شروط القاهرة لعودة وفدها الأمني إلى غزة

29 ديسمبر 2017
المعيق الأبرز للمصالحة الآن هو ملف الموظفين (الأناضول)
+ الخط -
أكّدت مصادر فلسطينية موثوقة لـ"العربي الجديد" أنّ مسؤولي جهاز الاستخبارات العامة في مصر أبلغوا قيادات بارزة في حركتي "فتح" و"حماس" أنّ عودة الوفد الأمني المصري لقطاع غزة لمتابعة ملف المصالحة المتعثرة، منوطة بتغيير جدي على أرض الواقع. وقالت المصادر، إنّ مصر التي غادر وفدها الأمني غزة بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري، تضع الآن شروطا عدة لعودة الوفد إلى القطاع ومتابعة عمله في ملف المصالحة الفلسطينية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها وتسلمها الوزارات والمقار الحكومية.

ولم يعلن الوفد الأمني المصري سبباً لمغادرته القطاع، لكن مصادر قريبة منه تحدثت في حينها لـ"العربي الجديد" عن غضب في القاهرة من مماطلة حكومة الوفاق الوطني في تسلّم مهامها في القطاع، وتأخّر رئيس الحكومة رامي الحمدالله في الحضور لغزة مع وزرائه.

وذكرت المصادر أنّ أبرز الشروط التي تضعها مصر لعودة وفدها إلى غزة، هي إظهار جدية الطرفين في حل القضايا العالقة، والالتزام بما اتفق عليه في القاهرة وتنفيذه بشكل دقيق وفوري، ولا سيما ما اتفق عليه في حوارات القاهرة الأخيرة.

ويبدو أنّ المعيق الأبرز للمصالحة الآن هو ملف موظفي حكومة غزة السابقة، إذ تستمر السلطة في رفض دفع رواتب لهم خلال فترة عمل اللجنة الإدارية والقانونية التي تناقش قضيتهم ودمجهم في سلم موظفيها في القطاع، وتقول "حماس" إنها اتفقت معها على صرف دفعات مالية للموظفين بعد تمكينها من العمل في غزة لحين البث النهائي في قضيتهم.

وانقطعت الاتصالات بين أطراف المصالحة الثلاثة، مصر و"حماس" و"فتح" لأكثر من أسبوعين، قبل أن تعود جزئياً بين مصر و"حماس" من جهة، ومصر و"فتح" التي يزور مسؤول ملف المصالحة فيها عزام الأحمد القاهرة حالياً، من جهة أخرى. ولوحظ أيضاً أنّ الاتصالات بين "فتح" و"حماس" انقطعت عقب مغادرة الوفد الأمني المصري، وحتى الآن لم يُعلن عن اتصالات ولقاءات مباشرة بين الحركتين، وكأن القطيعة بينهما عادت لزمن الانقسام الأول.

ووفق المصادر، فإنّ القاهرة رصدت "تجاوزات" من الطرفين في عملية إتمام المصالحة، لكنها لامت حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية أكثر من "حماس" على هذه التجاوزات، ما أدى لانقطاع الاتصالات بين مسؤولي الملف الفلسطيني في مصر والسلطة، قبل أن تعود.

أما "حماس"، فإنّ مصر تتوقع منها، حسب المصادر، أنّ تتجاوب بشكل أسرع مع حلّ القضايا العالقة التي برزت أثناء عملية تسليم الوزارات والمقار الحكومية وعودة الموظفين القدامى لأعمالهم، وهي ترى أنّ الحركة واقعة تحت ضغط قوي من الموظفين المعينين في حكوماتها التي أدارت القطاع.

ورغم ذلك، تتوقّع المصادر في حديثها لـ"العربي الجديد" أنّ تدعو مصر قيادة "حماس" وفتح" لزيارة القاهرة في وقت قريب، إذا حصلت على ضمانات من الطرفين بعدم وضع عراقيل في طريق المصالحة وتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي حال لم تحصل على هذه الضمانات، فإنها لن تدعو الطرفين لزيارة العاصمة المصرية، كما أنها لن تقدم على أيّ خطوات وحوارات معهما. كما حذّرت المصادر من أنّ مصر قد تسحب يدها من ملف المصالحة أو على الأقل تجميده لفترة طويلة.

وإذا ما جمدت مصر المصالحة، فإنّ قطاع غزة سيدخل في نفق أكثر ظلمة من الذي دخله، وسيتعيّن على حركة "حماس" إيجاد مخارج حقيقية للأزمات التي تعصف بالقطاع، رغم محاولة قياداتها التأكيد على أنها خرجت من الانقسام ولن تعود إليه.

وتحاول "حماس" ألا تضع عراقيل أمام المصالحة، لأنّ عودتها للحكم في غزة ستكون قاسية ومكلفة، وهي ليست في وارد تحمّلها حالياً، في ظل غلق منابع تمويلها، وانفضاض الممولين الدوليين عن القطاع، وأزماتها المالية الخانقة.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية كشف قبل أيام أنه أجرى اتصالاً مباشراً مع المسؤولين في جهاز الاستخبارات المصرية العامة لبحث موضوع المصالحة والعقبات التي تقف في طريقها. وهذا الاتصال بين "حماس" والاستخبارات المصرية هو الأول بعد سحب مصر وفدها الأمني من غزة، كما أنه جاء قبل يومين من بدء الأحمد زيارته للقاهرة، والتي يرفض الحديث عن تفاصيلها لوسائل الإعلام إلى الآن.

وذكر هنية أنّ الاتصال ركّز على ضرورة أن تتدخل مصر بكل قوة لإزالة العقبات كافة التي تقف في طريق المصالحة، داعياً في الوقت ذاته مصر إلى القيام بكل ما يلزم بصفتها راعية كل الاتفاقات السابقة للمصالحة. وأشار هنية بوضوح إلى أنّ أي خيار آخر غير المصالحة الوطنية "سيكون صعبا ومؤلما"، وأنّ "حماس" لا ترغب فيه ولا تريده على الإطلاق، مجدداً التأكيد على أنّ المصالحة خيار استراتيجي وقرار لا رجعة عنه، لكنها بحاجة إلى روافع لتجاوز الاستعصاءات التي تعترض طريقها الآن.