أثار سقوط صاروخ في منطقة بولندية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، وأدى إلى مقتل شخصين، مساء الثلاثاء، مخاوف في حلف شمال الأطلسي "الناتو" من إمكانية تمدد المواجهة مع روسيا، وسط غموض بشأن مصدر الصاروخ ونفي موسكو علاقتها به.
وقال مسؤولان في حلف شمال الأطلسي ودبلوماسي أوروبي إنّ الحلف سيعقد اجتماعاً طارئاً الساعة 10:00 بتوقيت وسط أوروبا (09:00 بتوقيت غرينتش) اليوم الأربعاء لمناقشة أمر الانفجار الذي وقع في شرق بولندا.
وقال الحلف في بيان إنّ اجتماع سفرائه في بروكسل سيرأسه الأمين العام ينس ستولتنبرغ، الذي سيعقد مؤتمراً صحافياً في حوالي الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش.
يأتي هذا بينما أفاد البيت الأبيض بأنّ الرئيس الأميركي جو بايدن، وحلفاء رئيسيين، أجروا محادثات "طارئة"، الأربعاء.
وشارك في الاجتماع الذي تم الإعداد له على عجل، قادة دول الاتحاد الأوروبي، وجميع قادة دول مجموعة السبع؛ أي بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة.
ووصف موقع البيت الأبيض الاجتماع المغلق، الذي عقد في بالي، بعد طلب مغادرة الصحافيين، بأنه "طاولة طارئة مستديرة".
وأثار سقوط الصاروخ في بولندا العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" مخاوف من أن يتم جرّ الحلف إلى حرب روسيا، المستمرة منذ قرابة تسعة أشهر في أوكرانيا المدعومة من الغرب.
وكان البيت الأبيض حذراً في ردّه الأولي، ولم يلق باللوم على أحد في سقوط الصاروخ الذي أصاب قرية بولندية. واتصل بايدن بالرئيس البولندي أندريه دودا من بالي، ليشدد على بقاء الطرفين "على اتصال وثيق لتحديد الخطوات التالية المناسبة مع استمرار التحقيقات"، وفق البيت الأبيض.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إنه اتصل بنظيريه البولندي والأوكراني. وأضاف بلينكن: "تعهدنا بمواصلة التنسيق الوثيق في الأيام المقبلة مع استمرار التحقيقات من أجل تحديد الخطوات التالية المناسبة".
وغرّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على "تويتر" قائلاً، إنه دعا إلى استجابة "صارمة" خلال مكالمته مع بلينكن.
Detailed call with @SecBlinken on Russian missile terror — its scale, aims, consequences. I stressed the response to what happened in Poland must be stiff and principled. Grateful for affirming the US will double down on recovering our energy system, together with G7 and the EU.
— Dmytro Kuleba (@DmytroKuleba) November 16, 2022
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن أنباء سقوط صواريخ على بولندا "مثيرة جداً للقلق".
جاء ذلك في تصريحات لنائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل، رداً على سؤال حول ادعاءات سقوط صواريخ روسية على قرية بولندية على الحدود مع أوكرانيا. وأفاد باتيل بأنّ البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" يتابعان أعمال التحقيق والتحري في الحادثة.
بايدن: انفجار بولندا ربما لم يكن بسبب صاروخ أُطلق من روسيا
وقال بايدن إنّ الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي يتحرون عن الانفجار الذي أسفر عن مقتل شخصين في بولندا، لكن المعلومات الأولية تشير إلى أنه ربما لم يكن ناجماً عن صاروخ أُطلق من روسيا.
وتحدّث بايدن بعدما عقد زعماء العالم، الذين كانوا مجتمعين لحضور قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، اجتماعاً طارئاً، اليوم الأربعاء، بعد انفجارات مميتة في برشفوداو، وهي قرية في شرق بولندا قريبة من حدود أوكرانيا.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان من المبكر القول إنّ الصواريخ أطلقت من روسيا، قال بايدن إنّ مسارها يشير إلى خلاف ذلك. وأضاف الرئيس الأميركي: "هناك معلومات أولية تعارض ذلك. لا أريد أن أقول ذلك حتى نحقق في الأمر بالكامل، لكن من غير المرجح... أنه أُطلق من روسيا".
وقال بايدن إنّ الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي ستحقق في الواقعة بشكل كامل قبل التصرف.
اتصل بايدن، الذي أيقظه الموظفون خلال الليل بنبأ الانفجار الصاروخي، بالرئيس البولندي أندريه دودا، في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، للتعبير عن "تعازيه الحارة" في الخسائر في الأرواح.
ووعد الرئيس بايدن "بالدعم الأميركي الكامل والمساعدة في تحقيق بولندا"، و"أعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة الصارم تجاه الناتو".
دودا: ليس هناك من "دليل قاطع" على هوية الجهة التي أطلقت الصاروخ
لكن الرئيس البولندي أندريه دودا سعى إلى تهدئة التوتر، حيث قال في مؤتمر صحافي: "ليس لدينا في الوقت الراهن دليل قاطع على هوية الجهة التي أطلقت الصاروخ"، معتبراً أن الأمر حادث "معزول".
وأضاف: "لا يوجد لدينا شيء يؤشر إلى أنه سيكون هناك المزيد" من الصواريخ.
