سنو لـ"العربي الجديد": الحوار مع الأسد بدون تغيير لن يساعد السوريين

آن سنو لـ"العربي الجديد": الحوار مع الأسد بدون تغيير لن يساعد السوريين

26 يوليو 2023
آن سنو: النظام تسبب بتقسيم سورية (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يؤرخ العام الحالي فقط 12 سنة على انطلاق الثورة السورية، بكل ما تحمله من أرقام موجعة عن القتل والدمار والتهجير والاختفاء القسري، بل يؤرخ أيضاً لسعي معظم الدول العربية إلى تطبيع علاقاتها مع نظام بشار الأسد بدون ثمن واضح أو تنازل ملموس.

المملكة المتحدة لا تزال بين الدول الرئيسية الرافضة للتطبيع "المجاني"، وتؤدي دوراً قيادياً، إلى جانب فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، في دعم العملية السياسية وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة وتمويلها. كما أنها لا تزال متمسكة بلاءاتها الثلاث المتعلقة إلى جانب التطبيع، إعادة الإعمار ورفع العقوبات.

آن سنو: المملكة المتحدة لا تنوي إعادة العلاقة مع نظام الأسد لحين قيام النظام بخطوات جدية لتغيير سلوكه

عن ذلك وغيره، تتحدث الممثلة البريطانية الخاصة إلى سورية آن سنو، في مقابلة مع "العربي الجديد"، شارحة موقف بلادها من التطبيع مع النظام السوري، والجهود التي تبذلها المملكة المتحدة في مواجهة عودة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، إضافة إلى ملف المحاسبة والمساءلة والمساعدات الإنسانية التي يفتقر إليها ملايين السوريين.
* ما هو موقف المملكة المتحدة من عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية؟
المملكة المتحدة غير مرتاحة لإعادة سورية إلى الجامعة العربية لأن النظام السوري لم يعالج الأسباب التي أدت في البداية إلى خروج بلاده منها. لكن في نهاية المطاف هذا قرار عائد للجامعة العربية. أما بالنسبة للمملكة المتحدة، فنحن لن نفكر بأي علاقة دبلوماسية مع نظام الأسد قبل مشاركته بشكل جاد بالعملية السياسية، وقبل أن نشهد تقدماً ملحوظاً في ملف المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سورية.

* هل بذلت لندن جهوداً مع الرياض وباقي العواصم لمنع التطبيع؟
طبعاً المملكة المتحدة في حوار دائم مع الشركاء الإقليميين على مختلف المستويات الوزارية الرفيعة، وموقفنا واضح ومعروف: نحن نتفهم هواجس شركائنا، ولكن يبقى موقفنا أن التواصل مع النظام السوري في ظل غياب أي تغيير في قضية مشاركته الجادة في العملية السياسية والمحاسبة لن يساعد السوريين ولا العالم.

* لكن هناك من يقول إن موقف لندن هو: نحن لا نطبّع مع النظام، لكن إن طبّعت الدول العربية فعليها الحصول على ثمن التطبيع مقابل ذلك، صحيح؟
إلى حد ما، الحوار مع نظام الأسد بدون أي تغيير ملموس، أو بدون محاسبة حقيقية على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، لن يساعد لا الشعب السوري ولا المنطقة ولا العالم. نحن في المملكة المتحدة نعتقد أن على النظام اتخاذ خطوات جدية تماشياً مع القرار 2254. كما أن أي تواصل بين الدول العربية ونظام الأسد في المستقبل يجب أن يقترن بشروط وتغييرات جوهرية.
* ماذا عن اللاءات الثلاث البريطانية الأوروبية الأميركية: لا للتطبيع، لا لرفع العقوبات، لا للمساهمة في إعادة الإعمار، قبل تحقيق تقدم باتجاه الحل السياسي. هل لا يزال هذا موقف لندن؟
المملكة المتحدة لا تنوي إعادة العلاقة مع نظام الأسد، أو تقديم أي مساعدات لإعادة الإعمار، إلى حين قيام النظام بخطوات جدية لتغيير سلوكه، أو الانخراط الجدي في العملية السياسية للأمم المتحدة، ويتم التأكيد على المحاسبة بشأن الجرائم المرتكبة في سورية. أي تغيير في موقفنا سيكون مشروطاً بتغييرات أساسية من قبل دمشق.
* كيف تنظرون إلى الحل السياسي وانعقاد اللجنة الدستورية وتطبيق القرار 2254؟
العملية السياسية مهمة جداً، وعمل المبعوث الأممي إلى سورية لدعم اللجنة الدستورية في غاية الأهمية، كما عمل المعارضة السورية أيضاً. على النظام أن يأتي إلى طاولة المفاوضات وأن ينخرط بشكل هادف لإنهاء المعاناة في سورية.
* هولندا وكندا دعمتا فتح ملف التعذيب في المحكمة الجنائية الدولية، ما هو موقف لندن؟

