سيدي بوزيد تحتفي بالذكرى العاشرة للثورة التونسية

17 ديسمبر 2020
أهالي سيدي بوزيد ينتقدون الحكومة بسبب عجزها عن تنفيذ وعود طال انتظارها (فرانس برس)
+ الخط -

 

تجمع أهالي سيدي بوزيد، صباح اليوم الخميس، بساحة محمد البوعزيزي، لترتفع أصواتهم بهتافات الحرية والكرامة، والمطالبة بحق المهمشين في العمل والتنمية، رافعين شعارات انطلاق الثورة "شغل حرية كرامة وطنية"، ومنتقدين الحكومة بسبب عجزها عن تنفيذ وعود طال انتظارها.

وانطلقت صباح اليوم فعاليات إحياء الذكرى العاشرة لاندلاع ثورة الحرية والكرامة بعرض عسكري لفصيل الشرف للجيش الوطني التونسي، الذي قام بتحية العلم وبإطلاق 17 طلقة نارية. وحضر الافتتاح محافظ سيدي سيدي بوزيد، محمد صدقي بوعون، وممثلو الإدارات الجهوية والمنظمات الوطنية والجمعية والمجتمع المدني.

وتحيي سيدي بوزيد هذه الذكرى بعدد من العروض الموسيقية وعروض للأطفال والشباب، وندوات اقتصادية واجتماعية وفكرية تستمر إلى السبت القادم. 

وقلصت الظروف الصحية من الاحتفالات، ولم تشهد الجهة زيارات لمسؤولين كما جرت العادة خلال السنوات الماضية، وأكدت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها، ليلة أمس الأربعاء، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يمكنه أن يزور، الخميس، سيدي بوزيد، منطلق الانفجار الثوري غير المسبوق في التاريخ، وذلك نظراً لالتزامات طارئة، مشيرة إلى أن رئيس الدولة يحيي أهالي سيدي بوزيد بإكبار ويعدهم بلقاء قريب.

وأُعلن اليوم، الخميس، خلال ندوة صحافية أقيمت بسيدي بوزيد، عن تأسيس حركة جديدة تحت اسم "حركة سبعطاش ديسمبر"، من قبل مجموعة من مكونات المجتمع المدني الذين شاركوا في أحداث 17 ديسمبر/كانون الأول 2010.

وبيّن أحد مؤسسي الحركة، محجوب نصيبي، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أنها حركة اجتماعية مواطنية ضاغطة لا علاقة لها بالسياسة ولا بأي حزب، وتضم عدداً من المناضلين خلال مختلف مراحل ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، وتهدف بالأساس إلى تحقيق المطالب التي رُفعت خلال تلك الفترة، ومحاربة الفقر والتهميش، وفضح الفساد بمختلف أنواعه، وكشف الحقائق المتعلقة بالإرهاب وشبكات التسفير.

وأشار إلى أن هذه الحركة "ستعمل على حماية البناء الديمقراطي، ودفع المشهد السياسي من أجل الكفّ عن العبث والمرور إلى تفعيل مضامين الدستور". 

وأكد في تصريحه للوكالة أن "حركة سبعطاش" تذكر السياسيين بأنهم مطالبون بتوفير مناخات تحقق الاستحقاقات، وذلك بضمان الحق في حياة كريمة، وتؤمن للفرد والأسرة الشعور بالأمن والسلم الاجتماعي، واحترام الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة في إطار العدالة بين الجهات، وضمان الحق في العمل وتكافؤ الفرص، عبر ردم الهوة بين مخرجات التعليم وسوق الشغل.

وزار الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، أمس الأربعاء، قبر محمد البوعزيزي، مؤكداً أن الثورة حققت نصف أهدافها، المتمثلة بالحرية والكرامة. وقال المرزوقي، في فيديو نشره على صفحته في موقع فيسبوك، إن "الثورة التونسية حققت معجزة وأصبحنا شعباً حراً، وأصبحنا نبني دولة مؤسسات وقانون للجميع وليست للعصابات والشركات السياسية".

وأشار إلى أن الثورة حققت نصف أهدافها المتعلقة بالحرية والكرامة التي طالب بها المتظاهرون ضد نظام بن علي. وأضاف: "50 بالمائة من أهداف الثورة ما زالت لم تتحقق بعد، وهي الحرب على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على البطالة والحكم المستقل".

