قُتل "والي حوران" المعين من جانب تنظيم "داعش" في اشتباكات بين مسلحين محليين وخلايا متهمة بالانتماء للتنظيم في مدينة نوى بريف محافظة درعا، جنوبي سورية.
وقال الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو محمود، لـ"العربي الجديد"، إن المجموعات المحلية في مدينة نوى تمكنت، صباح اليوم الأحد، بدعم من "اللواء الثامن" و"اللجان المركزية"، من الدخول "إلى منزل في الحي الشمالي للمدينة بعد اشتباكات قوية مع مجموعة كانت متحصنة داخله وتُتهم بالعمل مع تنظيم داعش"، مشيراً إلى "مقتل أفراد المجموعة الستة الموجودين داخل المنزل، فيما قُتل وأصيب عدد من العناصر المهاجمين".
وأضاف أبو محمود أن من بين القتلى أسامة شحادة العزيزي الذي يشغل منصب "والي حوران" لدى تنظيم "داعش"، مشيراً إلى أن العزيزي ينحدر من بلدة الشجرة غربي درعا وسبق أن عمل في صفوف التنظيم في منطقة حوض اليرموك قبيل عام 2018.
وبدأت الاشتباكات الليلة الماضية وتواصلت حتى صباح اليوم الأحد، إذ فرضت المجموعات المحلية حظر تجوال في المدينة وشنت هجوماً على المنزل الذي تحصن فيه عناصر من "داعش" مستخدمة أسلحة خفيفة ومتوسطة، بما في ذلك قذائف ال "آر بي جي".
وشارك بالهجوم مسلحون محليون من أبناء المدينة ومقاتلون من "اللجان المركزية"، التي تعتبر ممثلة لفصائل درعا في المفاوضات مع النظام، إضافة الى اللواء الثامن، الذي يتبع نظرياً لـ"الأمن العسكري" التابع للنظام (كانت تدعمه روسيا سابقاً وينتشر في شرق المحافظة)، والذي أرسل عدة سيارات محملة بالعناصر و3 مضادات أرضية قادمة من مدينة بصرى الشام شرقي درعا.
ويتهم ناشطون النظام السوري بالمسؤولية عن انتشار عناصر "داعش" في المحافظة بعد إطلاقه سراح العشرات منهم بعد سيطرته على المنطقة عام 2018، وذلك بعد اعتقالهم في منطقة حوض اليرموك غربي درعا حيث كان يسيطر "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم داعش.
ومنذ ذلك الوقت شنت الفصائل المحلية عدة حملات أمنية ضد عناصر التنظيم أبرزها تلك التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم "داعش" أبو الحسن الهاشمي القرشي، نهاية عام 2022.
وفي سياق متصل، شنت الطائرات الحربية الروسية غارات جوية على مواقع مفترضة لعناصر تنظيم "داعش" في جبل الضاحك قرب السخنة بريف حمص، وجبل العمور شمالي مدينة تدمر، ومناطق الحماد السوري في الجهة المحاذية لمنطقة الـ55 كم على مقربة من الحدود السورية العراقية الأردنية.
وفي شأن آخر، أسقطت قوات "التحالف الدولي" مسيرة أطلقتها المجموعات المدعومة من إيران، صباح اليوم الأحد، أثناء محاولتها استهداف قاعدة "التنف" التي تتمركز فيها قوات أميركية عند مثلث الحدود السورية - العراقية - الأردنية، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي قال إنه أحصى منذ تاريخ 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نحو 104 هجمات من قبل المليشيات المدعومة من إيران على القواعد الأميركية في سورية.
وزارة الدفاع في "السورية المؤقتة" تدافع عن لواء التوحيد
وأكدت الوزارة في بيان لها، السبت، أنّ فصيل "لواء التوحيد" لا علاقة له بالإرهاب، وذلك رداً على توجيه المدعي العام الاتحادي لدى محكمة العدل الاتحادية الألمانية اتهامات ضد ثلاثة مواطنين سوريين في ديسمبر/ كانون الأول الفائت بالانتماء إلى هذا اللواء باعتباره "منظمة إرهابية أجنبية".
ودعت السلطات الألمانية إلى "توخي الحذر من الانجرار والانحياز للحملة التي تستهدف هذه المجموعة الثورية السورية"، مشيرة إلى أن "هذه الحملة بعيدة عن العدالة والإنصاف وتخدم مصالح ذات صبغات أيديولوجية".
ويعد "لواء التوحيد" من أقدم الفصائل السورية المعارضة، وكان تشكل في عام 2012 في ريف حلب الشمالي، تحت قيادة عبد القادر الصالح المعروف بـ "حجي مارع"، والذي توفي في إحدى المشافي التركية متأثراً بجراحه عام 2013 بعد قصف من قوات النظام.
وبيّن المحامي عمار عز الدين، مدير مكتب المحامين السوريين الأحرار في هاتاي التركية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "قرار الاتهام جاء بموجب القانون الجنائي الألماني وفق الاختصاص الإقليمي وليس القانون الجنائي الدولي".
