولكن كان يكتشف دائماً أن ما نشر ليس ما عرضه عليهم، وعندما سأل أكثر من واحد، كان الجواب واحداً: الصحف تختار ما يناسب سياستها وما يناسب قراءها والحقيقة أن هذه المؤسسات وحكوماتها كانت منحازة منذ البداية إلى جانب نظام القتل الأسدي، لأسباب أضحت معروفة للجميع. لذلك لم أستغرب سلوك وكالة "رويترز"، ولكن استهجنت وقاحته وبعده الكامل عن الحد الأدنى من الموضوعية".
اقرأ أيضاً: الفنّ السوري: من هنا كانت البداية
أما الإعلامي فؤاد عبد العزيز، فيقول "أنا لا أستطيع أن أتهم الإعلام الغربي بالانحياز المطلق للنظام، أو بأنه بدأ يغير سياسته اتجاه الحدث السوري، لأن الذي تغير هو الحدث ذاته، دخول "داعش" على الخط وبكل هذه القوة، برأيي شوّه هوية الثورة السورية، بالإضافة إلى أن سيطرة التسميات الإسلامية على التشكيلات التي تقاتل النظام، جعل الحدود غير واضحة بينها وبين التنظيمات المتشددة، كداعش والنصرة بالنسبة لهذا الإعلام.
ويضيف لـ"العربي الجديد" "مأخذنا على الإعلام الغربي هو في بعض التغطيات الإخبارية التي تفتقد الحيادية والموضوعية، للأسف لقد أثبت الإعلام الغربي بأنه غير قادر على أن يكون محايداً وموضوعياً عندما يكون أحد طرفي الصراع يحمل طابعاً إسلامياً، وأعتقد أن هذا مرده في كثير من جوانبه إلى أن قصة الإسلام المتشدد هي اليوم من المواضيع المثيرة للجمهور الغربي، لذلك أنا أقرأ هذا الانحياز على أنه أحياناً يأتي من أجل تحقيق المزيد من الإثارة والمتابعة لجمهوره".
اقرأ أيضاً: "رويترز" ممنوعة في الصين؟
ويختم الإعلامي عبد العزيز "وأما ما يقال عن أن هناك محاولة من هذا الإعلام، لإعادة تأهيل وإنتاج نظام الأسد، أعتقد أن هذا الكلام فات أوانه منذ ثلاثة أعوام على الأقل... الثورة السورية تجاوزت هذا الأمر تماماً... ليس الإعلام فحسب، بل حتى القوة العسكرية لم تعد قادرة على إعادة تأهيل الأسد، والنظام ذاته اعترف أن العودة إلى الوراء باتت مستحيلة".