سورية: النظام يستهدف حملات التبرع في درعا و"قسد" تواصل الاعتقالات

29 يناير 2023
عناصر من "قسد" في الحسكة (فرانس برس)
+ الخط -

اعتقلت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المزيد من الأشخاص في شرق سورية، في إطار حملتها الأمنية، فيما يسعى النظام السوري لتجيير حملات التبرع في محافظة درعا، جنوبيّ البلاد، لمصلحته مدعياً أنها تُنفَّذ تحت إشرافه.

وذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن قوات من "قسد" اعتقلت 18 شخصاً في محافظة الرقة وريفها في إطار حملتها الأمنية المسماة "الانتقام لشهداء الرقة"، خلال عمليات دهم وتفتيش في مناطق الرقة السمرة والكرامة، بالريف الشرقي، والكسرات بالريف الغربي، وفي أحياء الدرعية ومفرق الجزرة ونزلة شحادة والكراجات والكورنيش الجنوبي في مدينة الرقة.

وشملت الاعتقالات 12 شاباً على حواجز المدفع والمطاحن في مدينة منبج بريف حلب الشرقي، بحجة أنهم مطلوبون للتجنيد الإجباري.

من جهة أخرى، اعتقلت القوات الأمنية التابعة لـ"قسد" ستة عناصر من قوى الأمن الداخلي "الأسايش" من العاملين في مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي، بتهمة التواطؤ وتسهيل عمليات تهريب عوائل تنظيم "داعش" من المخيم مقابل مبالغ مالية كبيرة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكر المرصد أن حملات الاعتقال طاولت عدداً من تجار ومروجي المخدرات والآثار خلال تفتيش أحياء الكراجات وأبو الهيف والأحياء الجنوبية من مدينة الرقة، بالتزامن مع فرض حظر تجول داخل الحي، ليرتفع بذلك عدد المعتقلين إلى 123، من ضمنهم 13 متهماً بترويج وتجارة المواد المخدرة والآثار منذ انطلاق الحملة الأمنية الحالية قبل أيام بدعم من التحالف الدولي.

وفي إطار هذه الحملة، ذكر مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، أن أهالي بلدة الصفصافة بريف الرقة الغربي ناشدوا التحالف الدولي التدخل من أجل فك الحصار الذي تفرضه "قسد" على البلدة منذ ثلاثة أيام، حيث تشن حملة دهم واعتقالات وتفرض حظراً للتجول.

وكانت الاحتجاجات ضد "قسد" قد تواصلت أمس الأحد لليوم الثاني في بلدتي العزبة ومعيزيلة شمال شرق دير الزور، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وتحسين الظروف المعيشية والخدمية في المنطقة.

النظام يستهدف حملات التبرع في درعا    

وفي درعا جنوبيّ البلاد، تتواصل حملات التبرع في مجمل بلدات المحافظة من أجل إعادة تأهيل البنى التحتية، مع تخلي حكومة النظام السوري عن واجباتها الخدمية تجاه الأهالي، بل وسعيها لتجيير هذه الحملات لمصلحتها، والاستيلاء على جزء منها.
وذكر موقع "تجمع أحرار حوران" المحلي أن حجم التبرعات في هذه الحملات، التي تتم في البلدات المختلفة، تجاوز مليوني دولار بعد أقل من شهر على إطلاقها.

وكانت هذه الحملات قد بدأت من مدينة داعل في ريف درعا الأوسط، معتمدة على مساهمة بعض ميسوري الحال في الداخل، قبل أن يشارك فيها بكثافة المغتربون من أبناء المحافظة، وهدفها إعادة تأهيل الخدمات الأساسية، وخاصة توفير الطاقة لتشغيل آبار مياه الشرب، بالاعتماد على الألواح الشمسية.
وبينما اكتفت مؤسسات النظام في المحافظة بدور المتفرج دون أية مساهمة من جانبها، حاولت في الوقت نفسه الحضور إعلامياً ومحاولة تجيير الحملات لمصلحة النظام، بدعوى أنها تتم برعايته، فيما سعت أجهزة النظام الأمنية لأخذ حصة من هذه الأموال، مقابل السماح بجمع التبرعات.

وقال "تجمع أحرار حوران" إن رئيس فرع الأمن العسكري في المحافظة، العميد لؤي العلي، طلب دفع نسبة تجاوزت 10 في المئة من مجمل التبرعات من كل بلدة مقابل السماح لهم بإطلاق الحملات، فيما تضاربت المعلومات عن مدى الاستجابة لهذا الطلب بين بلدة وأخرى.

واشترطت مديرية مياه درعا على الذين تبرعوا بجزء من أراضيهم لتشغيل آبار المياه بالطاقة الشمسية، تنازلهم عنها رسمياً في السجلات العقارية للمديرية. وطلبت المحافظة رفع أعلام النظام في جميع المشاريع التي ستنفذ تحت إشراف مجالس البلديات ومجلس محافظة درعا.

وانقسمت الآراء في المحافظة بين مؤيد لحملات التبرع هذه لأنها تساعد على التخفيف من معاناة الناس، في ظل تخلي مؤسسات النظام عن واجباتها، ومن يعارضها باعتبارها ستصب في النهاية في خدمة النظام وتخفف عنه الأعباء المالية، إضافة إلى افتقادها عنصر الديمومة، لأن الخدمات التي سيتم تفعيلها بفضل هذه التبرعات تحتاج إلى صيانة واستمرارية، ما يعني أن باب التبرعات يجب أن يظل مفتوحاً بشكل دائم.

وقال الناشط محمد الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام السوري لم يكن له أي دور في اطلاق هذه الحملات، وحين وجد نفسه في موقف حرج نتيجة مبادرة المجتمع المحلي لسد النقص الناتج من تقصير النظام ومؤسساته، سعى الأخير لركوب الموجة، ومحاولة البحث عن دور بأنه يرعى هذه العملية أو يشجع عليها، وأنها تأتي مكملة لخدماته، الغائبة أصلاً.

المساهمون