شركات إسرائيلية كبرى تمول أنشطة "إلعاد" الاستيطانية في القدس

06 يناير 2025
الاحتلال يهدم منزل فلسطيني في القدس الشرقية، 6 يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تُعتبر منظمة "إلعاد" من أكبر المنظمات الاستيطانية في القدس، وتركز على تهجير العائلات الفلسطينية من سلوان، مستخدمة تبرعات من كيانات عامة مثل بنك "لئومي" وشركة "مجدال" لدعم عملياتها.
- تأسست "إلعاد" في 1986 لتعزيز الوجود اليهودي في القدس عبر التوطين والأنشطة الثقافية، وتُعد من الجمعيات الثرية في إسرائيل بمدخولات بلغت 135 مليون شيكل في 2023.
- كشفت تحقيقات عن تبرعات من شركات إسرائيلية مثل "مجدال" لدعم "إلعاد"، حيث تدعي الشركات أن تبرعاتها تأتي في إطار المسؤولية الاجتماعية.

المستوطنون نتاج أنشطة منظمات استيطانية عديدة و"إلعاد" إحداها

وصولات مصرفية تثبت أن شركات "أوف شور" تبرعت طيلة سنوات لـ"إلعاد"

تتفاخر "مجدال" وبنك لئومي بتبرعاتهما لجمعيات استيطانية

على عكس ما يُشاع، لا يقتصر دعم المنظمات الاستيطانية على التمويل الحكومي الإسرائيلي أو التبرعات الخارجية عبر الأُطر الدولية، بل تُسهم أيضاً كيانات عامة داخل إسرائيل، غير مرتبطة مباشرة بالاستيطان، في تمويل ودعم هذه المنظمات بطرق مباشرة أو ملتوية.

إحدى هذه المنظمات، وربما أكبرها، هي "إلعاد" التي تنشط في مدينة القدس عموماً، وفي بلدة سلوان بشكل خاص. وتدخل مئات ملايين الشيكلات سنوياً إلى صندوق هذه المنظمة، وبين متبرعيها بنك "لئومي"، وشركة "مِجدال" للتأمين، وهما عموميان؛ حيث تبرعا بمئات آلاف الشيكلات على الأقل، في حين لم يحدد الداعمون الهدف من تبرعاتهم التي استخدمت لطرد عائلات فلسطينية من بيوتها وسرقتها، إلى جانب صرف الأموال في الحملات الدعائية التي تُشرع عمليات النهب والتهجير، وتكرّس كذبة "الحق اليهودي التاريخي" في القدس.

"إلعاد" (اختصار لـ"إلى مدينة داود") تأسست في العام 1986، وعلى مدى السنوات، ركّزت أنشطتها في العمليات الاستيطانية في القدس المحتلة، وخصوصاً في بلدة سلوان التي فيها أغلبية فلسطينية واضحة؛ إذ يعيش في سلوان نحو 20 ألف فلسطيني و500 مستوطن، حسب تقرير لمعهد القدس للدراسات السياسية الإسرائيلي، والذي يعود لسنة 2020.

المستوطنون، الذين احتلوا بيوت الفلسطينيين في سلوان، هم نتاج أنشطة منظمات استيطانية عديدة، و"إلعاد" إحداها، وهي التي تقدّم نفسها على أنها جمعية تنشط بشكل أساسي في "الثقافة والسياحة"، علماً أنه في تعريفها الرسمي على موقع مسجل الجمعيات الإسرائيلي تقول صراحة إن أحد أهدافها هو "تعزيز الرابط اليهودي بالقدس من خلال التوطين (الكلمة المُخففة من الاستيطان)، والجولات الإرشادية، والمواد التعريفية التوعوية، وتعميق الهوية والثقافة اليهودية، والرابط اليهودي مع أرض إسرائيل، ومن خلال الأنشطة في مجال المواقع ذات الأهمية للشعب اليهودي، وتقويّة العلاقة وحاجته لها"، أمّا في الموقع الرسمي للجمعية فلا يوجد ذكر إطلاقاً لمسألة الاستيطان اليهودي.

وعلى الرغم من هذه المواربة، لا شك في أن الاستيطان هو جزء أساسي من أنشطتها؛ إذ إن مدير "إلعاد" ديفيد باري سبق أن أقر، خلال جلسة محكمة انعقدت في العام 2019 بشأن ملكية بيت فلسطيني في سلوان، الذي هُجر منه صاحبه لصالح الجمعية، بأنه "نحن جمعية أهدافها توطين العائلات اليهودية في مدينة داود، ولهذا الهدف، نحن نتلقى التبرعات".

