شهد عام 2021 العديد من الأحداث الميدانية الهامة في الملف السوري، إلا أنها لم تغيّر من خريطة السيطرة العسكرية في عموم البلاد، وكان من أبرزها بسط نفوذ النظام في عموم محافظة درعا بعد اتفاقات المصالحة، وثبات خطوط التماس في شمال غربي البلاد، بعد تعزيز تركيا وجودها في المنطقة، في وقت شهدت فيه جبهات التماس مع "قسد" توتراً كبيراً وصل إلى حدّ التهديد التركي ببدء عملية جديدة، فيما تلقى النظام ضربات كبّدته خسائر بشرية فادحة في البادية.
وشهد العام منذ بدايته استمرار النظام في خرق اتفاق درعا الموقع عام 2018 بعمليات الاعتقال للعناصر المنخرطين في المصالحة، تزامن ذلك مع استمرار حالة الفلتان الأمني والهجمات التي ينفذها مجهولون ضد نقاط النظام، حيث بدأ النظام، بعد منتصف العام، في حصار العديد من المناطق، وصولاً إلى درعا البلد، حيث أجبرها على الدخول في اتفاق مصالحة، بداية شهر سبتمبر/ أيلول، وعقب ذلك دخلت بقية مناطق المحافظة تباعاً في اتفاقات التسوية التي جرى خلالها تسليم كميات كبيرة من السلاح الفردي.
وشهدت العملية جدلاً كبيراً، خصوصاً بعد وصولها إلى معقل "اللواء الثامن" في الفيلق الخامس، بصرى الشام، حيث توقفت المصالحات على حدودها، وبقي مصير اللواء المدعوم من روسيا مجهولاً.
خسائر فادحة للنظام في البادية
وفي البادية، تعرض النظام السوري لعدة هجمات من مجهولين، يقول إنهم خلايا تابعة لتنظيم "داعش"، حيث تكبّد خسائر بشرية فادحة في هجمات طاولت مواقعه وتحركاته وحقول نفط خاضعة لسيطرته في حماة وحمص ودير الزور والرقة، وهذه الهجمات قابلتها قوات النظام بحملات تمشيط برية دعمتها القوات الروسية بآلاف الغارات الجوية، لكن دون وضوح في الأهداف والنتائج.
ومع هذه الهجمات في البادية، شهدت مدينة دمشق تفجيرات، كان أبرزها في 20 أكتوبر/تشرين الأول، والذي استهدف حافلة مبيت لقوات النظام، وأدّى إلى مقتل 14 شخصاً وجرح ثلاثة آخرين، فيما بقي الهجوم مجهول المنفذين.
ضربات إسرائيلية وأخرى مجهولة
وعلى جميع المساحات التي يسيطر عليها النظام السوري، حدثت عدة ضربات إسرائيلية وأخرى مجهولة، طاولت أهدافاً تابعة للمليشيات الإيرانية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، ومواقع لـ"حزب الله" اللبناني.
وأبرز تلك الضربات طاولت دمشق ومحيطها، وحمص والبادية، بينها استهداف شحنة في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري بمرفأ مدينة اللاذقية القريب من مطار حميميم الذي يحوي قاعدة جوية روسية ضخمة.
وتكبدت قوات النظام السوري خسائر بشرية في العديد من الضربات الإسرائيلية. وأعلنت عنها الأولى في العديد من المرات، في حين أغفل النظام الضربات الجوية التي كانت تطاول المليشيات الإيرانية في ناحية البوكمال والميادين بريف دير الزور، والتي كانت من أبرزها تلك التي حصلت في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث قصفت طائرة مجهولة مواقع لمليشيات مدعومة من إيران في البوكمال بعد زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قاآني.
لا تغيير بخريطة السيطرة في مناطق خفض التصعيد
أما في شمال غربي البلاد، عند آخر مناطق خفض التصعيد التي أوجدها مسار أستانة، فلم تتغير أيضاً خريطة السيطرة، وشهدت المنطقة استمرار خروقات الطيران الروسي وقوات النظام، الأمر الذي أدّى إلى مقتل عشرات المدنيين وعناصر من فصائل المعارضة، في حين استمرت تركيا في تعزيز وجودها بالمنطقة، وحصنت نقاطها العسكرية التي تجاوزت 60 نقطة، وخصوصاً في منطقة جبل الزاوية.
وفي خطوط التماس مع "قسد" التي تقودها "وحدات حماية الشعب"، استمرت المناوشات والتحرشات من الطرفين في ناحية منبج وناحية عفرين وتل رفعت، وتسببت عدة مرات بخسائر بشرية من الطرفين، كما شهدت مناطق سيطرة "الجيش الوطني" عدة تفجيرات أدت لسقوط عشرات الضحايا من المدنيين، وكان المتهم الأبرز بالوقوف خلفها هو "قسد".
تهديد بعملية عسكرية تركية ضد "قسد"
وفي منطقة عمليات "نبع السلام"، لوحظ توتر كبير بلغ ذروته في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث هدّدت تركيا بتنفيذ عملية عسكرية جديدة ضد "قسد".
وتزامنت تلك التهديدات مع تعزيزات عسكرية ضخمة لكافة الأطراف في محاور عين عيسى وتل رفعت ورأس العين، وتبعها إجراء مناورات عسكرية بين "قسد" وروسيا، إلى أن هدأت مجدداً، مع استمرار التوتر بين الحين والآخر، وكان آخرها غارة نفذتها مسيّرة تركية طاولت موقعاً في عين العرب، السبت الماضي، أسفرت عن مقتل 6 أشخاص، بينهم قياديان في تنظيم مسلّح يتبع لـ"وحدات حماية الشعب" و"حزب العمال الكردستاني"، ويطلق عليه اسم "الشبيبة الثورية".
وشهد العام استمرار "قسد" والنظام السوري في عمليات التجنيد الإجباري، حيث جرى اعتقال الآلاف من الشبان في مناطق متفرقة بهدف التجنيد، إضافة لعمليات الإنزال الجوي التي نفذها التحالف ضد عناصر يرجح أنهم من "داعش" في مناطق سيطرة "قسد".
استهداف قاعدة حميميم
ومن الأحداث البارزة، كان استهداف قاعدة حميميم الروسية عدة مرات بطائرات مسيّرة مجهولة، إضافة لإعلان التحالف الدولي ضد "داعش" عن تعرض قاعدة التنف لمحاولة هجوم بطائرة مسيّرة مجهولة.
وكان للمسيّرات أيضاً حضور بارز في معظم الجبهات، وخصوصاً بعمليات القصف على مواقع لـ"قسد" وعمليات اغتيال طاولت قياديين في تنظيمات متشددة بريف إدلب الخاضع للمعارضة و"هيئة تحرير الشام".