شهر على الحرب: وقائع مستجدة

25 مارس 2022
الوقائع على الأرض لا تبدو في مصلحة بوتين (يوليا أوفسيانيكوفا/Getty)
+ الخط -

بعد شهر من الحرب الروسية على أوكرانيا، تزداد أثمان اتفاق أوروبا والولايات المتحدة، اقتصاداً ولجوءاً وسلاماً، على جعل مشوار موسكو أصعب بكثير من جملة "العملية العسكرية تسير وفق الخطة"، بل والأهم تحويل أوكرانيا إلى حائط صد.

بالطبع ليس كل ما يصدر عن أوروبا دقيقاً، ولكن تقديرهم كان صحيحاً بأن موسكو أرادتها حرباً "صاعقة"، تنصِّب فيها سريعاً حكومة موالية بدل تلك "النازية" في كييف، وهو ما كرره أيضاً الروس في الساعات الأولى، وهو ما فشل.

شكلت سردية الرئيس فلاديمير بوتين، قبل الحرب بيومين، أرضية لتوسيع مصداقية التقارير الغربية، على الأقل عند شعوبهم، حول "الطموحات التوسعية"، ما شكل ذخيرة لأجواء الشيطنة والقطع مع سياسات الماضي. 

الوقائع على الأرض، على الرغم من مفاوضات الجانبين الأوكراني والروسي، لا تبدو في مصلحة بوتين. فمغامرته العسكرية جعلت كثيرين في الغرب يتخلون عن حذرهم السابق.

وتحت سقف حلف شمال الأطلسي، عادت حيوية تحالف ضفتي الأطلسي، بل ووسع "الناتو" انتشاره وتعاونه مع دول من خارجه، بما يحيط بروسيا. وقدمت الحرب فرصة لبعض الضمانات للدول الصغيرة، في البلطيق وإسكندنافيا، على الأقل لناحية مقاومة التدخل العسكري الروسي، إن حدث.

عموماً، استغل الغرب الفرصة لبعث رسالة واضحة: لن نسمح بالتوسع لتحقيق طموحات قيصرية، حتى بتهديد بوتين استخدام السلاح النووي. في المقابل، وإذا كان الأوروبيون، والغرب عموماً، قادرين على تحمل التبعات، بما في ذلك "إغراق القارة" بأزمة لاجئين، وأزمة طاقة وغذاء، وخسائر اقتصادية كبيرة، فإن ما حذرت منه منظمة الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة، من أن "الجحيم لم تأت بعد"، ستطاول شعوباً ودولاً لا تملك سياسات غذائية استراتيجية. وذلك يعني المزيد من الفقر والجوع. وإذا لم يجر تنسيق عالمي لمواجهة الآثار، فذلك سيصب في مصلحة موسكو.

في كل الأحوال، وعلى الرغم من الأزمة الطاحنة، وحتى لو توقفت الآلة العسكرية الروسية في أوكرانيا، وبمعادلة "الحياد"، فإنه في سياق ما أسس له تدخّل الغرب لإعاقة أهداف موسكو، أصبحت النخبة الحاكمة في الكرملين في وضع لا تحسد عليه.

فعلى الرغم من مكابرتها، لا يبدو أنها كانت تتوقع أن ينفذ الغرب كل ما نفذه، على الأقل وفقاً لأغلبية القراءات الغربية، وبعض القراءات الروسية المتصلة. بالطبع، يحاول الغربيون الموازنة بين إفشال مخططات الكرملين وكوارث حصرهم في زاوية الإحباط واليأس، والتي تزايد بسببها التهديد بسلاح التدمير الشامل.

المساهمون