آن سنو: القرار 2254 يطرح مساراً واضحاً للخروج من الصراع

المحاسبة مهمة جداً وتشكل أولوية بالنسبة إلى المملكة المتحدة ولي شخصياً، لذلك نرحب بهذه الخطوة. النظام استخدم، ولا يزال، التعذيب والاعتداء الجنسي الممنهج والأسلحة الكيميائية، ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في المستقبل بدون المحاسبة على هذه الجرائم التي ارتُكبت ضد الشعب السوري.
* انتهت في 10 يوليو/تموز الحالي صلاحية القرار الدولي الخاص بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود بدون تفاهم على تجديده. كيف سيتم إيصال المساعدات للسوريين؟
نعرف أنه كان على روسيا أن تشرح في الأمم المتحدة الأسباب التي أدت إلى استخدامها حق الفيتو لوقف وصول المساعدات لأكثر من 4 ملايين شخص في سورية، ونحن نشعر بقلق حقيقي تجاه هذه الحالة البائسة على الأرض، وتجاه عدم وصول المساعدات إلى من يحتاجها بسبب الشروط غير القابلة للتطبيق التي وضعها النظام. ليس هناك أي مبرّر مقبول لهذا الوضع، حيث يعاني الشعب السوري، ومسؤوليتنا الجماعية هي المساعدة. الآن، أعتقد أن الأمر المهم هو أننا نريد أن نشهد وصول المساعدات بشكل منتظم ومضمون إلى من يحتاجها في شمال غرب سورية.
* المبعوث الأممي غير بيدرسون يقترح مقاربة "خطوة مقابل خطوة"، كيف تنظرون إلى هذه المقاربة؟
هذا صعب، المشكلة تكمن في تعنّت نظام الأسد وروسيا. وهذا سبب رئيسي في عدم إحراز أي تقدم في العملية السياسية. لكن في الوقت نفسه يجب أن ندعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى سورية من أجل تتويج نظرية "خطوة مقابل خطوة" للوصول إلى حل سياسي في سورية. وأعتقد أن القرار 2254 يطرح مساراً واضحاً للخروج من الصراع، مع حماية حقوق جميع السوريين ومشاركة المجتمع المدني والنساء والأقليات. ومن اللازم أن نتذكر أن المشكلة هي تعنّت النظام.
* سورية مقسّمة اليوم إلى ثلاث مناطق نفوذ، هل تعتقدين أنه يمكن لسورية أن تعود موحّدة؟
كل السوريين الذين التقيت بهم يريدون رؤية سورية واحدة موحدة، وللأسف النظام السوري تسبب بما نشهده الآن من تقسيم. أي حل في سورية يجب أن يكون مبنياً على أساس قرار مجلس الأمن 2254، وهو يبيّن الخطوات اللازمة، ومنها وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد، وتأمين المساعدات الإنسانية للجميع، والتقدم والمضي باتجاه إقامة انتخابات حرة ونزيهة في جميع أنحاء سورية. وهذه هي الطريق نحو الاستقرار والازدهار مستقبلاً.
* أخيراً، كيف ترين سورية بعد عشر سنوات؟
للأسف يبقى مستقبل سورية غير واضح عندما نرى عدم التزام النظام بتعهداته تجاه شعبه. لكن في الوقت نفسه وخلال الأشهر الأولى لي في هذا المنصب كان لي شرف اللقاء بمجموعة واسعة من السوريين الموهوبين والاستثنائيين الذي شاركوني طاقتهم الإيجابية ورؤيتهم للبلد ومستقبله، وهذا منحني بعض الأمل.