وتُعد "إلعاد" من أكثر الجمعيات ثراء في إسرائيل، فبناء لآخر تقرير قدّمته لمسجل الجمعيات في العام 2023، بلغت مدخولاتها 135 مليون شيكل، منها 82 مليون شيكل وصلت إليها على شكل تبرعات من خارج البلاد وخصوصاً من الولايات المتحدة.

وفي وقتٍ سابق، تبين من تحقيقات وثائق فنسن "FinCEN Files" (وثائق مُسرَّبة من شبكة التحقيق في الجرائم الماليّة) أن وصولات مصرفية تثبت أن شركات "أوف شور" مرتبطة برجل الأعمال رومِن أبراموفيتش، أو مملوكة له، تبرعت على مدى سنوات بأكثر من مليون دولار للجمعية. وفي إطار التحقيق، أوضح شاحار شيلا، الذي ترأس هيئة الترويج لأعمال "إلعاد" سابقاً، أنه عندما أُحبطت مساعي الجمعية بالاستيطان في سلوان في العقد الماضي، غيّرت "إلعاد" استراتيجيتها وبدأت تستخدم "السياحة" باباً للمشاريع الاستيطانية، وخلال اعتماد هذه الاستراتيجية، صممت "إلعاد" واقعاً مغايراً في القدس من أجل التأثير في الرأي العام، عبر الإدعاء أن الموجودات والُلقى الأثرية في المدينة المحتلة "تعود لمملكة داود"، وبعد ذلك، بدأت في دفع أهدافها القائمة على "إحقاق السيادة اليهودية على القدس العتيقة، لأجيال ولأبد الآبدين"، كما تُصرّح.

وبالعودة إلى التبرعات من داخل إسرائيل، كشف تحقيق موقع "شومريم" بالشراكة مع صحيفة "كَلْكَليست" الاقتصادية الإسرائيلية، أمس، استناداً إلى كشوفات، أنه ثمة شركات إسرائيلية عمومية، مثل شركة التأمين الضخمة "مجدال"، بالإضافة إلى بنك "لئومي"، قدّمت تبرعات بمئات آلاف الشيكلات، حيث تبرعت الأولى بنحو نصف مليون شيكل للجمعية، علماً أن ما سبق هو ما صُرح عنه فحسب.

وفي هذا الإطار، تتفاخر "مجدال" وبنك لئومي بمسؤوليتهما الخاصة عن هذه التبرعات؛ حيث توضح "مجدال"على موقعها أن لها "دوراً مركزياً في المساعدة على إقامة مجتمع إنساني صحي ومستقر"، في حين يشير "لئومي" إلى مسؤوليته "تجاه المجتمعات التي يعمل فيها"، علماً أنه في كلا المؤسستين ثمة لجان تُقرر لمن ستقدم التبرعات وما هو نطاقها.

إلى ذلك، لفت تقرير مشترك لمعهد الحقوق والعمل الخيري في جامعة تل أبيب ومنظمة معاليه أن بنك لئومي تبرّع في عام 2022 بمبلغ 37.3 مليون شيكل، وهو ما يمثل 0.3% من أرباح البنك. وبحسب التقرير نفسه، ساهمت "مجدال" بمبلغ 10.6 ملايين شيكل (بعضها نقداً)، وهو ما يمثل 0.9% من أرباح الشركة، لكن "لئومي" و"مجدال" لم يصرّحا عن الجهات التي تلقت تبرعاتهما، كما أن مداولات اللجان التي تقرر فيها التبرعات ليست علنية أيضاً، ولا سبيل أمام الجمهور أو وسائل الإعلام لمعرفة من المستفيد من هذا الدعم.

وفي حين رفض بنك "لؤمي" التعليق على ما كُشف في "شومريم" و"كَلْكَليست"، ادعت "مجدال" أنه "ليست لديها أجندة سياسية"، مقرّة بأنها تبرّعت بمئات آلاف الشيكلات لـ"إلعاد" بين أعوام 2019-2024، مبررة دعمها بأن "إلعاد هي موقع تاريخي وتراثي منذ الأيام الأولى لمدينة القدس".