"سي أن أن": الجيش الإسرائيلي استهدف قافلة مساعدات إلى غزة في 5 فبراير

21 فبراير 2024
لم يردّ الجيش الإسرائيلي على الطلبات المتكررة للتعليق على الاستهداف (الأناضول/فرانس برس)
+ الخط -

القوات الإسرائيلية أطلقت النار على قافلة أممية وسط غزة بـ5 فبراير

مراسلات الأمم المتحدة وجيش الاحتلال تظهر اتفاقا على مسار القافلة

"سي أن أن": الجيش الإسرائيلي لم يردّ على طلباتنا المتكررة للتعليق

ذكرت شبكة "سي أن أن" الأميركية، اليوم الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على قافلة تابعة للأمم المتحدة تحمل إمدادات غذائية حيوية في وسط غزة في 5 فبراير/ شباط الحالي، قبل أن تمنع في نهاية المطاف الشاحنات من التقدم إلى الجزء الشمالي من القطاع، وفقاً لوثائق حصلت عليها حصراً من الأمم المتحدة، وتحليلها الخاص.

وأشارت الشبكة إلى أنها اطلعت على مراسلات بين الأمم المتحدة والجيش الإسرائيلي، تظهر اتفاق الطرفين على مسار القافلة قبل استهدافها. ووفقاً لتقرير داخلي لوكالة "أونروا" حول الحادث، وهي وكالة الإغاثة الرئيسية التابعة للأمم المتحدة في غزة، فإنّ الشاحنة المستهدفة كانت واحدة من 10 شاحنات ضمن قافلة كانت متوقفة عند نقطة تابعة للجيش الإسرائيلي، عندما تمّ إطلاق النار عليها.

وفي السياق، نقلت الشبكة عن مديرة الإعلام والتواصل في "أونروا" جولييت توما، قولها: "قافلة تحمل مواد غذائية، متجهة إلى شمالي قطاع غزة. تلك القافلة كانت في طريقها إلى ما نسمّيها المناطق الوسطى، تعرضت للقصف"، مشيرة إلى أن إحدى الشاحنات المحمّلة بالإمدادات أصيبت بنيران البحرية الإسرائيلية.

وقالت "سي أن أن" إن الجيش الإسرائيلي لم يردّ على طلباتها المتكررة للتعليق على الاستهداف، في وقت قال في 5 فبراير إنه يحقق في الحادث.

وفنّدت الشبكة الأميركية مسار القافلة، من لحظة انطلاقها، وحتى استهدافها. وقالت إن القافلة المكوّنة من 10 شاحنات مساعدات ومركبتين مدرعتين، تحمل كلّها شارة الأمم المتحدة، بدأت رحلتها في الساعات الأولى من يوم 5 فبراير. وأوضحت "أونروا" أن الرحلات تتمّ في وقت مبكر من اليوم لتجنّب تعرّض محتوياتها للاستيلاء من قبل أولئك اليائسين للحصول على طعام.

وقالت توما هنا: "بسبب مستوى اليأس في غزة، كان الناس يرون قافلة مساعدات، فيأتون إليها، ويأخذون الأغراض منها"، مشيرة إلى أنه بحلول الوقت الذي تحصل فيه الوكالة على الموافقة، تكون قافلة المساعدات قد فرغت.

ووفق مسار الرحلة، فقد انطلقت القافلة من جنوب غزة، عبر طريق الرشيد الذي يتبع الخط الساحلي للقطاع، وهو الطريق الرئيسي الذي سمح الجيش الإسرائيلي لقوافل المساعدات الإنسانية وعمليات الإجلاء باستخدامه منذ يناير/ كانون الثاني.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية التي استعرضتها شبكة "سي أن أن"، أن الطرق الأخرى غير سالكة بسبب الحطام والحفر، وقد تعرّض طريق الرشيد للقصف، ما تسبّب بحفرة كبيرة قبل أسابيع فقط من اتباعه كطريق إنساني رئيسي من قبل الجيش الإسرائيلي.

ويشير التقرير الداخلي لـ"أونروا" حول الحادث، إلى أن القافلة وصلت عند الساعة 4:15 فجراً، إلى نقطة انتظار مخصصة للجيش الإسرائيلي على طريق الرشيد، حيث ظلت متوقفة هناك لأكثر من ساعة. وعند الساعة 5:35 صباحاً، سُمع دوي إطلاق نار من جانب البحرية الإسرائيلية، وأصيبت شاحنة.

