شبح المفاجأة يمنع التنبؤ بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية رغم تقدم بايدن

19 أكتوبر 2020
لا يجرؤ أحد على التنبؤ بالنتيجة (ماريو تاما/ Getty)
+ الخط -

أسبوعان فقط على نهاية السباق الرئاسي الأميركي بين دونالد ترامب، الساعي إلى تجديد ولايته وغريمه عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن. موازين المعركة وأرقامها ومؤشراتها مستقرة منذ أشهر على الوجهة نفسها لصالح بايدن. والمعادلة هذه تعززت في الآونة الأخيرة.

مع ذلك، لا يجرؤ أحد على التنبؤ بالنتيجة. لا الحزب الديمقراطي ولا الجمهوري. الفارق غير الوازن بينهما لا يسمح، وكذلك السوابق. فانقلاب الوضع ضد هيلاري كلينتون لصالح ترامب في أواخر أيام حملتهما الانتخابية 2016، ما زال ماثلاً في الأذهان. ثم إن احتمال حصول مفاجأة ضد أي منهما أمر غير مستبعد. قد تكون من العيار الصغير الذي يضيّق أو يوسّع الهامش بعض الشيء، بين الاثنين، أو قد تكون من عيار الضربة القاضية. 
في الأيام الأخيرة، أبرزت صحيفة "نيويورك بوست" المحسوبة على خندق الرئيس، ما زعمت أنه مجموعة رسائل إلكترونية جرى الحصول عليها من القرص الصلب لكمبيوتر محمول لنجل بايدن هانتر. تحتوي هذه الرسائل حسب التابلويد، على ما يفيد بأن بايدن استخدم اسمه حين كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، لإثراء ابنه في عمله مع شركة أوكرانية.

والمعروف أن هذا الموضوع كان قد أثير في السابق ولم يلبث أن غاب بعد التحقيقات، بسبب غياب الأدلة. الآن يعود إلى الواجهة بصيغة مختلفة. وقد جرى تداوله في الأيام الأخيرة لكن في ظل شكوك قوية، عززها أن محرر الرواية في "نيويورك بوست" رفض ذكر اسمه "لارتيابه بصدقيتها". لكن إذا ثبت أي شيء من هذا القبيل لا بد وأن تكون له آثار سلبية على بايدن، في أقله تساعد في تقليص الفارق مع ترامب وبما يدخل النتائج المتقاربة في نزاعات يتخوف الكثيرون من عواقبها.

في المقابل، تسللت تسريبات منسوبة لكبير الموظفين بالبيت الأبيض السابق، الجنرال المتقاعد جون كيلي، قال فيها إن الرئيس ترامب "شخصية معطوبة لم ير لها مثيلاً". وكان قد جرى التلميح أنه هو الذي مرر قبل أسابيع كلاماً منسوباً للرئيس يصف فيه الجنود الأميركيين الذين قضوا في الحروب بأنهم أشخاص "خاسرون بائسون".

والآن تجري مطالبة ترامب بالكشف صراحة عن هذه المعلومة التي لو كانت صحيحة وكان هو مصدرها، فمن شأنها أن تشكل لطمة قاضية لحملته. كما تجري مطالبة جنرالات آخرين عملوا معه مثل وزير الدفاع السابق، جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي السابق، هربرت ماكماستر، بالإدلاء بما لديهم من مآخذ على الرئيس.

وإذا كان من غير المرجح أن يقدم هؤلاء على الدخول على خط الحملة الانتخابية كعسكريين وبهذا الشكل في أيامها الأخيرة، فإن مشكلة ترامب مع نخب السلطة لا تقتصر على الجنرالات السابقين، بل تشمل مدنيين كثراً. خاصة الذين عملوا معه في جهاز الأمن القومي مثل كايل مورفي وروبرت كارديوّ ومستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي دعا أمس المحافظين باعتباره أحد رموزهم الفكرية، إلى عدم تأييده "لأنه لا ينتمي إليهم ولا إلى الحزب الجمهوري". كما شدد بولتون على أن ترامب "لا ينبغي أن يمنح فرصة أربع سنوات أخرى"، مشيرا إلى أنه أدلى بصوته أمس "لغير ترامب".

ولا يقل عن ذلك أهمية إن لم يكن الأهم، أن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يخوضون الانتخابات على مستوى الولايات للاحتفاظ بمقاعدهم قد أطلقوا في الأيام الأخيرة انتقادات علنية فاقعة للرئيس. ومنهم من صفوف عتاة المحافظين، مثل السناتور جون كورنين المقرب من زعيم الأغلبية الجمهورية السناتور ميتش ماكونيل والمهدد بخسارة مقعده بسبب احتضانه لخط الرئيس ترامب. فلم يسبق أن أعربوا عن "ضيقهم" من البيت الأبيض بمثل هذه اللغة المكشوفة والمباشرة وعشية الانتخابات التي تحدث بها السناتور الجمهوري بنجامين ساس الذي آخذ على الرئيس "مغازلته" للعنصريين البيض". وهو ما حمل ترامب إلى الرد عليه بالمثل واصفاً إياه بأنه رجل "معيب". 

ومثل هذه اللغة صارت سائدة. فالرئيس يصف بايدن بأنه "خطر على الأمن القومي"، ويردد مع جمهوره في مهرجان انتخابي هتاف "احبسوا" حاكمة ولاية ميشيغن، غريتشن ويتمير. كما يصف المرجع الطبي أنتوني فاوتشي "بالأبله". وهذا غيض من فيض ما تشهده الساحة ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي الحافلة بالهجاء والتشويه.

خطاب مرشح للمزيد من التهشيم في الأيام الباقية من الحملة فضلاً عن نشر الغسيل المتوقع في مناظرة الخميس القادم بين الرئيس وبايدن إذا بقيت على موعدها. ومن التفسيرات أن لغة البيت الأبيض تعكس حالة "يأس" حملته التي تركّز على "تنفير" الناخب قدر الإمكان من بايدن الذي تشير كافة الأرقام إلى أن الرياح تنفخ في شراع مركبه الانتخابي. الفارق لصالحه ملحوظ حتى في الولايات التي فاز بها الرئيس المرة الماضية. 

وحتى الآن، أدلى قرابة 28 مليون ناخب بأصواتهم في الاقتراع المبكر، ما يوازي أكثر من ستة أضعاف الأصوات المبكرة في الانتخابات السابقة بمثل هذا الوقت من الحملة. والأكثرية من بينهم أصوات ديمقراطية. وإذا كان بعض الجمهوريين (السناتور ساس) ينذر بتسونامي ديمقراطي في الرئاسة ومجلس الشيوخ، إلاّ أن شبح 2016 ما زال يخيم على حملة بايدن الذي سارع هو وأركان فريقه إلى تحذير المؤيدين من "الشعور بالرضى" والارتياح لمسار المعركة وبما يفسح بخطفها في آخر لحظة. حذر يمكن اعتباره مبالغاً فيه لكن الحزب الديمقراطي المكتوي لا يحتمل حرق أصابعه مرة أخرى أمام ترامب، وخاصة هذه المرة.

المساهمون