سهيل الحسن قائداً للقوات السورية الخاصة: حصة روسيا محفوظة

11 ابريل 2024
سهيل الحسن (يسار) قرب حلب، يناير 2016 (جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سهيل الحسن، المعروف بعلاقته القوية مع روسيا، تم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة في الجيش السوري، مما يعكس توجه روسيا لتعزيز نفوذها وإعادة تشكيل القوات الخاصة بعيدًا عن النفوذ الإيراني.
- التعيين يأتي في ظل هدوء نسبي على الجبهات السورية ويتزامن مع تغييرات هيكلية تشير إلى نية روسيا لإجراء إصلاحات عميقة في الجيش والأجهزة الأمنية السورية.
- الوضع الحالي يشير إلى استعدادات لعمليات عسكرية محتملة بدعم روسي، مع تحليلات تشكك في تأثير هذه التعيينات على النفوذ الإيراني في سوريا، معتبرة الضربات الإسرائيلية والتغييرات الروسية أكثر تأثيرًا.

يعيد تعيين اللواء سهيل الحسن المعروف بسجله الإجرامي ضمن وحدات مختلفة من قوات النظام السوري قائداً للقوات الخاصة في جيش النظام، تسليط الأضواء على القوات الخاصة والحسن في آن، هو الذي غاب عن المشهد خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بعد أن قاد معارك طاحنة في جبهات سورية عدة، آخرها إدلب ومحيطها، مع الفرقة 25 التي أسستها روسيا ووضعت الحسن على رأسها.

هذا التعيين يأتي في ظل هدوء نسبي على الجبهات وتوقف العمليات القتالية الكبيرة. لكنه يتزامن كذلك مع جملة من التغييرات تفيد مؤشراتها والمعلومات المسربة عنها إلى نيّة روسيا إجراء تغييرات في هيكلة الأجهزة الأمنية السورية، وكذلك جيش النظام السوري الذي بات متهالكاً بعد نحو 13 عاماً من الحرب. عملية هيكلة الجيش أفصح عنها النظام السوري في مناسبات عدة نهاية العام الماضي وبداية الحالي، مشيراً إلى الذهاب نحو إعداد "جيش احترافي"، أي قائم على التطوع الوظيفي، وليس التجنيد الإجباري. وأصدر رئيس النظام بشار الأسد عدداً من المراسيم التي تصب في هذا المسعى أخيراً.

سهيل الحسن قائداً للقوات الخاصة بجيش النظام السوري

وأكدت مصادر في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية المعلومات المسربة عن تعيين سهيل الحسن قائداً للقوات الخاصة في جيش النظام، علماً أن هذا النوع من التعيينات لا يُعلن عنه عبر وسائل الإعلام، وإنما يكون عبر قرارات داخلية ضمن وزارة الدفاع. ويُعتبر الحسن الرجل الأول بالنسبة لروسيا في سورية، وكان رأس الحربة في المعارك التي قادتها ضد قوات المعارضة السورية منذ عام 2015 وحتى الوقت الحالي، لا سيما أن سهيل الحسن شكّل "قوات النمر"، والتي أسسها من جهاز المخابرات الجوية عام 2012، وبعدها غيّر اسمها إلى "الفرقة 25 مهام خاصة" نهاية أغسطس/ آب 2019 لنزع صفة المليشيا عنها.

ويأتي تعيين الحسن قائداً للقوات الخاصة، الذي "كرمته" القوات الروسية ثلاث مرات في 2016، و2017، و2018، خلفاً للعميد مضر محمد حيدر، المقرب من إيران. وتُعد القوات الخاصة إلى جانب قوات الحرس الجمهوري العمود الفقري للدفاع عن معاقل النظام ووجوده في محيط العاصمة دمشق. ويبدو أن روسيا تحاول إخضاع القوات الخاصة لنفوذها من خلال تعيين الحسن قائداً لها، لا سيما أنها من أبرز القوات التابعة للنظام السوري العاملة تحت مظلة النفوذ الإيراني بعد "الفرقة الرابعة" التي يقودها ماهر الأسد. وخلفاً لسهيل حسن، عيّن النظام السوري اللواء صالح العبد الله قائداً لـ"الفرقة 25 مهام خاصة". ويلقب الأخير بـ"السبع"، وهو أبرز وجوه الإجرام في قوات النظام، والذي كان يشغل منصب قائد "الفرقة 30" في الحرس الجمهوري.

وذهب متابعون للوضع الميداني في سورية إلى أن تعيين سهيل الحسن يأتي تمهيداً لعمليات عسكرية جديدة قد يقدم عليها النظام مدعوماً بالقوات الروسية، لا سيما في إدلب ومحيطها التي يروج النظام لأحقية إعادة السيطرة عليها. لكن آخرين يشيرون إلى أن زمن المعارك الكبرى في سياق الحرب السورية بات من الماضي، وأن النظام يريد ترتيب أوراقه أمنياً وعسكرياً بعد ترهل واستنزاف طويل.

ورأى الباحث في مركز "جسور للدراسات"، الضابط السابق في قوات النظام، رشيد حوراني، أن "التعيينات للمناصب القيادية التي تجري في جيش النظام وفق القانون المتبع روتينية، نظراً لبلوغ السن القانونية لأصحاب المناصب السابقة". لكنه اعتبر أن اللافت في هذه التعيينات هو تعيين سهيل الحسن على رأس القوات الخاصة التي تعرضت خلال عامي 2012 و2013 إلى تدمير الأفواج التابعة لها تدميراً كاملاً، لا سيما العربات غير المدرعة التي زودت بها آنذاك، وكان النظام قد زج بها في ذلك الوقت لرفع معنويات باقي الوحدات التي كانت تتكبد خسائر فادحة.

