سقط أول استجواب داخل مجلس النواب المصري في فصله التشريعي الحالي، بإعلان الحكومة استقالة وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل من منصبه لـ"ظروف شخصية"، الأحد، إثر تعرضه لهجوم حاد على مدار الأشهر الماضية من الأغلبية البرلمانية، ممثلة في حزب "مستقبل وطن"، ووسائل الإعلام الموالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسبب انتقاده طريقة تسيير وسائل الإعلام، وضعف المحتوى المقدم في الصحف والقنوات المصرية.
ودخل هيكل في صراع غير معلن مع الضابط النافذ في جهاز المخابرات العامة أحمد شعبان، الذي يدير منظومة الإعلام في مصر من وراء ستار، إلى جانب ما يعرف بـ"تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" داخل البرلمان، والتي تقدم أحد أعضائها، وهو النائب نادر مصطفى، باستجواب ضد هيكل يتهمه فيه بـ"الفساد المالي"، و"إهدار أموال الدولة أثناء توليه منصبه".
وتغيب هيكل عن حضور جلسة استجوابه في البرلمان مطلع إبريل/نيسان الجاري، ما دفع العديد من النواب إلى مواصلة الهجوم عليه لحمله على الاستقالة، بسبب رفض الوزير تغول شعبان في المشهد الإعلامي المصري في "جلسات مغلقة"، وانتقاده الأداء الإعلامي في القنوات الفضائية المملوكة لـ"الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، التابعة بدورها للمخابرات المصرية، وفقاً لمصادر مطلعة.
وحسب تقرير للجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، فإن هيكل ارتكب مخالفات مالية وإدارية أثناء توليه منصبه، ومنها إهداره نحو 12 مليون جنيه من موازنة الدولة خلال ستة أشهر من توليه منصبه الوزاري، وتورطه في شراء فندق "موفنبيك" بمبلغ 300 مليون جنيه رغم امتلاك شركة الإنتاج الإعلامي للفندق، وإسناده تطوير مدينة "ماجيك لاند" لإحدى الشركات بـ"الأمر المباشر" من دون إعلان، بما يمثل مخالفة لقانون تنظيم التعاقدات رقم 182 لسنة 2018.
وهيكل صحافي ومحرر عسكري سابق لجريدة "الوفد" الحزبية، واستغل قربه من أعضاء في المجلس العسكري عقب ثورة 25 يناير في شغل منصب وزير الإعلام خلال النصف الثاني من عام 2011، في فترة شهدت أحداثاً جساماً، مثل "ماسبيرو" و"محمد محمود" و"مجلس الوزراء"، وقف فيها الإعلام الرسمي ضد الثوار، ومارس حملة ممنهجة لتشويههم لصالح المجلس العسكري الحاكم حينها.
وخلال أحداث ماسبيرو، وصف هيكل ما حدث بأنه "مؤامرة إخوانية لإسقاط الدولة"، ومارس التلفزيون المصري تغطية غير محايدة، وحرض ضد المواطنين المسيحيين المتظاهرين، وحث بقية المواطنين على النزول للدفاع عن جيشهم، بعد أن أذاع أخباراً عن مقتل قوات الجيش على يد المتظاهرين. كما أغلق مكتب قناة "الجزيرة" الفضائية بالقاهرة في عهده، بدعوى عملها من دون تصريح.
وعُين هيكل في أغسطس/آب 2014 رئيساً لمدينة الإنتاج الإعلامي، وتعرض للطرد من المدينة من قبل العاملين الغاضبين من محاولته إثناءهم عن الاعتصام.
وبوصفه من أهل الثقة، وضعته قيادات الجيش في تحالف انتخابي مدعوم من الدولة عام 2015، ليشغل رئاسة لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب لمدة 4 أعوام، قبل أن يستقيل لتوليه منصب وزير الدولة للإعلام أواخر عام 2019.