شروط الترشح لرئاسة تونس.. غموض في شرط الحقوق السياسية؟

08 مارس 2024
حسم قيس سعيد الجدل بعدم الحاجة إلى تعديل القانون الانتخابي الحالي (Getty)
+ الخط -

رغم حسم الرئيس قيس سعيد الجدل بعدم الحاجة إلى تعديل القانون الانتخابي الحالي في تونس لتضمين شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في الخريف المقبل، يطرح خبراء مسألة غموض تثبيت شرط الحقوق السياسية ومصير احتمال ترشح سجناء سياسيين.

وقال الرئيس سعيد خلال لقائه برئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر، الأربعاء، إن "دستور 25 يوليو/ تموز 2022 جاء بشروط جديدة للانتخابات الرئاسية وليس هناك أي مبرر للحديث عن إدخال تنقيحات على القانون الانتخابي". وأضاف، بحسب بيان صادر عن الرئاسة، أنه "لا وجود لتعارض بين أحكام الدستور والقانون الانتخابي". 

وتنتهي هذا العام ولاية الرئيس سعيد، الذي فاز في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

ودعا مجلس هيئة الانتخابات في اجتماعه بتاريخ 14 فبراير/ شباط الماضي، دائرته القانونية إلى "إعداد مشروع نص لتنقيح القرار الترتيبي للهيئة العليا للانتخابات لسنة 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية بما يتلاءم مع أحكام الفصل 89 من دستور سنة 2022، ما يتعلق أساسا بمحددات الجنسية والسن والتمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية (89)، وكذلك الشأن بالنسبة لشرط التزكيات (الفصل 90)".

وينّص الفصل 89 من الدستور على أن الترّشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي أو تونسّية غير حامل لجنسّية أخرى، ومولود لأب وأم، وجد لأب، وجد لأم تونسّية.

وكان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر قد صرح في وقت سابق بأنه "لن تكون هناك مبادرة تشريعية أو تغيير للقانون الانتخابي بصيغته الصادرة في 2014، على أن يتم تنقيح القرار الترتيبي لهيئة الانتخابات الذي ينظّم شروط الانتخابات الرئاسية وإجراءاتها، وذلك لتطبيق الشروط الجديدة الواردة بالفصل 89 من دستور 2022".

وفي 22 فبراير/ شباط الماضي، أكد بوعسكر أن "شروط الترشح للانتخابات الرئاسية منصوص عليها في الدستور وتتضمن شروطا معتادة وأخرى جديدة، على غرار السن والجنسية وشرط التّمتع بالحقوق المدنية والسياسيّة"، مشيرًا إلى أن "الهيئة مطالبة بتطبيقه بغضّ النظر عن تنقيح القانون الانتخابي من عدمه".

غموض شرط الحقوق السياسية

وأكد أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الإطار القانوني المنظم للانتخابات الرئاسية المقبلة هو دستور 25 يوليو 2022 وقانون الانتخابات الصادر في مايو/ أيار 2014، والقوانين المنقحة له والقرارات الترتيبية التي ستصدرها هيئة الانتخابات".

وأضاف "ما طرأ والجديد في شروط الترشح للرئاسية هو رفع سن الترشح إلى 40 عاما بعد أن كانت 35 في الدستور، وشرط الجنسية باستمرار الأم والأب تونسيين دون انقطاع كما نص عليه دستور 1959، كما يحرم مزدوجي الجنسية من الترشح".

وشدد الخرايفي على أن "الأمر لا يتطلب تعديلا تشريعيا باعتبار أن الدستور نص صراحة على ذلك لأن كل القوانين المتعارضة مع الدستور لا تنفذ باعتبار علوية الدستور".

وتابع أن الهيئة المستقلة الانتخابات في تونس واستنادا إلى السلطة التقديرية، "يمكن أن تصدر قرارا تنص فيه على الشرطين وبالتالي تنفذ ما جاء في الدستور"، مشددًا على أن "الغموض يتعلق بالحقوق السياسية، حيث ينتظر أن تشترط الهيئة تقديم بطاقة الخلو من السوابق العدلية (بطاقة عدد 3) ويمكن ترجمة الحقوق السياسية بنقاوة السوابق".

وأفاد أستاذ القانون الدستوري بأن "هناك مترشحين سيعجزون عن توفير ذلك، على غرار من هم في السجن بمفعول بطاقة إيداع، ومن هم محل تتبع ومفتوح في شأنه بحث تحقيقي، ومن هو مدعو للبحث في القطب القضائي المالي أو قطب مكافحة الإرهاب أو من هم محل تفتيش، حيث يرجح عدم تسليمهم بطاقة السوابق العدلية".

وأكد الخرايفي أنه "باعتبار أن رفض الترشحات قرار إداري فيمكن الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية، وستكون الفيصل بين المترشح وهيئة الانتخابات". وأضاف أن "مسألة شرط الحقوق المدنية واضحة وتتعلق بالسفيه أو المخبول ومن صدر عليه حكم تفليس"، مشيرًا إلى أن "شرط التزكيات يتعلق بمجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم أو 10 آلاف ناخب، كما بينه الدستور".

بدوره، اعتبر المحامي وأستاذ القانون عمر السيفاوي، خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن "الغموض يلف شرط الترشح المتعلق بالحقوق السياسية إلى جانب ضبابية كيفية ترتيب تطبيقه بما يضمن المساواة بين جميع المترشحين".

وبحسب السيفاوي، فإن "هناك هواجس من توظيف هذه الشروط لإبعاد منافسين معتقلين أو صادرة في حقهم أحكام غيابية أو هم محل أبحاث في جرائم غير قصدية أو تلاحقهم تهم سياسية بسبب معارضتهم للسلطة، بما يحرمهم من حق الترشح".

وأشار إلى أن "تعديل القانون الانتخابي من عدمه مسألة ثانوية لا تغيّر في الواقع شيئا، إذ إن قواعد الترشح للرئاسة صيغت بشكل أحادي من قبل القائم بالسلطة في نص وضع على المقاس"، بحسب تعبيره.

المساهمون