فرنسا تؤكد ضرورة توخي "أقصى درجة من الحذر" بشأن مصدر الصاروخ في بولندا
بدورها، دعت فرنسا إلى توخي "أقصى درجة من الحذر" بشأن مصدر الصاروخ الذي سقط في بولندا مع تحذير "دول عدة" في المنطقة، تمتلك النوع نفسه من السلاح، من "خطر تصعيد كبير".
وأكدت الرئاسة الفرنسية أنه "نظراً للرهانات، من المنطقي أن نتعامل مع المسألة بأقصى درجة من الحذر"، مذكّرة بوجود "مخاطر تصعيد كبيرة في المنطقة". وقال أحد مستشاري الرئيس الفرنسي إنّ "هناك الكثير من المعدات في المنطقة وتركُّز كبير للأسلحة. عدد كبير من الدول يمتلك النوع نفسه من الأسلحة، وبالتالي فإن تحديد نوع الصاروخ لا يعني بالضرورة تحديد الجهة التي أطلقته".
وصرّح مستشار آخر للرئيس بأنه "يجب النظر إلى الوقائع بدقة كبيرة، النظر إلى المعلومات وخرائط السماء ورؤية بيانات الأقمار الاصطناعية. هذه قضية لا يمكن أن نخطئ فيها". وأضاف: "لو كان صاروخاً أوكرانياً (...) لما كان الأمر بطبيعة الحال هو نفسه سياسياً لأنه لا يمكن أن نتصور أنّ أوكرانيا تعمّدت إطلاق صاروخ على بولندا".
وكانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت، مساء الثلاثاء، أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون "تواصل" مع بولندا بعد الأنباء عن سقوط صاروخين روسيين على أراضيها، و"يستعلم عن الوضع".
وقال قصر الإليزيه، لوكالة فرانس برس، إنّ ماكرون "يدرس احتمال مناقشة (المسألة) اعتباراً من صباح الغد (الأربعاء) على مستوى القادة"، "نظراً إلى وجود جميع شركائنا الأوروبيين الكبار وشركائنا الكبار الحلفاء" في إندونيسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين، حيث يتواجد الرئيس الفرنسي أيضاً.
وأشار الإليزيه إلى أنّ اليوم الثاني لقمة مجموعة العشرين سيكون "لحظة هامة" لرصّ صفوف شركائنا.
بولندا ترفع حالة التأهب
وكانت بولندا قد رفعت، الثلاثاء، درجة تأهب الوحدات العسكرية، في أعقاب التقارير التي تشير إلى مقتل شخصين إثر سقوط صاروخين عند الحدود الأوكرانية.
جاء ذلك في تصريحات لمتحدث الحكومة البولندية بيوتر مولر، عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي في العاصمة وارسو. وقال: "اتخذنا قراراً برفع مستوى تأهب بعض الوحدات القتالية وغيرها من الأجهزة".
أضاف مولر أنّ بولندا تبحث أيضاً "إذا كانت ستحتاج إلى تفعيل المادة 4 من ميثاق حلف شمال الأطلسي"، على خلفية الأحداث ذاتها.
وقال رجال إطفاء إنّ شخصين قتلا في انفجار في قرية برشفوداو شرقي بولندا، على بعد نحو 12 كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا.
وتتيح المادة الرابعة لأي دولة عضو في الناتو طلب التشاور مع الحلفاء، في حال استشعرت أن سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أمنها معرض للتهديد.
ويلتزم أعضاء حلف شمال الأطلسي بالدفاع الجماعي، لذا فإنّ توجيه ضربة روسية لبولندا قد يخاطر بتوسيع رقعة الصراع مع روسيا.
نفي أوكراني وآخر روسي
وأفادت وكالة أسوشييتد برس للأنباء، اليوم الأربعاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، بأنّ النتائج الأولية تشير إلى أن الصاروخ الذي ضرب بولندا أطلقته القوات الأوكرانية لاعتراض صاروخ روسي.
من جهتها، وصفت كييف المزاعم بأنّ أحد الصواريخ الأوكرانية سقط في بولندا بأنها "نظرية مؤامرة". وكتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة: "روسيا تروّج الآن لنظرية مؤامرة تزعم أن صاروخاً (أطلقه) سلاح الجوّ الأوكراني سقط في أراضي بولندا. هذا الأمر غير صحيح. يجب ألا يصدق أحد الدعاية الروسية أو ينشر رسائلها".
Russia now promotes a conspiracy theory that it was allegedly a missile of Ukrainian air defense that fell on the Polish theory. Which is not true. No one should buy Russian propaganda or amplify its messages. This lesson should have been long learnt since the downing of #MH17.
— Dmytro Kuleba (@DmytroKuleba) November 15, 2022
لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال، الثلاثاء، إنه ليست لديه معلومات عن وقوع انفجار في بولندا. ورداً على سؤال من "رويترز"، قال بيسكوف: "للأسف ليست لدي معلومات عن هذا الأمر". ونفت وزارة الدفاع الروسية تعرض بولندا لضربة بصواريخ روسية.
الصين تدعو كل الأطراف إلى "الهدوء"
وفي المواقف الدولية، دعت الصين جميع الأطراف إلى "الهدوء" بعد أنباء عن سقوط صاروخ روسي الصنع في بولندا، ووضع الجيش البولندي في حالة تأهب.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في مؤتمر صحافي دوري "في ظل الوضع الراهن، يتعين على جميع الأطراف المعنية التزام الهدوء وضبط النفس من أجل تجنب التصعيد".
(رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)