سعي تركي لأجندة إيجابية قبيل قمة أردوغان وبايدن في غلاسكو

28 أكتوبر 2021
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (إركين إرتورك/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تكثفت الاتصالات الرسمية التركية الأميركية، في الأيام الأخيرة، تمهيداً للقاء القمة المتوقع عقده بين رئيسي البلدين على هامش قمة المناخ، المنتظر عقدها في مدينة غلاسكو الشهر المقبل، في ظل سعي تركي لأجندة إيجابية تسبق وترافق القمة.

وتأتي القمة المرتقبة بعد أن وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات حادة للرئيس الأميركي، جو بايدن، وإدارته الشهر الماضي، حيث بين أن عدم البداية الجيدة معه ليست علامة خير، وذلك بعد عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك دون لقاء بينهما.

وأعقب ذلك إعلان عن حصول لقاء بين الزعيمين في غلاسكو، حيث قال أردوغان، الأربعاء، أنه سيلتقي نظيره الأميركي في مدينة غلاسكو الإسكتلندية، وأن ملف المقاتلات إف 35 سيكون البند الأهم في المحادثات بينهما، وذلك في تصريحات أدلى بها للصحافيين.

وأعقب إعلان أردوغان مجموعة من التصريحات واللقاءات، منها حديث وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، في حوار تلفزيوني، الخميس، حيث قال أن "اللقاء جاء بطلب من الجانب الأميركي وسيكون في غلاسكو، ولم يحدد التاريخ والساعة بعد، وسيتم الإعلان عنه لاحقاً".

وأضاف أوغلو "أميركا أخرجت تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات إف 35 دون وجه حق، بسبب صواريخ إس 400، وتم دفع أموال للمقاتلات دون تسليمها وتركيا يجب أن تستعيد أموالها، وهناك كثير من المنتجات العسكرية التي لا تشملها عقوبات كاتسا موجودة والجيش التركي بحاجتها، وسيتم مواصلة المشاورات مع الوفود الأميركية".

كما أكد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أهمية مواصلة الحوار من أجل إدارة الخلافات والحفاظ على العلاقات الثنائية البناءة بين البلدين، في بيان صادر عن مجلس الأمن القومي بعد اتصال هاتفي جرى بينهما في وقت سابق الأربعاء.

فيما أعلن مكتب قالن أن متحدث الرئاسة التركية بحث مع سوليفان العلاقات بين البلدين، وملف الطائرات المقاتلة من طرازي إف 35 وإف 16، وتغير المناخ، وملفات إقليمية بينها أفغانستان وسورية وليبيا وقره باغ (أذربيجان) واليونان وشرق البحر المتوسط، كما بحث الطرفان أيضاً القضايا والتفاصيل المتعلقة باللقاء الثنائي الذي من المخطط إجراؤه بين أردوغان وبايدن في غلاسكو.

كما بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في اتصال هاتفي، الأربعاء، مع نظيره الأميركي لويد جيمس أوستن، قضايا الدفاع والأمن الثنائية والإقليمية، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية، الذي أشار إلى أن أكار وأوستن ركزا على الخطوات حيال وضع أجندة إيجابية قبل اللقاء المخطط بين أردوغان وبايدن.

كذلك أجرى وفد من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأربعاء، مباحثات في العاصمة التركية أنقرة، لمناقشة الخلافات الناشئة عن استبعاد تركيا من برنامج إنتاج إف35.

جاء ذلك وفق بيان صادر عن المتحدث باسم البنتاغون أنطون سميلروث، حيث أشار إلى أن الوفد أجرى مباحثات لحل الخلافات بهدف معالجة المسائل العالقة الناجمة عن إبعاد تركيا عن برنامج طائرات إف 35، والذي تم الانتهاء منه في 23 سبتمبر/ أيلول، كما أشار سميلروث إلى مشاركة مسؤولين من وزارة الدفاع التركية في المباحثات، مبيناً أن المناقشات كانت مثمرة، وأن الوفدين يخططان للقاء مرة أخرى في واشنطن في الأشهر المقبلة.

وبحسب اللقاءات من الواضح أن الأجندة الرئيسية هي صفقة جديدة بديلة عن شراء تركيا مقاتلات إف 35 والاستعاضة عنها بمقاتلات إف 16 وتجهيزات عسكرية مختلفة، ولكن ستكون جميع التوافقات أمام تحدي موافقة الكونغرس عليها، وهو ما لا يعول عليه مراقبون بشكل كبير.

