شي يدعو قبيل زيارته إلى موسكو لنهج "عقلاني" للخروج من أزمة أوكرانيا

20 مارس 2023
يبدأ شي اليوم زيارة إلى روسيا تستمرّ 3 أيام (Getty)
+ الخط -

أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الإثنين، إلى أن اقتراح بكين بشأن كيفية التوصل إلى تسوية في أوكرانيا، يعكس وجهات نظر عالمية، ويسهم في تفادي عواقب الأزمة، لكنه أقرّ بأن الحلول قد لا تكون سهلة، في وقت أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العلاقات الروسية-الصينية "في ذروتها".

وفي مقال نُشر في مستهل زيارته لموسكو، وهي الأولى من نوعها لزعيم عالمي منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين، دعا شي أيضاً إلى تبني نهج "براغماتي" بشأن أوكرانيا.

وكتب شي في مقال نُشر باللغة الروسية بصحيفة "روسيسكايا غازيتا" اليومية التي تصدرها الحكومة الروسية، أن اقتراح الصين، وهو ورقة من 12 نقطة أصدرتها الشهر الماضي، يمثل "أكبر قدر ممكن من وحدة وجهات نظر المجتمع الدولي"، مضيفاً: "الوثيقة بمثابة عامل بناء في تفادي عواقب الأزمة ودعم التسوية السياسية. المشاكل المعقدة ليست لها حلول بسيطة".

وكتب شي أن الحل السلمي للوضع في أوكرانيا من شأنه أن "يضمن أيضاً استقرار الإنتاج العالمي وسلاسل التوريد". ودعا إلى "نهج عقلاني" للخروج من الأزمة، والذي يمكن "التوصل إليه إذا استرشد الجميع بمفهوم الأمن الجماعي، والشامل، والمشترك، والمستدام، والاستمرار في الحوار والمشاورات بنوع من المساواة والحكمة والبراغماتية".

ولفت شي إلى أن زيارته لروسيا تهدف إلى تعزيز الصداقة بين البلدين، و"شراكة شاملة وتفاعل إستراتيجي" في عالم تهدده "أفعال التسلط والاستبداد والتنمر".

وكتب: "لا يوجد نموذج عالمي للحكومة ولا يوجد نظام عالمي تكون فيه الكلمة الفصل لدولة واحدة... التضامن العالمي والسلام بدون انقسامات واضطرابات مصلحة مشتركة للبشرية جمعاء".

ويسعى شي إلى تقديم الصين كصانع سلام عالمي، وإبرازها كونها قوة عظمى مسؤولة. وفي العلن، تلتزم الصين الحياد في الصراع الأوكراني، بينما انتقدت العقوبات الغربية ضد روسيا، وأعادت تأكيد علاقاتها الوثيقة مع موسكو.

وقالت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في الآونة الأخيرة، إن الصين تدرس إمداد روسيا بالأسلحة، وحذرا بكين من مثل هذه الخطوة. ونفت الصين ذلك.

بوتين: العلاقات الروسية-الصينية "في ذروتها"

إلى ذلك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد، أن العلاقات الروسية-الصينية "في ذروتها"، عشية زيارة شي إلى روسيا.

وجاء في مقالة كتبها الرئيس الروسي لصحيفة صينية نشرها الكرملين، أن "العلاقات الروسية-الصينية بلغت ذروتها التاريخية، وتزداد رسوخاً"، مؤكداً أن نوعية الروابط بين موسكو وبكين "تفوق نوعية الاتحادات السياسية والعسكرية التي كانت قائمة إبان الحرب الباردة".

وشدّد سيّد الكرملين على أن "لا حدود ولا مواضيع محظورة" في العلاقات بين موسكو وبكين.

وأكد الرئيس الروسي أن "الحوار السياسي صريح إلى أقصى حدّ، في حين أن تعاوننا الاستراتيجي أصبح شاملاً ودخل حقبة جديدة".

