أصدر مكتب الدفاع الذاتي التابع للإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، اليوم الأربعاء، عفواً عاماً عن الفارين من التجنيد الإجباري، سواء في داخل مناطقها أو خارجها، مقابل تسليم أنفسهم خلال مدة زمنية محددة، فيما شنت المليشيا حملة تفتيش على فارين من التجنيد في مدينة الشحيل شرقي دير الزور.
ونشرت "الإدارة المشتركة لمكتب الدفاع الذاتي"، وهي الذراع المدنية لمليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، اليوم الأربعاء، القرار الذي جاء فيه أن العفو يأتي عن الفارين "مقابل تسوية أوضاعهم إذا لم يتورطوا في أعمال إرهابية أو جنائية".
واشترط التعميم مدة 45 يوماً لمن هم فارون في مناطق سيطرة "قسد"، ومدة 90 يوماً لمن هم فارون إلى خارج مناطق سيطرتها، حتى يسلموا أنفسهم. ونص القرار على أن يجري التنفيذ اعتباراً من يوم أمس الثلاثاء.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إنّ "قسد" شنت حملة تفتيش في أحياء مدينة الشحيل شرقي دير الزور، وفرضت حظر تجول في بعضها خلال محاولة اعتقال مطلوبين للتجنيد الإجباري في صفوفها، مشيرةً إلى استمرار التوتر في المنطقة، منذ فجر أمس الثلاثاء وحتى ظهر اليوم الأربعاء.
ولم توثق عمليات اعتقال بحسب المصادر بسبب فرار معظم المطلوبين من المنطقة أو تواريهم عن الأنظار.
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد وثقت استمرار "قسد" في عمليات التجنيد الإجباري على نحو متصاعد وموسع، وقد ترافق ذلك مع إجراءات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري.
وقالت الشبكة في أحدث تقاريرها عن حصيلة عام 2023، إنها سجلت عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدرسين، وذلك بعد مشاركتهم في احتجاجات ممتدة وإضراب منذ مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي وحتى نهاية عام 2023، للمطالبة بتحسين رواتبهم وإلغاء التجنيد الإجباري الذي تفرضه "قوات سورية الديمقراطية" في مناطق سيطرتها.
وأكدت الشبكة أنها سجلت عمليات احتجاز استهدفت مدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لـ"قسد"، وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة منبج وقراها بمحافظة حلب. كما سجلت استمرار قيام "قوات سورية الديمقراطية" باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
وأضافت الشبكة أنها سجلت اعتقال 641 مدنياً على يد "قسد"، خلال العام الماضي، من بينهم معتقلون بهدف زجهم في معسكرات التجنيد الإجباري.
وتعتمد "قسد" على التجنيد الإجباري من أجل تعويض خسائرها العسكرية البشرية في مناطق سيطرتها جراء العمليات العسكرية التي تتعرض لها، سواء من خلايا تنظيم "داعش" أو من هجمات مسلحي العشائر العربية.
وبدأت "قسد" باعتماد التجنيد الإجباري منذ عام 2014، تحت قانون يطلق عليه "قانون الدفاع الذاتي"، وجرت عليه تعديلات كان آخرها في عام 2019، وهو شبيه بقانون التجنيد الإجباري لدى قوات النظام السوري. وتبلغ مدة التجنيد الإجباري بحسب القانون 12 شهراً، وتفرض على الذكور ممن أتموا 18 عاماً، ويلاحق بالعقوبات كل من تخلف عن التجنيد أو فر منه بعد التحاقه.
هيئة التنسيق عن "العقد الاجتماعي: محاولة فرض أمر واقع في سورية
من جهة أخرى، قالت "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي" المعارضة، إنّ "العقد الاجتماعي" الذي أصدرته "الإدارة الذاتية" التابعة لمليشيات "قسد"، هو خروج عن وثيقة التفاهم ومحاولة لفرض مستقل مسبق الصنع كأمر واقع خارج إرادة السوريين، من خلال الاستقواء بالدعم الأميركي والغربي.
سورية: "قسد" تصدر عفواً عاماً عن الفارين من التجنيد
وأضف البيان أن "تبني مجلس سورية الديمقراطية للعقد الاجتماعي الصادر عن (الإدارة الذاتية) يعتبر خروجاً على وثيقة التفاهم الموقعة معهم، وتجاوزاً للقرار 2254 في عام 2015، الذي يعتمد التفاوض من أجل الانتقال السياسي".
وأكد البيان أن "هذا العقد هو محاولة لفرض مستقبل مسبق الصنع كأمر واقع خارج إرادة السوريين وخياراتهم، بالاستقواء بالقوة العسكرية والدعم الأميركي والغربي".
وأوضح البيان أن العقد يعد "تجاوزاً لتوجهات الإجماع الوطني السوري، على أنه لا يحق لأي قوة سياسية أو عسكرية أو أي أحد مهما كان دوره أن يحدد من الآن في زمن الأزمة السورية هذا المستقبل، حيث أن الدستور القادم وطبيعة وشكل النظام السياسي والإداري والقانوني يصاغ وترسم محدداته من خلال آليات ديمقراطية انتخابية، يشارك فيها كل السوريين في مرحلة الانتقال الديمقراطي".
وقالت هيئة التنسيق في بيانها إنها تتمسك بخياراتها الوطنية في التغيير الوطني الديمقراطي، وتؤكد التزامها "بوحدة سورية أرضاً وشعباً"، وتؤكد "الرفض الكامل للعقد الاجتماعي الذي يتأسس على الاتحاد الكونفدرالي وارتداداته السلبية الكبرىٰ المتوقعة على الدولة والشعب السوري".
وكان إعلان "العقد الاجتماعي" من قبل "الإدارة الذاتية" قد لقي رفضاً وانتقاداً من النظام السوري والمعارضة السورية.
وفي الثاني عشر من الشهر الجاري، أعلن المجلس العام في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية" ولادة العقد الاجتماعي بصيغته الجديدة تحت مسمى "العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية"، وجاء فيه 134 مادة تخص إدارة المنطقة ومكوناتها.