كما أن الملف السوري سيكون هاماً وسيكون على أجندة الحوار، خاصة بعد طلب تركيا التزام أميركا بإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من المناطق الحدودية، وإبعادها مسافة 30 كلم بما يضمن أمن تركيا، حيث هناك تركيز إعلامي تركي رسمي كبير عليه في الفترة الأخيرة مع تهديدات من قبل أردوغان بتنفيذ عمليات عسكرية في حال عدم تطبيق التفاهمات، ويضاف لما سبق العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلاً عن العلاقات الاقتصادية والملفات الأخرى، وتحسين العلاقات.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر، الدكتور علي باكير، في حديث لـ"العربي الجديد"، معلقاً على القمة والأجندة الإيجابية التي تسعى تركيا لها بالقول "اللقاء في غاية الأهمية والحساسية حيث سيترتب عليها نتائج كبيرة، وأهمها العلاقات التركية الأميركية ومستقبلها وتوجهات تركيا الإقليمية والدولية من جهة أخرى".

وأضاف "أعتقد من الملفات الأبرز التي سيتم دفعها للنقاش ملف مقاتلات إف 35 والعرض التركي لشراء مقاتلات إف 16 كبديل عن المبالغ المدفوعة مقابل مقاتلات إف 35، وسيكون هناك نقاش لملف أفغانستان والتطورات الجارية في منطقة وسط آسيا والدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا كثاني قوة في حلف الشمال الأطلسي، وكذلك الملف السوري وخطوات تركيا المقبلة إن لم تهتم أميركا وروسيا بمراعاة مصالح أنقرة الأمنية والحيوية في سورية".

وشدد "هذه الملفات الأبرز وفي خلفيتها طرح لإعادة وضع العلاقات التركية الأميركية على المسار الصحيح، ما يعني أن هناك مقترحات لتطوير التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، والبناء على ركيزة ثالثة وهي الأمن الإقليمي، وخاصة وسط آسيا والقوقاز والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أميركا، من جهتها ترى أن الوضع لن يكون سهلاً ولا تريد حسم أمرها مع تركيا، تريد بقاء العلاقات متوترة وإبقاء أنقرة تحت الضغط، وحتى إن وافق بايدن على ما يحمله أردوغان في القمة المرتقبة ستكون هناك عقبة الكونغرس".

وختم بالقول "هناك لوبيات لأقليات فاعلة ومؤثرة باتجاه تقويض العلاقات الأميركية والتركية منها اللوبي الإسرائيلي والإماراتي والأرمني واليوناني، حيث تمنع هذه تقدم العلاقات بين البلدين وتعمل على إبقاء الضغط على تركيا إقليمياً واقتصادياً ودولياً، وهناك محاولة لإعطاء اللقاء زخما إيجابيا لتعويض الأجواء السلبية السابقة وأجواء التشنج التي تسبق الاجتماعات بين البلدين، وبالتالي هناك محاولة لضخ زخم إيجابي في الإعلام تمهيداً لهذا اللقاء".

من ناحيته، قال الصحافي يوسف سعيد أوغلو "تسعى تركيا لتخفيف حدة التوترات مع الدول المؤثرة في العالم، وتخفيف حدة الاحتقانات لتأثير ذلك على الاقتصاد بشكل مباشر، والشأن الداخلي التركي تحديداً، خاصة بعد تجاوز أزمة طرد السفراء، ولهذا تكثف أنقرة التركيز على حل الخلافات المتعلقة بأزمة مقاتلات إف35 من أجل تحقيق إنجاز في هذا الملف".

وأضاف لـ"العربي الجديد"، "أردوغان أمام استحقاق انتخابي كبير ويريد توظيف جميع الوسائل الداخلية والخارجية لتحقيق إنجاز وتسويقه للناخبين، ومن هنا يسعى للحصول على توافق فيما يتعلق بالمقاتلات، فإن نجح حقق مراده، وإن فشل سيسعى لإثبات نظرية التآمر على تركيا من قبل أميركا، كما أن ملف سورية سيكون حاسماً وحساساً، ولأردوغان نفس الأهداف إما بتحقيق توافقات لتسويقها، أو للفشل وهو ما سيثبت ما يذهب إليه".