رشيد حوراني: روسيا تحاول إعادة بناء جيش النظام بناء على تجربتها في الوحدات التي أنشأتها

وأضاف حوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "نظراً لتشابه عمل القوات الخاصة من حيث اعتمادها على مجموعات المشاة مع ما شكلته روسيا لاحقاً للفرقة 25 بقيادة سهيل الحسن يمكن القول إن روسيا تريد النهوض بتلك القوات الخاصة المدمرة على غرار تجربتها في بناء الفرقة 25. ومن وجهة نظرها أن الحسن يمكنه أن يكرر التجربة ويتبع التعليمات الروسية في هذا المجال من خلال واحدة من أكبر الوحدات العسكرية لجيش النظام".

وأشار الضابط المنشق عن قوات النظام إلى أن "الأمر ذاته ينطبق على اللواء صالح العبد الله الذي جرى تعيينه خلفاً للحسن، وكان قد جرى تعيينه في العام الماضي قائد الفرقة 30 حرس جمهوري، وهي فرقة تأسست من كتيبة حرس جمهوري كانت بقيادة العبد الله الذي كلف بتكبيرها إلى فرقة من عناصر مليشيا الدفاع الوطني وعقود التطوع، وأيضاً نجح العبد الله في مهمته، لذلك عيّن خلفاً للحسن". لكنه لفت إلى أن "تعيين هذين الضابطين يدل من جهة أخرى على أحد أمرين أو كليهما، الأول محاولة روسيا إعادة بناء جيش النظام (هيكلته) بناء على تجربتها في الوحدات التي أنشأتها، ونجاح تلك الوحدات في مهامها مثل الفرقتين 25 و30، والثاني بدء تفكيك بعض الوحدات التي انشأتها كالفرقة 30، كونها أقل دعماً من الفرقة 25، وشكلت أيضاً من متطوعين وفق نظام العقود". وأشار إلى أن "روسيا في مفاوضات أستانة كانت ترفض مناقشة العمل على إعادة هيكلة جيش النظام أو بنائه من جديد، بما يتناسب مع وجود قوات معارضة والتطورات التي طرأت على سورية بعد 2011".

تقليل من أهمية تعيين سهيل الحسن قائداً للقوات الخاصة

من جهته، قلّل الباحث والمحلل السياسي درويش خليفة، في حديث لـ"العربي الجديد"، من أهمية تعيين سهيل الحسن قائداً للقوات الخاصة، وحتى من أهمية الحسن نفسه كقائد ميداني. وأشار إلى أن "الهالة الإعلامية التي سوقتها القوات الروسية في سورية حول الضابط سهيل الحسن، بتسميته النمر، هي ما أعطته سطوة وقيمة معنوية لدى جنوده وعند حاضنة النظام، فالمعارك التي تكون تحت قيادة الحسن يشارك فيها سلاح الجو والمدفعية ويتم دعمها بكل الوسائل الممكنة"، ما يجعلها تحقق نتائج بطبيعة الحال. واعتبر أن "نائب الحسن لمدة سبع سنوات، أي الضابط صالح العبد الله، هو القائد الحقيقي والأكثر تخصصاً، لكونه ضابط مشاة وهو أقدم منه بأربع دورات".

درويش خليفة: هذه التعيينات لن تؤثر على وجود الإيرانيين

وفي قراءة للتعيين، اعتبر خليفة أن "النظام قام بتوجيه من القوات الروسية بتعيين العبد لله قائداً للفرقة 25 والتي تتمركز في الشمال السوري، ونقل سهيل الحسن إلى مقر قيادة القوات الخاصة في القابون (وسط دمشق) بمنصب إداري، مما يدلّ على أن الروس قاموا بتجميد سهيل الحسن وإعادته لوضعه الطبيعي بعيداً عن الإعلام، وهو ما يشير بشكل أو بآخر إلى أن المعارك المباشرة في سورية تسير إلى نهايتها، وهذا مؤشر ربما يقود البلاد لتغيير في الشكل الإداري ورضوخ الروس عند مطالب عديدة تنادي بتحول سورية من دولة شديدة المركزية إلى دولة فيدرالية".

ولا يعتقد خليفة أن "الإيرانيين مهتمون بكل هذه القرارات، فالحرس الثوري والمليشيات التابعة للنظام الإيراني تنتشر أفقياً في سورية ولها عيون في كل مقر عسكري لجيش النظام، وبالتالي فإن هذه الانتقالات لن تؤثر على وجودهم من الداخل". وأضاف: "وحدها الضربات الاسرائيلية كفيلة بتغيير واقع الوجود والانتشار الإيراني على الجغرافيا السورية، ولا مناص من القول إن الروس ربما يحضرون هيكلية جديدة لجيش النظام تتطور مع المتغيرات، لتسد مكان أي مليشيات تغادر سورية مستقبلاً".

وتتألف القوات الخاصة، ومقر قيادتها حي القابون في دمشق، من عدد من الأفواج والألوية التي تنتشر في معظم الجغرافيا السورية. لكن أهم ألويتها تتمركز في محيط دمشق. وتعتبر إلى جانب الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة من أهم الوحدات المعنية بالحفاظ على النظام. وشاركت القوات الخاصة في الحرب السورية من خلال دخول المحافظات المدن والبلدات، لكن بشكل أقل من غيرها من الوحدات، وعلى الرغم من ذلك تلقت خسائر فادحة في العديد والعتاد في معاركها ضد قوات المعارضة السورية، لاسيما في محيط دمشق وحمص والبادية السورية.

المساهمون