واعتبر أن "العلاقات الصينية هي اليوم حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي والعالمي، وهي تحفّز النمو الاقتصادي، وتشكّل ضمانة لأجندة إيجابية في الشؤون الدولية".

وقال بوتين إنه في ظل الظروف التي تنتهج فيها الولايات المتحدة سياسة "الردع المزدوج" لروسيا والصين، فإن موسكو وبكين "تعملان على إنشاء نظام أمني عادل ومنفتح وشامل وغير موجه ضد دول أخرى على الصعيدين الإقليمي والعالمي".

كما ندد بمحاولات حلف شمال الأطلسي لتوسيع نفوذه، قائلاً إن "الناتو" يضع منطقة آسيا والمحيط الهادئ نصب عينيه، لافتاً إلى أن "بعض القوى تسعى بإصرار" إلى تقسيم "الفضاء الأوراسي في أندية حصرية، وتكتلات عسكرية، تهدف إلى كبح تنمية بلداننا وتقويض مصالحنا"، "لكن أحداً لن يتمكن" من تحقيق ذلك، وفق قوله.

وقال بوتين "نعوّل كثيراً على المحادثات المقبلة" مع شي، مؤكداً أنه واثق من أنها "ستعطي دفعاً قوياً لمجمل التعاون الثنائي".

وبحسب الرئيس الروسي، سيشكّل اللقاء مع شي الذي يصل اليوم الإثنين إلى موسكو في زيارة تستمر ثلاثة أيام، مناسبة له "لرؤية صديق قديم" تربطه به "علاقات وطيدة".

الكرملين يتّهم الولايات المتحدة بتأجيج أعمال العنف

وأعلن الكرملين، اليوم الإثنين، أن الرئيس الصيني ونظيره الروسي سيبحثان الخطة التي اقترحتها بكين لتسوية النزاع في أوكرانيا خلال قمّتهما في روسيا هذا الأسبوع، متهماً الولايات المتحدة بتأجيج أعمال العنف.

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين، إن "المواضيع الواردة في هذه الخطة (الصينية) حول أوكرانيا ستشكل جزءاً من المحادثات"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة تصرّ على مواقفها القائمة على مواصلة تأجيج النزاع، وعرقلة خفض حدة الأعمال الحربية، ومواصلة إغراق أوكرانيا بالأسلحة".

أوكرانيا تراقب الزيارة بقلق

وتترقب أوكرانيا بقلق زيارة شي، خشية أن تقرّر بكين، الحليفة الاستراتيجية لروسيا، في نهاية المطاف تسليم أسلحة لموسكو، وبالتالي التأثير على نتيجة الحرب.

وتلعب بكين دوراً محايداً، حيث لم تدن الهجوم الروسي ولم تدعمه علناً. وإذا كانت الصين تصرّ على احترام مبدأ وحدة أراضي أوكرانيا، فهي قدّمت أيضاً دعماً دبلوماسياً فعلياً لموسكو منذ بدء غزوها أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.

ويأمل الأوكرانيون بأن يساهم ضغط حلفائهم الغربيين على السلطات الصينية، في الحفاظ على هذا التوازن الهش.

وقال نائب مدير مركز التحليل الأوكراني "نيو يوروب" سيرغي سولودكي لوكالة فرانس برس، إنّ "توقعات أوكرانيا هي بالحدّ الأدنى: ألا تتدهور الأمور".

الموضوع حساس لدرجة أنّ السلطات الأوكرانية لا ترغب في التعليق علناً على هذه الزيارة المرتقبة من الاثنين إلى الأربعاء، والتي سيلتقي فيها الرئيسان الروسي والصيني مرتين على الأقل.

وقال مسؤول أوكراني كبير رافضاً الكشف عن اسمه لـ"فرانس برس"، إن "أوكرانيا ستتابع عن كثب هذه الزيارة". وأضاف "بالنسبة إلينا، من المهم أن تحافظ الصين على سياستها القائمة على الاحترام الثابت لوحدة أراضي دول أخرى"، بعدما أعلنت موسكو ضم خمس مناطق أوكرانية.

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون