كان جلّ المراقبين والمعلقين يتصورون أن وزارة الدفاع ستكون، مرة ثانية، من نصيب الوزير السابق جان-إيف لودريان، فهو الخبير في القضايا العسكرية، إضافة إلى أنه من رجالات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المعلنين. ولكن الجميع أخطأ في الحساب، بعدما أُعلن، أمس الأربعاء، أن حقيبة الدفاع من نصيب سيلفي غولار.
انضمت غولار، 52 سنة، وهي النائبة الأوروبية عن حزب "الموديم" الوسطي، إلى حملة ماكرون، في وقت مبكر، وقبل انضمام رئيسها وحزبها كانت نشيطة جدا في الحملة الانتخابية لصالح ماكرون.
ويعود أول لقاء بينهما إلى سبتمبر/أيلول 2016، أثناء "قمة الإصلاحيين" نظمها معهد مونتين ومركز التفكير الليبرالي "غراك". ومنذ هذا اللقاء الناجح لم تنقطع الاتصالات بينهما.
وتَدينُ غولار بالكثير لزعيم "الحركة الديمقراطية"، فرانسوا بايرو، الذي تسلّم حقيبة العدل في الحكومة الحالية. وشاء هواها الأوروبي، المنحاز للفيدرالية (الأوروبية)، والذي يجد صدى كبيرا في فكر بايرو السياسي، أن يعزز العلاقة بينهما، فسمح لها بالترشح باسم حزبه، في الانتخابات الأوروبية سنة 2009، فنجحت. ومن حينه لم تغادر مقعدها، في مجموعة "تحالف الديمقراطيين والليبراليين من أجل أوروبا" إلى اليوم.
وقد عبّرت هذه الوزيرة المقتنعة عن أفكارها الأوروبية من خلال مؤلفات عديدة، ومن بينها "أوروبا، بشكل مُبسَّط" و"يجب تعهّد حديقتنا الأوروبية" و"الديمقراطية في أوروبا"، و"أوروبا: عشق أم انعزال".
وقد اكتشف ماكرون ميزات كثيرة لدى هذه السيدة، التي تتقن عدة لغات أجنبية، وتتمتع بمعرفة عميقة عن سير المؤسسات الأوروبية. وهو ما سيمنح دفعة إضافية للاتحاد الأوروبي العزيز على قلب ماكرون، وأيضا فكرة إقامة قوة عسكرية مشتركة في الاتحاد الأوروبي. وهو ما نادى به الفرنسيون، منذ عقود، واقتنع به الألمان بعد انتخاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واحتمال تراجع دور حلف شمال الأطلسي أثناء ولايته الرئاسية.
وكما هو شأن وزراء آخرين، لم يكن الطريق معبَّدا لتوليها هذا المنصب، الذي غالبا ما يُمنَح للرجال. فبعد تخرّجها من المعهد الوطني للإدارة، اشتغلت في مديرية الشؤون القضائية في وزارة الخارجية، قبل أن يصل بها الأمر إلى "مجلس الدولة".
وما بين سنتي 2001 و2004 عملت مستشارة سياسية للزعيم الإيطالي رومانو برودي، حين كان رئيسا للمفوضية الأوروبية. وهذا المرور في الدوائر الأوروبية منح السيدة غولار هالة استثنائية.
وتشاء الصدف السعيدة أن يكون على عاتقها، وهي الأوروبية، اقتناعا لا مصلحة فقط، تطبيقُ وُعود الرئيس ماكرون الأوروبية، خاصة تحقيق "دفاع أوروبي" حقيقي. فهل ستصمد في هذه الوزارة، أم أن الانتخابات القادمة ستقلب كل شيء؟