أبلغت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عدداً من الناشطين المدنيين في محافظة السويداء جنوبيّ سورية بمراجعة مكاتبها، من طريق الاتصال الهاتفي، في عودة من هذه الأجهزة للعمل مباشرةً بعد أن اعتمدت في الأعوام القليلة السابقة على العمل سراً، أو من خلال أتباعها من المدنيين، في خطوة اعتبرها المعارضون للنظام محاولة جديدة لبثّ الخوف بين الأهالي للتراجع عن الاحتجاجات.
وأثار استدعاء فرع الأمن السياسي في السويداء للناشط عبدي مرشد، غضب عدد كبير من المواطنين الذين اعتبروه استدعاءً مقصوداً لإسكات "أصوات الحق ضد الظلم والتوحش وقمع الحريات وصوت الفقراء"، ورصد "العربي الجديد" آراء عدد من المواطنين، حيث أبدوا مخاوفهم بشأن ما يمكن أن يلفقه أمن النظام السوري من تهم بحق مرشد، الذي ظهر في فيديوهات عديدة للمطالبة "بحقوق السوريين بالعيش الكريم والحرية"، وخاصة في احتجاجات العام الماضي، وكذلك ظهوره في فيديو مسرب بمضافة شيخ العقل حمود الحناوي، يطلب منه الوقوف مع المواطنين ضد القمع والسلطة الفاسدة.
وقال أحد قادة الفصائل المسلحة المحلية، طلب حجب اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إن الرد سيكون قاسياً على المساس بأي ناشط سياسي على كامل جغرافيا المحافظة، معتبراً أن الاستدعاءات الأخيرة للناشطين والمحتجين من قبل فرع الأمن السياسي، جسّ نبض، ومحاولة مكشوفة لبث الخوف، ولإجبارهم على التراجع عن الاحتجاجات وتكميم الأفواه، كما كان يجري سابقاً. ولا يستبعد قائد الفصيل أن يكون الأمر عائداً لإحساس المخابرات العامة بأن المواطنين لم يعد لديهم ما يخسرونه، ويجب أن يتحركوا لكبح جماح أي حراك، حتى لو كان سلمياً.
من ناحية أخرى، قال الإعلامي حمزة المعروفي لـ"العربي الجديد" إن الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري تطلب مراجعة الناشطين غير المعروفين شعبياً، أو المشتبه في أنهم ناشطون إعلامياً، حيث يُتَّصَل بهم أو بأقاربهم للمراجعة، وخلق حالة من الخوف، حتى لو لم ينفذ الطلب، وخاصة بالنسبة إلى الطلاب الجامعيين الذين يُهددون بالفصل، وتعمَّم أسماؤهم على الحواجز، ويصبحون عرضة للاعتقال، مشيراً إلى اعتكاف عدد كبير من طلاب جامعة دمشق عن الذهاب إلى العاصمة للسبب نفسه.
وأضاف المعروفي أن أي تسوية أو عفو يصدر عن رأس النظام السوري، زائف ولا يشمل الناشطين أو المحتجين، بل هو مجرد دعاية خارجية، ولجلب الشباب إلى الخدمة العسكرية فقط.
وفنّد المعروفي قصة استدعاء الناشط مرشد بأنها محاولة مكشوفة لزرع الشقاق داخل حركة رجال الكرامة، التي تعتبر أقوى فصيل مسلح مناهض للنظام السوري في جنوب سورية، خاصة أن مرشد ينتمي إلى المجموعة التي علقت عملها مع حركة رجال الكرامة، وبالتالي إيهام المواطنين بأن هناك تنسيقاً مسبقاً مع الأفرع الأمنية. لكن ذلك برأي الإعلامي مكشوف جداً ويدخل في سياق حرب الإشاعات التي لطالما اعتمدت عليها مخابرات النظام السوري.
من جهة أخرى، تستمر في مدينة السويداء الدعوة لوقفة احتجاجية جديدة يوم الاثنين المقبل في ساحة الكرامة وسط المدينة، التي يحاول النظام السوري وأجهزته الأمنية وعناصر من حزب البعث تخريبها، وصولاً إلى قمعها، خاصة أن هذه الاحتجاجات الصامتة تكبر كل أسبوع.