سد النهضة: مساعٍ مصرية تتجاوز مجرد جلسة في نيويورك

05 يوليو 2021
سافر شكري إلى نيويورك لمواكبة تطورات الاتصالات في أروقة الأمم المتحدة (توماس إمو/الأناضول)
+ الخط -

توجه وزير الخارجية المصري سامح شكري، صباح أمس الأحد، إلى نيويورك، في إطار التحضير للجلسة المقرر عقدها في مجلس الأمن الدولي لتناول قضية سد النهضة الإثيوبي، والتي تعقد بناء على طلب مصر والسودان. وسيناقش المجلس، يوم الخميس المقبل، الشكوى السودانية المؤيَّدة من قبل مصر، في ظلّ توقعات متواضعة بأن تسفر الجلسة المرتقبة عن أي تقدم. إذ سبق أن قال المندوب الفرنسي الدائم لدى مجلس الأمن، نيكولاس دي ريفيير، بصفته الرئيس الحالي للمجلس، إن أقصى ما يمكن فعله هو دعوة الدول الثلاث إلى استئناف التفاوض، مشيراً إلى أن المجلس ليست لديه الخبرات اللازمة لحسم القضية، وهو ما يُعتبر حكماً مسبقاً على الجلسة بالفشل في إلزام إثيوبيا بأي شيء.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلّف شكري بالسفر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس السبت، ليكون بذلك أرفع المسؤولين في الدول الثلاث، أطراف القضية، تواجداً في نيويورك، لمواكبة تطورات الاتصالات الجارية على مدار الساعة في أروقة الأمم المتحدة وبين الوفود الدائمة للدول الأعضاء الدائمين والحاليين. إذ تطمح مصر إلى بلوغ ما هو أكثر من مجرد عقد الجلسة، في ظل صعوبة استصدار قرار ملزم للإثيوبيين، مع رفض الصين وروسيا تدخل مجلس الأمن في قضية نزاع مائي عبر الحدود.

وأضافت المصادر أنّ مصر تركز جهودها في الفترة الحالية على إقناع فرنسا وبريطانيا بالانضمام إلى صف الولايات المتحدة لكي تقترن الدعوة المتوقع أن تفضي الجلسة إليها لعودة الدول الثلاث إلى مسار المفاوضات، بدعوة أخرى خاصة بإثيوبيا للامتناع عن القيام بأي خطوات فردية من دون تشاور وتفاوض مسبق، وإخطار بطبيعة التصرفات المائية المتوقعة، حرصاً على عدم الإضرار بدولتي المصب.

تسعى مصر والسودان إلى تضمين البيان الأممي 4 بنود رئيسية

وذكرت المصادر أنّ التحرك المصري والسوداني الذي تؤيده دول عدة في مجلس الأمن مثل الولايات المتحدة، وتونس، والنرويج، وفيتنام، يركز على تضمين البيان الأممي المطلوب أربعة بنود رئيسية: أولها، دعوة كل من مصر وإثيوبيا والسودان إلى استئناف المفاوضات الفنية للتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل مستدام، يضمن مصالح الجميع ويمنع إلحاق الضرر بأي طرف، وفقاً لقواعد القانون الدولي.

والبند الثاني الذي تركز عليه الجهود المصرية السودانية ويعتبر جديداً على أجواء الاتصالات في الأمم المتحدة قياساً بتحركات العام الماضي، هو تشكيل مجموعة وساطة دولية دافعة للمفاوضات وضامنة لجدية جميع الأطراف، تضم الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمانة العامة للأمم المتحدة، ودولتين هما الولايات المتحدة باعتبارها الأقرب دولياً للموقف المصري وسبق أن رعت جهود وساطة في القضية، والصين باعتبارها الأقرب دولياً للموقف الإثيوبي، وفي الوقت نفسه حريصة على عدم الإضرار بدولتي المصب. والهدف من هذا المقترح تقويض الدعوات الإثيوبية والأفريقية للعودة إلى المسار الأفريقي للمفاوضات وحده، والذي فقد فاعليته تماماً، لا سيما بعد فشل جميع مقترحات الوساطة في الشهرين الأخيرين، وفشل الدعوة إلى اجتماع فني خلال الأسبوعين الماضيين.

