كشفت المواجهات العسكرية المحتدمة منذ أيام في جنوب وغرب محافظة مأرب شرق العاصمة اليمنية صنعاء، عن امتلاك الحوثيين طائرة هليكوبتر مقاتلة، ظهرت ضمن منظومتهم لسلاح الجو للمرة الأولى منذ تدخّل التحالف العربي في حرب اليمن عام 2015.
ويطرح هذا التطور تساؤلات حول ما إذا كانت الجماعة تخفي مزيداً من الأسلحة الجوية وتتريث في الإعلان عنها حتى تستدعي الحاجة ذلك، لا سيما أن الكشف عن وجود المروحية تزامن مع تنفيذ التحالف العربي عمليات عسكرية جوية غير مسبوقة استهدفت القدرات الجوية والصاروخية للحوثيين، خصوصاً في صنعاء.
وأظهرت مقاطع مصورة أخيراً، طائرة مروحية عسكرية (هيلكوبتر)، شوهدت، الثلاثاء الماضي، وهي تستهدف القوات الحكومية في جبهات جنوب وغرب محافظة مأرب.
وطبقاً للمشاهد التي تم التقاطها، استخدم الحوثيون المروحية كما لو أنها مقاتلة أباتشي، إذ هبطت إلى علوّ منخفض جداً، وقامت بقصف التحصينات الأمامية للجيش اليمني بشكل خاطف، قبل أن تغادر عائدة إلى أدراجها التي يُعتقد أنها انطلقت منها في مديرية حريب، جنوبي مأرب.
الحارثي: ظهور سلاح المروحية بيد الحوثيين بمثابة تطور جديد وخطير
تطور خطير
وأكدت مصادر عسكرية في مأرب لـ"العربي الجديد" صحة المقاطع المصورة. بدوره، قال القيادي الميداني في صفوف القبائل التي تقاتل الحوثيين في مأرب والبيضاء، عبد الرحمن الحارثي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المروحية العسكرية التي شوهدت في المعارك تابعة للحوثيين، واستخدموها خلال محاولتهم دك التحصينات الدفاعية للقوات الحكومية في جبل البلق الشرقي، خصوصاً التي كان يتمركز فيها القناصة والمدفعية وحالت دون تقدمهم.
ووفقاً للحارثي، فإن "عودة ظهور سلاح المروحية بيد الحوثيين بمثابة تطور جديد وخطير، ويطرح العديد من التساؤلات حول كيف تمكن الحوثيون من الحصول على هذا السلاح، وما إذا كان من ضمن ما نهبوه لحظة انقلابهم على الدولة في عام 2014، وأخفوه طيلة الفترة الماضية".
وبعد صمت دام لأيام، نشر الحوثيون صوراً لطائرة الهليكوبتر، قائلين إنه تمت إعادتها للخدمة.
ومنذ اجتياحها صنعاء وسيطرتها على القواعد العسكرية الجوية، استخدمت جماعة الحوثيين المقاتلات الحربية في مناسبة واحدة فقط، عندما هاجمت قصر معاشيق الرئاسي في عدن، يوم 21 مارس/آذار 2015، أي قبل 5 أيام من انطلاق عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية.
وطيلة سنوات الحرب، كانت الأجواء اليمنية محتكرة لكافة أنواع الطيران الحربي التابع للتحالف العربي. ولذلك، فإنّ ظهور مروحية خلال معارك مأرب قبل أيام، أثار دهشة كبيرة في صفوف أفراد الجيش اليمني الذين ترددوا في استهدافها ظناً منهم أنها تابعة للتحالف، كما أوضحت مقاطع مصورة تم تداولها.
ويؤدي سلاح الجو، لا سيما المسيّرات، دوراً رئيساً في سير المواجهات العسكرية، خصوصاً في الفترة الأخيرة.
صواريخ أرض - جو
وكان الحوثيون قد أعلنوا، الثلاثاء الماضي، عبر متحدثهم العسكري، العميد يحيى سريع، عن تمكنهم من إسقاط طائرة مسيرة أميركية الصنع في جبهات جنوب وغرب مأرب، بسلاح لم يفصحوا عن نوعه.
لكن سريع عاد، مساء الأربعاء الماضي، ليؤكد امتلاك الجماعة صاروخ أرض جو ضمن منظومة الحوثيين الدفاعية.
تردد أفراد الجيش اليمني في استهداف المروحية ظناً منهم أنها تابعة للتحالف
ويعد إعلان الحوثيين عن امتلاكهم صواريخ أرض جو، تطوراً جديداً، ويذهب البعض لربط ذلك، إضافة إلى إعادة الهليكوبتر للعمل في معارك مأرب، بوجود اعتقاد لدى الحوثيين بأن الفترة الأخيرة تشهد دعماً عسكرياً جوياً من أطراف دولية عدة، مقدما للقوات الحكومية.
