شهر على اعتقال راشد الغنوشي: سلطة قيس سعيد تتجاوز "الخطوط الحمراء"

18 مايو 2023
شهر على اعتقال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية (العربي الجديد)
+ الخط -

مع مضي شهر على اعتقال السلطات التونسية رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، البالغ من العمر 82 عاماً، جددت شخصيات معارضة تونسية المطالبة بإطلاق سراحه، ووجهت 150 شخصية دولية أكاديمية رسالة مفتوحة تطالب بإطلاقه مع بقية المعتقلين.

وكان الغنوشي اعتُقل، في 17 إبريل/ نيسان الماضي، على خلفية تصريح له في اجتماع لجبهة الخلاص، نهاية شهر رمضان، وُصف بأنه تحريض على الكراهية، حيث قال الغنوشي أن "إقصاء النهضة والإسلام السياسي أو اليسار أو أي عائلة فكرية عن المشهد السياسي في البلاد يمكن أن يقود إلى مشروع حرب أهلية".

واعتبر الباحث وعضو حراك "مواطنون ضد الانقلاب" زهير بن إسماعيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "اعتقال الغنوشي يعتبر مرحلة جديدة في مسار المواجهة بين ما يمكن تسميته بالحركة الديمقراطية والانقلاب"، مضيفاً أن "الغنوشي زعيم سياسي له مكانته وشهرته على المستوى الدولي".

وقال بن إسماعيل: "كان البعض يعتبر أن اعتقال الغنوشي خط أحمر في إطار توازنات تبدأ من الجزائر إلى بعض شركاء تونس، كالأمم المتحدة وفرنسا، ولكن يبدو أن ما يعتبره البعض خطاً أحمر جرى تجاوزه"، وأشار إلى أن "قيس سعيّد حاول تغيير العنوان إلى صراع بين النهضة والرئيس، أي بين منظومة ما يصفونه بالعشرية السوداء والمسار التصحيحي، ولكن هذا، وإلى حد الآن، لم يتحقق حتى باعتقال الغنوشي، حيث بقي الصراع أساساً بين الحركة الديمقراطية والانقلاب" .

وأكد بن إسماعيل أن "الاعتقالات التي حصلت في التسعينيات من القرن الماضي تختلف عن اعتقالات اليوم، ومنها اعتقال الغنوشي، فالنهضة اليوم وقياداتها هم جزء من الاتجاه العام، بينما في التسعينيات كانت جل القوى تتفرج رغم تعاطف البعض معهم، ولكن المشهد تغير اليوم".

وتابع: "ما فعله قيس سعيّد هو التدرج في الاستهداف، من ضرب المرجعية، أي الدستور، ثم ضرب أهم المؤسسات، وهي مجلس النواب، ثم استهداف القضاء، والآن وصل سعيّد إلى ضرب الحريات، لأنها ستمكن في وقت ما من إعادة التقييم والنظر في المسار ككل، وهذا الاستهداف كان بسبب عجز السلطة، ولأن الانقلاب لم يخرج إلى مرحلة ما بعد الانقلاب، فكأننا لا نزال في تاريخ 26 يوليو 2021"، موضحاً أن "الاعتقالات تقع في الأيام الأولى من الانقلاب".

وأكد مستشار رئيس حركة النهضة وعضو المكتب السياسي للحركة بلقاسم حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "مضى شهر على الاحتفاظ بالغنوشي والإبقاء عليه في حالة إيداع، ونائبا الغنوشي علي العريض ونور الدين البحيري هما أيضاً في السجن منذ أشهر، إلى جانب إيقاف قيادات أخرى من النهضة، ما يكشف الاستهداف الواضح للحركة ولقياداتها".

وأوضح حسن أن "المقر المركزي لحركة النّهضة لا يزال خاضعاً إلى غاية اليوم، ومنذ نحو شهر تقريباً، للتفتيش، ويمنع الاجتماع في جلّ المقار الجهوية للنهضة بقرار إداري وليس بقرار قضائي، وفي ذلك محاولة ضغط على الحركة، ونحن ننتظر إلى حين انتهاء عملية تفتيش المقر والعودة إلى ممارسة النشاط العادي".

وأكد عضو المكتب السياسي للنهضة أنه "مع كل ذلك، فليس هناك أي إرباك، لأن النهضة لديها قيادات ومكتب تنفيذي ومجلس شورى، وهي بصدد التعبير عن رأيها والتفاعل مع المستجدات في الساحة"، مشيراً إلى أن "النهضة تعتبر أن استعادة المسار الديمقراطي هي الحل والخلاص، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، مع ضرورة تنظيم حوار وطني شامل".

أما من حيث الدلالة السياسية لاعتقال الغنوشي، فرد المتحدث بأن "المشهد يسير نحو مزيد من الانفراد بالرأي، ولذلك هناك تمسك أكثر بالديمقراطية ومحاولة استئناف المسار"، مؤكداً أنه "سواء داخل حركة النهضة أو جبهة الخلاص، هناك تمسك بالشرعية وبكل الأشكال السلمية والقانونية لعودة الديمقراطية".

وقال عضو جبهة الخلاص الوطني عز الدين الحزقي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد مضي شهر على اعتقال الغنوشي، فإن المشهد زاد سوءاً، فتونس مرت من بلد يحترمه العالم وتُحترم فيه الحريات إلى بلد الاعتقالات، ويمكن اعتبار ذلك أكبر خطأ قام به الانقلاب"، مضيفاً أنه "من العار فعلاً وضع رئيس برلمان سابق في السجن فقط لأنه قال إنه يجب احترام جميع التونسيين من يسار إلى إسلام سياسي، وعدم جرهم إلى التطاحن".

وقال الحزقي إن "وضع الغنوشي في السجن يدل على أن من وضعه لا يملك أي رؤية، ولذلك هو قد يهدم كل شيء بالاعتماد على القوة الصلبة للدولة فقط لتنفيذ ما يريده ولاعتقال معارضيه"، مضيفاً أن "هناك فرقاً بين المعارضة التي تؤمن بالحوار والعمل السلمي، وتأمل عودة تونس إلى الديمقراطية، وبين من يريد بلداً تحت سلطة شخص واحد".

وكانت 150 شخصية دولية أكاديمية وجهت رسالة مفتوحة، أمس الأربعاء، تطالب بإطلاق سراح الغنوشي وبقية المعتقلين، وقالوا في الرسالة إن "تونس، التي كانت ذات يوم تمثل واحدا من أكثر مسارات التحول الديمقراطي الواعدة في المنطقة، تواجه هجوماً شرساً يهدد بإعادتها إلى عهود الديكتاتورية المظلمة".

وقالت الرسالة: "نحن الموقعين أدناه، من أكاديميين وشخصيات عامة، نعرب عن تضامننا مع السيد الغنوشي وجميع التونسيين الديمقراطيين الذين سجنوا أو حوكموا ظلماً وعدواناً، ونطالب السلطات التونسية بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين في تونس".

ومن الشخصيات الموقعة على الرسالة نعوم تشومسكي، وجون إسبوزيتو، وفرانسيس فوكوياما، وبرهان غليون، وفيليب شميتير، وكليمنت إتش مور، وأوليفييه روي، وفرانسوا بورغات، وجوسلين سيزاري، ولاري دايموند، وجون إنتيليس، وإلين لوست، وخالد أبو الفضل، وجون كين وتشارلز تريب.