أما البند الثالث المقترح إضافته إلى البيان، فيتمثل في دعوة جميع الدول إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي في حماية الحقوق المائية لجميع الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وأن يكون الاتفاق منظماً لآلية دائمة لفض النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف.

أما البند الرابع، فيدعو جميع الأطراف، وسيُقصد بذلك إثيوبيا وحدها، إلى عدم اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب بشأن السد، إلا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن عملية الملء والتشغيل. وفي هذا البند يبرز اختلاف في الرأي بين المصريين والسودانيين والدول التي حاولت تقريب وجهات النظر في الآونة الأخيرة. فهناك رغبة مصرية في أن يكون هذا البند صريحاً وواضحاً بما يحمّل إثيوبيا مسؤولية الإضرار بحال استمرار العمل لإتمام الملء الثاني من دون تنسيق كامل، بينما تتجه آراء أخرى ليكون هذا البند مقدمة لتأطير المبادرة الأميركية الإماراتية الأفريقية المدعومة سودانياً بشأن تقسيم الاتفاق إلى مرحلتين، والتي لا ترفضها مصر تماماً، ولكنها ترى أن عرضها بهذا الشكل على إثيوبيا يسمح بالتلاعب والمماطلة.

الوقت مبكر للحديث عن مدى نجاح استمالة مصر للصين

واعتبرت المصادر أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن مدى نجاح حملة الاستمالة المصرية للصين، والتي بلغت ذروتها بإدلاء السيسي منذ أيام بخطاب تهنئة للصين في الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الحاكم. وأوضحت أن عدم اعتراض الصين على تضمين قضية سد النهضة في جلسة الخميس المقبل، يجب أن يكلل بحديث إيجابي يخالف ما حدث في جلسة مجلس الأمن العام الماضي، بما يمثل ضغطاً إضافياً على إثيوبيا، وهو ما يترجم عملياً كذلك بالإسراع في تنفيذ التعهدات السابقة، بتقديم مساعدات كبيرة لمصر لمساعدتها على تلافي وقوع الأضرار المتوقعة، بما للصين من خبرات طويلة في التعامل مع قضايا الأنهار.

وقال السيسي، أول من أمس السبت، إن بلاده تقدّر وتتفهم متطلبات التنمية الإثيوبية، ولكن يجب ألا تكون تلك التنمية على حساب الآخرين. وأشار إلى تمسّك مصر بالتوصل إلى اتفاق دولي ملزم حول سد النهضة طبقاً للأعراف والثوابت الدولية، مطالباً الدول الصديقة والشقيقة لمصر بدعمها في هذا المسعى. ورداً على شكوى إثيوبيا للأمم المتحدة في مذكرتها الأخيرة من التهديدات المصرية باستخدام القوة لحسم النزاع، نفى السيسي ذلك، قائلاً إن مصر لم تهدد أحداً على مر التاريخ، على الرغم مما تملكه من قوة عسكرية.

وكان السودان رحب، السبت، باستجابة رئيس مجلس الأمن الدولي، لطلبه الخاص بعقد جلسة لمناقشة النزاع بشأن سد النهضة. مقابل ذلك، كان بارزاً ما نقلته قناة "الجزيرة"، أمس الأحد، عن أسرات دينيرو، القائد العسكري في منطقة مَتَكَل الإثيوبية حيث سد النهضة، من أن القوات الإثيوبية في حالة تأهب قصوى لاستكمال المرحلة الثانية لتعبئة السد. وأضاف، خلال اجتماع مع أفراد القوات المسلحة في المنطقة، أن الشعب الإثيوبي يراقب عن كثب مراحل بناء سد النهضة، وينتظر استكماله بالسرعة القصوى من دون عوائق، مشيراً إلى أن ذلك يدعو إلى تعزيز مهمة الجيش لضمان أمن المنطقة وسلامتها. كذلك، قال وزير الري والمياه الإثيوبي، سيليشي بقلي، إن الأعمال الإنشائية في سد النهضة تمضي وفق المخطط لها.

المساهمون