وهنأ المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة بتونس، أرنو بيرال، تونس، مؤكداً أن الأمم المتحدة ستواصل "دعمها لجهود تونس لتحقيق مجتمع سلمي ومزدهر وعادل".  وقال بيرال، في بيان له: "غداة الثورة واستجابة لتطلعات التونسيات والتونسيين المشروعة في العدالة والإنصاف، شرعت البلاد في عملية إصلاح طموحة لتأسيس جمهوريتها الثانية والمصادقة على دستور راسخ بقوة سيادة القانون يكرس الحريات الفردية ويتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وفق تعبيره.

ولاحظ المنسق المقيم للمنظمة الأممية أنه "ومنذ ذلك الحين، تمكن الشعب التونسي من المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والمدنية للبلاد وممارسة حقه في التصويت لاختيار ممثليه الوطنيين والمحليين من خلال انتخابات ديمقراطية وحرة وذات مصداقية".

وأضاف أن البلاد "بذلت جهوداً كبيرة خلال السنوات العشر المنقضية لإصلاح الإطار التشريعي وبناء القدرات في جميع قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، وتنفيذ برامج الاستثمار والتنمية، التّي قال إنها شكّلت جميعها مجالات التزمت الأمم المتحدة بالمساهمة في تنفيذها".

وأكد الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "وبعد 10 أعوام على الثورة التونسية وما يسمى بالربيع العربي، الذي كانت شرارته في تونس، لا تزال تونس تمثل النموذج الوحيد الصامد الذي حافظ على سلميته"، مشيراً إلى أن تونس لم تنجر إلى مربع العنف والحرب الأهلية مقارنة بما حصل في سورية وليبيا واليمن. 

ولفت إلى أن 10 أعوام لا تعتبر فترة كافية لتحقيق كل أهداف الثورة بعد مضي 60 عاماً على نظام استبدادي و75 عاماً من استعمار غاشم احتل البلاد، ولكن تحول الانتقال الديمقراطي لم يستكمل أهدافه، فالثورة مستمرة، والتونسيون ينتظرون تحقيق مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية.

وبين أن العديد من الأحزاب تسعى لتحقيق هذه المطالب ومنها التيار الديمقراطي، الذي أطلق مبادرة الحوار الوطني الاقتصادي والاجتماعي، لتبديد الخلافات وبناء اقتصاد قوي وعدالة اجتماعية، وتوزيع عادل للثروات والتشغيل والتنمية، فالبلاد لا تزال تعيش مرحلة الانتقال الديمقراطي والفترة قصيرة مقارنة مع بقية الشعوب التي عرفت مسارات انتقالية.

وأضاف أن ما يجعل التجربة التونسية صامدة إلى الآن هو طبيعة التونسي المعتدل الذي ينبذ العنف، وعبر التاريخ أثبت أنه يُؤْمِن بالحوار والاعتدال، ولهذا حافظت الثورة التونسية على سلميتها، وكانت انطلاقة الثورة التي اجتاحت شرارتها بقية البلدان، ولكن ربما هذه البلدان لم تكن جاهزة حينها، ولم تتمكن من المحافظة على سلمية ثوراتها، على أمل أن تتجاوز خلافاتها وبالحوار قد تنجح مثل ليبيا.

وأوضح الشواشي أن "الانتظارات من الثورة التونسية لا تزال كبيرة، والأهداف لم يتم تحقيقها، ولا بد من جيل برمته لنتمكن من تقييم الثورة وتحقيق الأهداف، إذ لا بد من الصبر وطول النفس ونكران الذات وتحقيق مصلحة الوطن، بعيداً عن المطلبية، والعمل ومشاركة الشباب، وستكون تونس في الطريق الصحيح".

وأفاد بأن هذا "لا يعني عدم وجود مخاطر، فهناك أعداء الثورة ممن يتربصون بالتجربة، ومخاطر أخرى تتعلق ببعض الأطراف السياسية غير المقتنعة بالتجربة الديمقراطية، وهي تعتبر أن الشعب غير جاهز لتحقيق نظام ديمقراطي، وترى أن حكم الفرد هو الأفضل، ولذلك تقارن بين ما قبل وما بعد الثورة، وهؤلاء لا يجب الإنصات إليهم".

وأوضح الشواشي أن التجارب أثبتت أنه كلما كانت هناك ديمقراطية، فإن ذلك يؤدي إلى تنمية وكرامة، مشيراً إلى أن هناك عدة لوبيات تحمي مصالحها، وتحاول التصدي لأي نفس إصلاحي.