قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن شركات من دول صديقة مثل الصين تعمل على تنفيذ مشروع سد النهضة، مدعياً أنه لا توجد دول صديقة تمول السد الإثيوبي بشكل مباشر، باعتبار أن شركاء مصر الدوليين يرون أن المشروع هو محل خلاف بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، بما يستلزم تجنب الانخراط في عمليات التمويل.
وأضاف شكري، في اجتماع للجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب، اليوم الخميس، أن بلاده لا تزال ملتزمة بالمسار التفاوضي حول سد النهضة، رغم تعنت أديس بابا، وأن الخلافات القائمة حول المشروع بين إثيوبيا من جانب، ودولتي المصب (مصر والسودان) من جانب آخر، تصعب من عملية الاستثمار في السد، مستدركاً بقوله: "هذا لا يعني أننا نعيش في عالم مثالي، وكل شيء مرهون بسياسات الدول".
وتابع شكري أن خزان السد العالي في أسوان يعطي مصر القدرة على استيعاب الكثير من تداعيات ملء خزان سد النهضة، زاعماً أن "بناء السد العالي كان برؤية بعيدة المدى للقيادة السياسية المصرية في العهود الماضية، والجهد الذي بذلته الدولة لإقامة السد استهدف الإدارة الرشيدة لمواردها المائية، والإنفاق على وسائل الري الحديث، وإعادة تدوير المياه".
واستكمل حديثه: "الخطوات القادمة ستظل مرهونة بمدى الضرر الذي يقع على مصر، والقدرة على إعادة ملء خزان سد أسوان"، مستطرداً "الأمر يسير إذا لم يقع ضرر على مصر، أما إذا وقع ضرر، فإن جميع أجهزة الدولة ستتحد لمواجهة هذا الضرر، والتصدي له، وإزالة آثاره، مستغلة في ذلك الإمكانات والقدرات المتوفرة لديها".
وواصل شكري: "نقدر ونهتم بالضرر المحتمل الذي قد يقع على الأشقاء في السودان، في ظل اقتراب موعد الملء الثاني لخزان سد النهضة بعد ثلاثة أشهر تقريباً، وهذا شيء لا نرتضيه"، مضيفاً: "التقييم الفني يشير إلى عدم وقوع ضرر على مصر، في حال قيام الجانب الإثيوبي بالملء الثاني، ولكن هذا في إطار التوقع، وكل شيء مرهون بدراسات دقيقة تجرى حالياً على أرض الواقع".
وتابع: "قضية سد النهضة هي قضية وجودية، ومرتبطة بحياة الشعب المصري، ولا يمكن التهاون فيها، أو التعامل معها إلا بكل جدية والتزام"، متابعاً "المرونة من الجانبين المصري والسوداني في مفاوضات السد لم تقابلها مرونة مماثلة من إثيوبيا، والمشاورات لم تصل إلى نتيجة، ولكن لا يزال هناك فسحة من الوقت".
وقال شكري: "مصر حريصة على حل أزمة سد النهضة من خلال التفاوض والتفاهم، وإتاحة فرصة للمفاوضين الدوليين للتدخل لحلحلة الأزمة، بما لا يضر بالمصالح المائية لدولتي المصب"، مردفاً "مستمرون في سعينا لحل الأزمة حتى وإن كان الوقت ضيقاً، والأعمال الأحادية من جانب أديس بابا من شأنها الإضرار بمصالح مصر والسودان".
كما نبه إلى وجود مشروعات أخرى على النيل الأزرق تقوم بها إثيوبيا، قائلاً: "يجب احترام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعدم الإضرار بمصالح الدول الأخرى، وموقف مصر واضح للغاية، ويهدف إلى التوصل لاتفاق قانوني مُلزم لجميع الأطراف، لأن القاهرة لن تسمح بوقوع ضرر عليها".
وأضاف شكري: "مصر تستهدف تفعيل دور المراقبين الدوليين مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمجتمع الدولي رصد التعنت الإثيوبي، وبذلك يكون لجوء مصر للمجتمع الدولي بعد استنفاد كل الجهود المبذولة".
في سياق آخر، أعلن شكري الاستعداد لترتيب زيارة وفد برلماني مصري إلى إريتريا لحل مشكلة الصيادين المحتجزين هناك، موضحاً أن الخارجية المصرية ستجهز كافة الاستعدادات لاستقبال الوفد على أعلى مستوى. وتابع: "سنعمل على التنسيق مع جميع المسؤولين في إريتريا، ولكننا لا نضمن النتائج، لأن القرار ليس في أيدينا"، على حسب تعبيره.
وطالب وزير الخارجية المصري بدعوة سفير إريتريا في القاهرة لاجتماع مع اللجنة الأفريقية في البرلمان المصري لمناقشة الأزمة، مبيناً أنه لا مانع من مشاركة أهالي الصيادين المحتجزين في اللقاء بهدف حل الأزمة.
وختم شكري بالقول: "على الرغم من التواصل المستمر مع إريتريا عن طريق السفارة المصرية في أسمرة، وكذلك مع سفارة إريتريا في القاهرة، بخصوص أزمة الصيادين المحتجزين منذ قرابة أربعة أشهر، إلا أنه لا توجد استجابة حتى الآن لحل الأزمة من الجانب الإريتري".
وكان عضو مجلس النواب ضياء الدين داوود قد تقدم بطلب إحاطة إلى وزيري الدفاع والخارجية في مصر، بشأن احتجاز العشرات من الصيادين في إريتريا دون تدخل السلطات المصرية للإفراج عنهم، محذراً من تعرض أسطول الصيد المصري لاعتداءات من دول مجاورة وإقليمية، وكان آخرها احتجاز ستة مراكب صيد بأطقمها في إريتريا، بما يعرض حياتهم للخطر.
وتعيش قرابة 120 أسرة مصرية مأساة حقيقية في محافظتي بورسعيد ودمياط، بسبب احتجاز ذويها على يد السلطات الإريترية لاختراقهم المياه الإقليمية، وناشدت هذه الأسر السلطات المعنية في مصر، مراراً وتكراراً، للتدخل للإفراج عن ذويهم المحتجزين من دون جدوى.
واعتاد صيادو المدن الساحلية في مصر على السفر في رحلات صيد طويلة، ما يجعلهم عرضة للاحتجاز أو السجن بسبب اختراق المياه الإقليمية. ويغامر الصيادون المصريون بحياتهم في دول الجوار، بسبب ارتفاع قيمة التأمينات والضرائب ورسوم الصيد على المراكب في مصر.