أكد ممثلو حوالى 150 منظمة للمجتمع المدني السوري، اجتمعوا في العاصمة الفرنسية باريس على مدى يومين، التزامهم التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية، وفق قرارات دولية ذات صلة، مطلقين مبادرة تهدف إلى "حماية الفضاء المدني السوري"، يقودها ويمولها سوريون وسوريات.
وفي بيان، صدر مساء الثلاثاء، أعلن المؤتمرون إطلاق مبادرة حملت اسم "مدنية"، في خطوة من المتوقع أن تلقي بظلالها على المشهد السوري المعارض، الذي يضم العديد من المنصات السياسية.
وحضر المؤتمر الذي أقيم في العاصمة الفرنسية باريس، خلال يومي الاثنين والثلاثاء، وحمل عنوان "الأحقية السياسية للفضاء المدني السوري"، ممثلون من مفوضية الاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وتركيا، والنمسا، وبريطانية، والولايات المتحدة الأميركية، وسويسرا، وكندا، ومسؤولون في الأمم المتحدة، وهيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، وممثلون من عدة مؤسسات دولية.
ووفق البيان، أكد المجتمعون التزامهم "المبادئ التي تجمع الطيف الأوسع من السوريين، متمثلة بوحدة سورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية على أساس المواطنة المتساوية".
كذلك أكدوا التزامهم "حلاً سياسياً وفق القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2118 و2254، بما يضمن إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسرياً عند النظام وباقي أطراف الصراع"، وطالبوا بـ"وصول المساعدات إلى جميع السوريين دون تمييز أو عوائق، أو قيود، وحماية اللاجئين من التمييز والترحيل القسري حتى تحقيق حل سياسي، يوفر الظروف المناسبة لعودة طوعية آمنة وكريمة".
ورفض المؤتمرون التطبيع مع نظام الأسد، وإعادة تأهيله، داعين إلى استمرار محاسبته وحلفائه على جرائمهم، مؤكدين أن "مدنية" هي "قرار فاعلين مدنيين سوريين، بممارسة أحقيتهم السياسية"، مشيرين إلى أن مهمتها "حماية الفضاء المدني السوري ودعم الدور الرائد للمجتمع المدني في بناء مستقبل سورية"، وفق البيان الذي أشار إلى أن المبادرة "مستقلة"، ويمولها سوريون وسوريات.
والمبادرة انطلقت وتأسست بداية العام الحالي من قبل مجموعة من المؤثرين، ورجال الأعمال، الذين يضطلعون بالشأن السياسي بشكل أو بآخر، ولا سيما بعد اندلاع الحراك المناهض للنظام السوري عام 2011، وعلى رأسهم أيمن أصفري، رجل الأعمال السوري - البريطاني، وهو رئيس مجلس إدارة المنصة.
وكان عضو مجلس إدارة المبادرة، حسام القس، قد أكد في حديث لـ"العربي الجديد" أن "مدنيّة ليست جسماً سياسياً، ولا تطمح لأن تكون بديلاً من الأجسام السياسية الموجودة حالياً".
ويعتقد الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أي شكل من أشكال التنظيم نقطة إيجابية"، مضيفاً أنّ "المعارضة السورية تفتقد قوة التأثير في أوروبا، ومن ثم وجود كتلة منظمة هناك فهذه مسألة شديدة الأهمية، وخصوصاً في دولة مثل فرنسا لها مصالح تاريخية في سورية".
وتابع: "هناك فصل جامد ما بين المجتمع المدني والسياسة، ووجود جهة مدنية تحاول أن يكون لها نشاط سياسي، سيؤدي إلى تقارب بين الجانبين، خصوصاً إذا كانت مبادئ التجمع المدني وطنية تكرس مبادئ الثورة، ويبتعد عن المبادئ الأيديولوجية التي عادة تكون من اختصاص الأحزاب".
وأعرب عن اعتقاده بأن "مبادرة مدنية إذا نظرنا إليها من زاوية التأثير والضغط السياسي في أوروبا لصالح قضية الشعب السوري، وخصوصاً بما يتعلق بالانتقال والملفات الحقوقية، نجد أن وجودها نقطة إيجابية"، مبيناً أن "مدنية تنظيم مدني يقوم على مبادئ وطنية، يضعفها الدخول في المناكفات السياسية. أتمنى ابتعاد هذه المبادرة عن هذا الأمر لصالح التركيز على المبادئ التي لا يختلف عليها السوريون".
ويضم المشهد السوري المعارض العديد من الأجسام السياسية التي تنضوي في هيئة التفاوض، الجهة المنوط بها التفاوض مع النظام السوري، أبرزها: الائتلاف الوطني، وهيئة التنسيق، ومنصتا موسكو والقاهرة.
ومنحت الأمم المتحدة حيّزاً كبيراً للمجتمع المدني السوري للمشاركة في التوصل إلى حل سياسي في سورية، وفق القرار الدولي 2254، حيث يشكل ممثلو هذا المجتمع ثلث أعضاء اللجنة، اختارتهم الأمم المتحدة من الطرفين (النظام والمعارضة).