سيرة أندريه ميدفيديف المنشقّ عن "فاغنر" تكشف بعضاً من جرائم مرتزقة "طباخ بوتين"

17 يناير 2023
ميدفيديف في الفيديو الذي نشره في 15 ديسمبر الماضي (يوتيوب)
+ الخط -

بعد أكثر من شهر على توجيهه نداءً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسلطات القضائية والأمنية من أجل ضمان عدم ملاحقته من قبل عناصر أمن مرتزقة "فاغنر"، أكد محامون ومنظمات حقوقية أن أندريه ميدفيديف، وهو قائد فصيل سابق في "فاغنر"، قدّم طلباً للحصول على اللجوء السياسي في النرويج. وأقرّت السلطات النرويجية بطلب أحد الأشخاص اللجوء السياسي لديها، من دون أن تحدد هويته أو تكشف عن تفاصيل إضافية.

تقدّم ميدفيديف بطلب اللجوء في النرويج

وذكر مؤسس صندوق حقوق الإنسان "غولاغ. نت"، فلاديمير أوسيشكين، عبر الموقع أمس الاثنين، أن ميدفيديف تقدّم بطلب اللجوء السياسي في النرويج، بعدما عبر الحدود الروسية من قرية في مقاطعة مورمانسك (شمال غربيّ روسيا) باتجاه النرويج.

وأضاف أن ميدفيديف ركض فوق بحيرة متجمدة ودخل إلى أحد المنازل الحدودية وطلب من أصحابه الاتصال بالشرطة لتسليم نفسه. وكشف أوسيشكين أن ميدفيديف نُقل إلى مركز للجوء في العاصمة النرويجية أوسلو، وباشر في طلب اللجوء السياسي، وسيدلي بشهادته ضد رئيس مجموعة مرتزقة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، الذي وُصف من قبل الصحافة بأنه "طباخ بوتين" نسبة إلى شركاته المسؤولة عن تقديم الطعام إلى ضيوف بوتين.

وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كشف ميدفيديف في شريط فيديو نُشر على موقع "غولاغ. نت" على "يوتيوب"، أنه وقّع عقداً في مطلع يوليو/ تموز الماضي، لمدة أربعة أشهر مع "فاغنر"، وأُرسِل إلى مقاطعة لوغانسك الانفصالية عن أوكرانيا. وتولى قيادة مجموعة من المرتزقة، وشارك في المعارك قرب مدينة باخموت.

تحدث ميدفيديف عن مقتل أحد العناصر بيد مرتزقة "فاغنر" بعد عودته من الأسر في أوكرانيا

وذكر ميدفيديف أنه كان قائداً ليفغيني نوزين، الذي يُزعم أن عنصر من "فاغنر" قتله بمطرقة ثقيلة بعد عودته من الأسر لدى القوات الأوكرانية. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نشرت قنوات "تلغرام" روسية مقطع فيديو يظهر فيه نوزين، الذي جنّدته "فاغنر"، لكنه استسلم فيما بعد طواعية للقوات الأوكرانية، وأعلن رغبته في القتال إلى جانبهم، وقد ضُرب حتى الموت بمطرقة ثقيلة.

وفي شريط الفيديو الذي نشره ميدفيديف اشتكى من ملاحقته من أمن "فاغنر"، مناشداً بوتين وهيئة الأمن الفيدرالي الروسي (أف أس بي) حمايته، وفتح تحقيقات في نشاط المجموعة الإجرامي بحق أفراد منها.

وتزامناً مع ارتفاع الأصوات المطالبة بمحاكمة المسؤولين في القوات الروسية عن "جرائم حرب محتملة" في أوكرانيا، قال ميدفيديف إن مجموعة "فاغنر" تهتم فقط بالأسرى العسكريين الأوكرانيين كمصادر للمعلومات، وبعد الاستجواب يُعدَمون.

وأكد أنه على علم بحادثة تصفية أربعة جنود أوكرانيين استسلموا طواعية قرب باخموت بعد استجوابهم. وتناقض هذه الاعترافات تصريحات بريغوجين التي أشار فيها إلى أن الأسرى الأوكرانيين عوملوا معاملة حسنة، وجرى تبادلهم في صفقات مع الجانب الأوكراني.

وأقرّ بريغوجين بأن ميدفيديف كان عضواً في المجموعة، وذكر في تصريحات لصحيفة "أفتينبوستين" النرويجية أمس الاثنين، أن ميدفيديف كان عضواً في كتيبة نرويجية تدعى"نيدهوغ" (اسم التنين في الأساطير الإسكندنافية) لأنه كان يحمل الجنسية النرويجية.