وأضاف عز الدين: "يوجد فرق كبير بهذا التوصيف، فالاتهام غير مستند إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي تستند إليه الدول في تبرير اختصاصها القضائي بموجب جرائم مرتكبة وفق القانون الجنائي الدولي كجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية مرتكبة خارج الدولة".
وأوضح أن "قرار الاتهام جاء وفق القانون الجنائي الألماني الذي يحظر ويعاقب من ينتمي لمنظمات إرهابية أجنبية أو ينتمي لمنظمة تعاونت مع منظمات مصنفة إرهابية، ويشترط أن يكون الشخص عضواً ناشطاً وله دور في نشاط هذه المنظمة".
وتابع: "لذلك تم اتهام الإعلاميين بسبب نشاطهم بالترويج للمنظمة وهي لواء التوحيد حسب قرار الاتهام كونها تعاونت مع منظمات مصنفة إرهابية كجبهة النصرة وأحرار الشام".
وفي السياق، قال القيادي في الجيش الوطني السوري المعارض هشام اسكيف في حديث مع "العربي الجديد" إن "هناك خلطاً أو ارتباكاً في الأمر. ما جرى ليس تصنيف لواء التوحيد كمنظمة إرهابية، بل دعوى أقامتها جهة على شخصين، والمدعي العام حرك الدعوى بناء على ما قدم من أوراق، وهذا لا يعني أن الادعاء صحيح، بل القضاء يقول ذلك، وليس المدعي العام".
وأشار إلى أنه "لم يرد في أي وثيقة أو قرار سابق من أي جهة، اعتبار لواء التوحيد منظمة إرهابية، لذلك يجب متابعة الأمر بشكل قانوني"، واصفاً قرار المدعي العام الألماني بـ "الخطير جداً"، ومضيفاً: "الدولة الألمانية كانت وما زالت مع حقوق الشعب السوري، وساندت ثورته ولواء التوحيد فصيل عريق بالثورة وحمل لواءها وقارع النظام بكل شجاعة، ولا نقبل هذا الادعاء مطلقاً ولا بأي صيغة ولا بأي مبرر، لذا لا بد من المتابعة على الشقين القانوني والسياسي".
"تحرير الشام" تفرج عن العشرات من قادتها بعد تبرئتهم من تهم العمالة
ونشرت حسابات مقربة من "تحرير الشام" صورة تجمع زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني وقائد الجناح العسكري فيها مرهف أبو قصرة الملقب "أبو حسن 600" مع القيادات الذين تم إطلاق سراحهم، وهم من الصفين الأول والثاني. وعرف منهم القائد العسكري للواء أبو بكر الصديق أبو مسلم آفس، والقائد العسكري للواء عثمان أبو أسامة منير، والقائد العسكري للواء الزبير أبو خطاب الحسكاوي، والقيادي في لواء طلحة عبد الحميد سحاري الملقب بـ "أبي عبدو طعوم" وابن عمه العسكري أحمد سحاري الملقب "أبو القعقاع"، وهما معتقلان منذ السابع من يوليو/ تموز الماضي، إضافة إلى قادة عسكريين واداريين آخرين مثل فواز الأصفر، وأبو ذر محمبل، وأبو منير محمبل.
وذكرت مصادر محلية في إدلب لـ"العربي الجديد" أن إطلاق سراح هؤلاء جاء بقرار من "اللجنة العليا بعد ثبوت براءاتهم من التهم الموجهة إليهم".
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" على محافظة إدلب وأجزاء من أرياف حماة وحلب واللاذقية، وكانت شهدت على فترات متلاحقة العام الماضي ومطلع العام الجاري حملات اعتقال داخلية طالت أكثر من 100 عنصر وقيادي في صفوفها بتهم متنوعة من أبرزها التعامل مع "التحالف الدولي" وروسيا، وكان أبرز المعتقلين القيادي العراقي أبو ماريا العراقي، والذي لا يزال قيد الاعتقال، في حين نجا القيادي البارز الآخر أبو أحمد زكور من محاولة اعتقاله.
ووجهت اتهامات للمعتقلين بمحاولة القيام بانقلاب على قيادة الهيئة بدعم جهات خارجية وبالتعاون مع أبو ماريا القحطاني، تحت مسمى مشروع إصلاحي.
ورأى الباحث حسن مصطفى في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنّ ما يجري داخل "هيئة تحرير الشام" يمثل صراعاً على السلطة بين أجنحة مختلفة، حيث يحاول كل طرف إمساك أكبر ما يمكن من أوراق القوة بين يديه ومنع تعاظم نفوذ الطرف الآخر، بينما يقوم الجولاني بدور "المايسترو" الذي يوزع الحصص والأدوار، ويحاول إمساك كل خيوط اللعبة بين يديه، بغية إحباط أية تكتلات محتملة ضده داخل الهيئة".
ولم يستبعد مصطفى أن يكون بعض القادة في الهيئة أقاموا اتصالات خارجية مع بعض القوى الإقليمية والدولية لعرض خدماتهم، في إطار محاولة تقوية نفوذهم، وطرح أنفسهم كبدائل لقيادة الجولاني.