يأتي هذا في وقت أكدت الوكالة أنها قامت بالتنسيق المسبق مع الجيش الإسرائيلي قبل الشروع في تسليم المساعدات، والاتفاق على المسار الذي ستسلكه، كما تفعل دائماً.

ووفق "سي أن أن"، فإن المراسلات الإلكترونية بين "أونروا" و"كوغات"، مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، والذي يشرف على الإغاثة الإنسانية، تظهر أيضاً اتفاقاً على أن تسير القافلة على طريق الرشيد.

وتوضح توما هنا: "نحن نشارك مع الجيش الإسرائيلي إحداثيات القوافل ومسار تلك القافلة"، مضيفة: "فقط عندما يعطينا الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر، تقوم "أونروا" بالتحرك. نحن لا نتحرّك دون هذا التنسيق"، موضحة أن الهدف من وراء هذا التنسيق، والذي يُسمّى عملية فض الاشتباك، هو ضمان عدم تعرّض القوافل للقصف.

وترى توما أن غزة أصبحت بسرعة كبيرة من أخطر المواقع على العاملين في مجال الإغاثة، قائلة: "إنها بيئة معقدة للغاية للعمل فيها، وفي كثير من الأحيان، تضطر فرقنا لتقديم مساعدة إنسانية تحت النار".

يذكر أن مدير "أونروا" توم وايت كان قد قال في وقت سابق إن القافلة تعرّضت لنيران البحرية الإسرائيلية، ونشر صورتين على موقع "إكس" تظهران شاحنة مسطحة فيها ثقب حيث تتواجد حمولتها، وصناديق إمدادات متناثرة على الطريق. ووفق تحديد "سي أن أن" للموقع الجغرافي للصور، فإن الثقب كان في جانب الشاحنة الذي يواجه البحر، مما يشير إلى أنها أصيبت بذخيرة أطلقت من ذلك الاتجاه.

وتشير الشبكة إلى أنها اطلعت على صور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها بعد ساعتين من الحادث، والتي تظهر ثلاثة زوارق صاروخية إسرائيلية على بعد بضعة كيلومترات من الشاطئ.

وتلفت "سي أن أن" إلى أنه بعد الحادث، طلبت القافلة مجدداً إذناً للمرور عبر نقطة تفتيش إسرائيلية تشرف على الدخول إلى شمالي غزة، إلا أن طلبها قوبل بالرفض. وقال "كوغات"، إن المواد التي تُعتبر "مؤذية" ممنوعة من الدخول.

انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي

وفي السياق، تقول المديرة المشاركة في معهد الأخلاق والقانون والنزاعات المسلّحة في جامعة أكسفورد جانينا ديل، معلّقة على الحادث: "من الصعب حقاً أن نرى كيف يمكن أن يكون هذا هجوماً قانونياً"، مشيرة إلى أن الأمر سيبدو، على الأقل، وكأنه انتهاك خطير للغاية للقانون الإنساني الدولي، معتبرة أنه إذا كان الأمر إجرامياً، فهذا يعتمد على مسألة النوايا، وهو أمر يجب إثباته في محكمة قانونية.

من جهتها، تصف وزارة الخارجية الأميركية، في بيان لشبكة "سي أن أن"، الضربة التي استهدفت القافلة في 5 فبراير بأنها "غير مقبولة"، مشددة على ضرورة أن تكون المساعدات الإنسانية قادرة على الوصول إلى المدنيين. ويقول متحدث باسم الخارجية: "في كلّ محادثة نجريها مع حكومة إسرائيل، نثير الحاجة المطلقة لأن يتمكن العاملون في المجال الإنساني من توزيع المساعدة بأمان، وأن يتمكن المدنيون من الوصول إليها، وأن تأخذ إسرائيل كلّ الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين".

يذكر أنه تمّ رفض نصف طلبات المساعدات إلى شمالي غزة التي قدّمتها "أونروا" منذ بداية العام، وفقاً للوكالة، في وقت تؤدي التأخيرات إلى جعل الرحلات الأخرى المسموح بها غير قابلة للتنفيذ.

المساهمون