وتتزامن زيادة استخدام سلاح الجو في معارك جبهات جنوب وغرب مأرب، مع الصراع الجوي بين التحالف العربي والحوثيين، لا سيما مع تكثيف طيران التحالف أخيراً من عملياته العسكرية الجوية ضد قدرات الحوثيين الجوية والصاروخية، من خلال استهداف منصات إطلاق الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، فضلاً عن معامل ومخازن تحت الأرض لصناعة الطيران المسير المفخخة، وكذلك مخازن الصواريخ في صنعاء ومحيطها.
وتأتي هجمات التحالف بعد تمكنه الشهر الماضي من الحصول على معلومات من صنعاء حول أنشطة الحوثيين، ويعتقد البعض بأن الولايات المتحدة تقف وراء تزويد التحالف بهذه المعلومات.
سعي لإنهاء قدرات الحوثيين الجوية
في السياق، قال القيادي الميداني في الجيش الوطني، النقيب بليغ السلفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "تحالف دعم الشرعية من خلال العملية العسكرية الجوية الجديدة، يسعى لإنهاء قدرات الحوثيين وإمكانياتهم الجوية والصاروخية إلى أكبر قدر ممكن، بعد أن باتوا يشكلون خطراً على اليمن وجيرانه وعلى الممرات الدولية".
وأضاف السلفي أن "عملية التحالف الجديدة هذه، تحظى بدعم وغطاء دول عدة، ومن شأنها أن تنهي تهديدات الحوثيين للجميع، خصوصاً بعد التصعيد الجديد في مأرب، واستهدافهم للمناطق المدنية السعودية، تنفيذاً لتوجيهات الحاكم الإيراني في صنعاء"، في إشارة إلى السفير الإيراني لدى حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً، حسن إيرلو.
وأشار السلفي إلى أنه "على الرغم من الغارات الجوية المكثفة ضد مخازن وقدرات الحوثيين من قبل طيران تحالف دعم الشرعية، إلا أن الحوثيين يحاولون الدخول في الصراع الجوي هذا، عبر المسيّرات المفخخة والصواريخ البالستية، لمهاجمة الأراضي السعودية، إلى جانب محاولة استخدام قدراتهم الصاروخية لاستهداف مدينة مأرب".
وتابع "لكن كثافة الغارات وعمليات التحالف الأخيرة حدّت من قدرة الحوثيين، بسبب تعرّض معظم منظوماتهم الدفاعية والجوية للاستهداف في صنعاء ومأرب، وسط مخاوف لديهم من انكشاف ما تبقى لديهم بفعل الرقابة الجوية لأعمالهم، منذ انكشاف بعض مواقعهم السابقة وعودة العمليات العسكرية الجوية ضدهم".
السلفي: عملية التحالف الجديدة تحظى بدعم دول عدة
اتساع رقعة المعارك
واتسعت رقعة المعارك الدائرة على أطراف مدينة مأرب بشكل غير مسبوق في الأيام الأخيرة، إثر هجمات انتحارية لجماعة الحوثيين على تحصينات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية من محاور مختلفة في الجبهات الجنوبية والشرقية للمحافظة النفطية.
وبعد انحسار نسبي للقتال منذ أواخر الشهر الماضي، رمت جماعة الحوثيين، بكل ثقلها العسكري على الجبهة الجنوبية، في مسعى منها لتحقيق اختراق جوهري في سلسلة جبال البلق، أبرز تحصينات القوات الحكومية في مديرية مأرب الوادي.
وأكدت مصادر عسكرية وقبلية لـ"العربي الجديد"، أن المعارك لم تهدأ منذ الأحد الماضي، حيث تصاعدت المواجهات بشكل قياسي إثر تسلل للحوثيين إلى سلسلة جبال البلق الشرقي ومناطق في وادي عبيدة، وذلك للمرة الأولى.
ووفقا للمصادر، فقد أسفرت المعارك المتواصلة منذ الأحد الماضي، عن سقوط مئات القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين.
ودارت أغلب المعارك من مسافة صفرية بين الجيش اليمني والحوثيين. وعلى الرغم من الاقتراب غير المسبوق لمناطق التماس بين الجانبين، إلا أن مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية، شنت ضربات جوية مكثفة على تحركات المجموعات الحوثية، وإن كانت لم تكبح تسللاتها بشكل جذري.
ووفقاً لما أحصته وسائل إعلام حوثية منذ الأحد الماضي وحتى مساء أول من أمس الجمعة، فقد شن الطيران الحربي 167 غارة جوية، في معدل قياسي يكشف ضراوة المعارك الدائرة على الأرض.