يستأنف إقليم كردستان العراق، اليوم الاثنين، العمل في معبر "سيمالكا" الحدودي بين سورية والعراق، بعد نحو شهر من إغلاقه بسبب خلاف الإقليم مع "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق سورية، والتي يواجه سكّانها صعوبات معيشية مع إغلاق المعابر النظامية مع العراق وتركيا، وخضوع غير النظامية منها للتجاذبات السياسية.
وأعلنت إدارة معبر "سيمالكا" من الجانب السوري، في بيان أول من أمس السبت، أن العمل في المعبر سوف يُستأنف "في قسم العلاقات والمنظمات الإنسانية فقط من دون التجارية". وأوضحت أن آلية العمل ستكون وفق المعتمد في السابق، بحيث يكون مفتوحاً ثلاثة أيام أسبوعياً، وهي السبت والاثنين والأربعاء. غير أن إدارة المعبر، عادت وقالت في بيان لاحق إن استئناف العمل في المعبر سوف يشمل القسم التجاري أيضاً، إضافة إلى العلاقات والمنظمات الإنسانية.
يونس الكريم: المعبر يمنح "قسد" هامش مناورة أمام النظام
وكانت سلطات إقليم كردستان قد أغلقت المعبر، في 12 مايو/أيار الماضي، على خلفية منع "الإدارة الذاتية" دخول وفد من أحزاب المجلس الوطني الكردي إلى الإقليم، تلبية لدعوة من قيادة الإقليم.
معبر "سيمالكا"... نافذة "قسد" للخارج
ويعد معبر "سيمالكا" النافذة الوحيدة تقريباً بالنسبة لمناطق سيطرة "قسد" مع العالم الخارجي، ويعبره شهرياً آلاف الأشخاص من أصحاب الإقامات العراقية والمغتربين السوريين القادمين عبر إقليم كردستان العراق، ومن المرضى السوريين الذين يتلقون العلاج في مستشفيات إقليم كردستان العراق، إلى جانب موظفي المنظمات الدولية من الجنسيات غير السورية.
وافتتح معبر سيمالكا (من الجانب السوري - معبر فش خابور من الجانب العراقي)، قبل 10 سنوات، من قبل حكومة كردستان، لتخفيف الأعباء الاقتصادية والمعيشية عن سكّان الشمال الشرقي من سورية، رغم التباين في الرؤى السياسية بين الإقليم و"قسد" حول الملف الكردي في سورية.
وجرى مدّ جسر حديدي على نهر دجلة يُستخدم لمرور المسافرين، وإدخال وإخراج البضائع والمواد الغذائية، كما يستخدم لنقل النفط الخام من سورية إلى العراق. وكان معبر الوليد/اليعربية النظامي والذي لا يبعد كثيراً عن "سيمالكا"، يستخدم لإدخال المساعدات الدولية إلى الشمال الشرقي من سورية منذ عام 2014، لكنه أغلق في 2020 بسبب الاعتراض الروسي، ما جعل من "سيمالكا" شريان الحياة الرئيسي لسكّان الشمال الشرقي من سورية.
وبيّن المحلل الاقتصادي يونس الكريم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن لمعبر سيمالكا "أهمية كبيرة على مستويات عدة"، موضحاً أن المعبر "يمنح قسد هامش مناورة واسعاً أمام حكومة نظام الأسد، فهو يشكّل رئة لها ولأذرعها الإدارية والسياسية مع الخارج".
وتابع: "تأتي وفود رسمية من مختلف دول العالم إلى الشمال الشرقي من سورية من دون الحاجة للمرور على العاصمة دمشق التي قد تمنعهم العقوبات الاقتصادية عنها". وأشار كذلك إلى "أن للمعبر أهمية لجهة الحصول على السلع والخدمات الصحية من مختلف الأنواع، ما يعفي قسد من تقديم تنازلات سياسية للنظام، فضلاً عن أهمية المعبر للإدارة الذاتية لتصدير الفائض من النفط والقمح".
ولفت المحلل الاقتصادي كذلك إلى أن المعبر "منفذ مهم للهاربين من بطش النظام، وللسوريين المقيمين في الخارج الذين يدخلون عبره من إقليم كردستان لزيارة ذويهم في مناطق سيطرة قسد". عدا عن ذلك، فإن معبر "سيمالكا" كما أوضح الكريم، "يسهل دخول الأموال من أوروبا إلى شرق الفرات وخروجها، وهو وسيلة للإدارة الذاتية لترويج مشروعها لأكراد العالم ما يدفعهم لمزيد من الدعم في الدول التي يقيمون بها". وإذ ذكّر بأن "مناطق الإدارة الذاتية محاصرة، خصوصاً بعد إغلاق معبر اليعربية أمام تدفق المساعدات الدولية"، لفت إلى أن "مساعدات منظمات المجتمع المدني التي تدخل عبر معبر سيمالكا أكبر من المساعدات الدولية التي تأتي من مناطق سيطرة النظام".
فريد سعدون: لم يتم تحييد المعابر في عموم سورية عن القضايا الإنسانية
وتسيطر "قسد" على الشمال الشرقي من سورية، والذي بات يُعرف بـ"شرق الفرات"، ما يحول دون فتح المعابر النظامية التي تربط المنطقة مع العراق وتركيا.
مقايضات سياسية تضر بالمواطنين
من جهته، رأى المحلل السياسي فريد سعدون، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المعابر ورقة مقايضة قوية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وعسكرية". وأشار سعدون إلى أنه "لم يتم تحييد المعابر في عموم سورية عن القضايا الإنسانية، وهي ورقة ضغط سياسي". ولفت إلى أن "معبر سيمالكا خاضع للمقايضات السياسية والضغط ما بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، علماً أن هذه التجاذبات السياسية تنعكس سلباً على المدنيين في شمال شرق سورية".
وترتبط مناطق الإدارة الذاتية بالعديد من المعابر الداخلية مع مناطق سيطرة النظام السوري من جهة، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية في شمال البلاد، من جهة أخرى. وهناك معابر عدة مع النظام، أبرزها معبر "شعيب الذكر" الذي يقع إلى الغرب من مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي، ويستخدم بشكل أساسي لحركة المدنيين، خصوصاً الطلاب والمرضى. وهناك معبر الطبقة الذي يربط بين ريف حماة الشرقي ومناطق سيطرة "قسد"، وهو من المعابر التجارية المهمة، فضلاً عن معبر السبخة في ريف الرقة الجنوبي الشرقي.
وفي غربي نهر الفرات، هناك أكثر من معبر يربط بين مناطق "قسد" وفصائل المعارضة السورية، أبرزها معبر عون الدادات، والحمران الذي تمر من خلاله المحروقات والنفط الخام من شرق نهر الفرات إلى مناطق فصائل المعارضة، ومنها إلى إدلب شمال غربي سورية.
وبيّن مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك معابر نهرية غير نظامية تربط بين مناطق سيطرة قسد شمال نهر الفرات ومناطق سيطرة النظام والمليشيات الإيرانية جنوب النهر".