وادعى أن ميدفيديف مطلوب لأمن "فاغنر" بسبب إساءة معاملة الأسرى، مؤكداً أن لديه وثائق تؤكد ذلك، ويمكن أن يقدمها إلى الأجهزة الأمنية الروسية.

وحسب موقع "إنسايدر" الروسي، وُلد أندريه ميدفيديف في قرية في مقاطعة تومسك في سيبيريا، شرقي روسيا في عام 1996، وبعد وفاة والدته انتقل إلى دار للأيتام بعد حرمان والده رعايته. وفي عام 2014، التحق ميدفيديف بمعهد متوسط في مدينة تومسك في قسم الحفر بالآلات، ولكنه لم يكمل دراسته، واستُدعي إلى الخدمة العسكرية.

وفي إبريل/ نيسان 2016، حُكم على ميدفيديف بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ في قضية سرقة. في وقت لاحق، حُوِّلت العقوبة إلى حكم فعلي بسبب ارتكاب جريمة جديدة. وفي يوليو 2017 قضت محكمة مقاطعة كيروفسكي في تومسك بسجن ميدفيديف ثلاث سنوات إضافية بعد إدانته بخمس سرقات. وفي عام 2020 حُكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر.

وفي تبريره لترك مرتزقة "فاغنر"، أوضح ميدفيديف في مقطع الفيديو المذكور سابقاً، أنه عوقب بعد اعتراضه على تمديد عقده من أربعة أشهر إلى ستة، ولاحقاً إلى ثمانية أشهر من دون أخذ موافقته. وقال إنه "رُمي في حفرة وهربت منها إلى أراضي روسيا (من أوكرانيا) وطلبت الدعم من وسائل الإعلام من دون جدوى".

وجّه ميدفيديف نداء إلى بوتين من أجل ضمان عدم ملاحقته من قبل "فاغنر"

وذكر ميدفيديف أنه قصد المقر المركزي لشركة "فاغنر" في سانت بطرسبورغ، وسلم بطاقته، وبعدها تلقى تهديدات بالقتل، ليتمكن أخيراً من الوصول إلى موقع "غولاغ. نت"، وإبلاغهم بأنه معرّض للإعدام على يد أمن "فاغنر"، في حال القبض عليه، نظراً لأنه يمكن أن يكشف فظائعهم وجرائمهم. وكشف ميدفيديف أن التهديدات بقتل الرافضين لتنفيذ الأوامر بدأت بعد وصول دفعات المرتزقة من السجون الروسية، الذين تعاملوا بقسوة مع هؤلاء من أجل تخويف القادمين الجدد.

خسائر "فاغنر" في أوكرانيا

وفي تأكيد لأنباء سابقة عن الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها مجموعات مرتزقة "فاغنر"، أفاد ميدفيديف بأن أربعة أشخاص فقط من أصل 30 ظلوا على قيد الحياة من فصيلته، التي انطلقت في "مهمة قتالية" في يوليو الماضي.

واشتكى من أن قيادات "فاغنر" تدفع بهم من دون أسلحة ثقيلة لمواجهة الدبابات والمدرعات الأوكرانية، ما سبّب قتل كثيرين، ومنهم صديق مفضّل سلم جثمانه لذويه من دون دفع تكاليف الدفن، وبقيت زوجته وأطفاله من دون الحصول على راتبه في الشهر الأخير قبل مقتله.

وفي محاولة على ما يبدو لتبرئة نفسه من أي تهم مستقبلية، أكد ميدفيديف أن العقد الموقع مع "فاغنر" كان ينصّ على حماية مواقع استراتيجية وعدم المشاركة في الأعمال القتالية.

ومن اللافت أن ميدفيديف ذكر أنه اتصل بهيئة الأمن الفيدرالي "أف أس بي" من أجل إعلامهم بالتجاوزات في مجموعة "فاغنر"، وأن الإجابة كانت أنهم "حوّلوني إلى بريغوجين"، مشيراً إلى أنه "في مكالمة ثانية كان الرد: وهل فاغنر موجودة أصلاً؟".

وفي أحد الفيديوهات، قال ميدفيديف إنه كان ينوي التوجه إلى الساحة الحمراء في العاصمة الروسية موسكو، وتوجيه رسالة من هناك لبوتين حتى يخبره بما فعله بريغوجين وجماعته من إعدامات بحق عناصر "فاغنر"، وترك كثير من العائلات من دون آباء أو أطفال أو أزواج.