"سد النهضة" بند دائم بالقمم العربية: أي إسهامات متوقعة؟

22 مايو 2023
عمّال سد النهضة في فبراير 2022 (أمانويل سيليشي/فرانس برس)
+ الخط -

غابت قضية "سد النهضة" الإثيوبي، عن كلمات الرؤساء والملوك والأمراء العرب في القمة العربية الـ32، التي عُقدت في مدينة جدة السعودية، الجمعة الماضية، باستثناء كلمات قليلة، منها كلمة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، التي أكد خلالها على "حقوق مصر والسودان في مياه النيل". كما خلا "إعلان جدة" الذي صدر عن القادة بعيد القمة من أي ذكر للقضية.

مع العلم أنه تم خلال القمة إدراج الأزمة للمرة الأولى منذ وقوعها قبل نحو عقد من الزمن، كبند دائم على جدول أعمال القمم العربية، بناء على مشروع قرار تقدمت به مصر إلى القمة، وتم إقراره من المشاركين بالقمة.

سد النهضة بند دائم بالقمة العربية

ونص قرار جامعة الدول العربية الذي اقترحته مصر على "تأكيد أن الأمن المائي لكل من جمهورية السودان وجمهورية مصر العربية، هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض أي عمل أو إجراء يمس بحقهما في مياه النيل".

كما رحب القرار ببيان مجلس الأمن الدولي الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2021، بشأن السد الإثيوبي، الذي يدعو إثيوبيا والسودان ومصر، للانتهاء على نحو سريع من اتفاق مقبول وملزم للأطراف، بشأن ملء السد وتشغيله، وذلك في غضون إطار زمني معقول.

كما نص القرار العربي على "الإعراب عن القلق الشديد إزاء استمرار إثيوبيا في الإجراءات الأحادية لملء وتشغيل السد، وهي الإجراءات التي تخالف قواعد القانون الدولي، خصوصاً اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم بتاريخ 23 مارس/آذار 2015، والتي من شأنها إلحاق ضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان".

كما نص القرار على "المطالبة بالامتناع عن اتخاذ أية إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان، بما في ذلك الاستمرار في ملء وتشغيل السد الإثيوبي من دون التوصل إلى اتفاق".


عبد الله الأشعل: لا قيمة لإدراج قضية سد النهضة كبند دائم على جدول أعمال الجامعة العربية

وعلى الرغم من أنه سبق ووضع موضوع سد النهضة، بنداً دائماً على أجندة مجلس وزراء الخارجية العرب، لكنه، بحسب تصريحات صحافية للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، طرحه في القمة "مسار مختلف".

وبينما أكد مراقبون وخبراء على أهمية طرح قضية سد النهضة الإثيوبي، كبند دائم على أجندة القمم العربية، قلل آخرون من جدوى الموضوع، ورأوا أنه لن يساهم في حل جذري للأزمة.

وحول ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إبراهيم الشويمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن  "جميع الأعمال والموضوعات التي تمت مناقشتها في القمة العربية وصدرت بشأنها قرارات دليل على أولوية وأهمية هذه الموضوعات. واعتبر أن "عدم الإشارة إلى السد الإثيوبي بشكل مباشر في إعلان جدة ليس دليلاً على أي شيء، لأنه ليس بالضرورة الإشارة إلى جميع القضايا التي تناولتها القمة".

وأضاف: "ما يهمنا في هذا الشأن أن قضية السد الإثيوبي أُدرجت ضمن جدول أعمال المؤتمر وصدر قرار بشأنها، ربما ركز إعلان جدة على القضايا التي تخص استقلال وهويات الدول، كالأزمتين اليمنية واللبنانية".

من جهته، رأى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، عبد الله الأشعل في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "لا توجد أي قيمة لإدراج قضية سد النهضة كبند دائم على جدول أعمال الجامعة العربية، وحتى ولو أُشير إليها في إعلان جدة، فلا أهمية لذلك. وأعتقد أن القمة العربية الأخيرة كانت لإبراء الذمة فقط، بدليل أن جميع البنود والمشكلات التي تطرقت لها القمة لم تصل إلى أي حلول".


رخا أحمد حسن: لقرار الإدراج أهمية في دعم موقف مصر والسودان

وحول عدم إدراج قضية سد النهضة الإثيوبي في "إعلان جدة"، اعتبر الأشعل أن "هناك دلالة كبيرة لعدم الإشارة إلى القضية والاكتفاء بوجود القرار ضمن القرارات الصادرة عن القمة"، مشيراً إلى أن هذا الأمر "يعكس انحسار تأثير مصر في المنطقة العربية، وبالتالي ليس من مصلحة الدول العربية التضامن معها في أزمة السد، لأنهم بنفسهم رأوا كيف تعاملت الإدارة المصرية بطريقة خاطئة في هذا الملف ولم تحقق به أي نتائج إيجابية. وهو الأمر الذي دفع إثيوبيا إلى الاستهانة بالجانب المصري الذي فقد كل أوراق قوته، على الرغم من وجود العديد من أوراق القوة التي لم يتم تفعيلها أو تنميتها. وعندما لجأت مصر إلى مجلس الأمن، انضمت الدول دائمة العضوية إلى إثيوبيا، والاتحاد الأفريقي بدوره يساند إثيوبيا، فظلت مصر شبه وحيدة ومنعزلة في هذا الملف".

التوصيف القانوني لسد النهضة بالقمة العربية

من جانبه، أوضح أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التوصيف القانوني في إعلان جدة، الذي صدر بعد القمة العربية الـ32، يُمكن تلخيصه في أنه عبارة عن أمنيات سياسية، وتطلعات أدبية، غير تطبيقية وغير إلزامية للدول الأعضاء، إلا في حالات شحيحة تقوم خلالها الدول بالإفصاح عن التزامها بهذه الإعلانات". وأوضح أن "إعلان جدة ليس اتفاقاً ملزماً لأطرافه".

إلى ذلك، أشار المساعد السابق لوزير الخارجية المصري رخا أحمد حسن، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "هناك تطوراً جديداً وإيجابياً يخص تناول الجامعة العربية لقضية سد النهضة، فلأول مرة يتم إدراج هذه القضية على جدول الأعمال الدائم للجامعة العربية، بمعنى أن يُناقش في جميع القمم القادمة، شأنه شأن القضية الفلسطينية. وهذا يعني الاعتراف بقضية السد على أنها أزمة لها صفة دائمة بحاجة إلى نقاش دائم إلى أن تُحل الأزمة وتصل إلى تسوية، أو أن يُتخذ قرار آخر بشأنها".

وأضاف حسن أنّ "قرار الإدراج على الجدول الدائم لجدول الأعمال، له أهمية في دعم موقف مصر والسودان، فلو نظرنا مثلاً إلى القضية السورية ودعم الجامعة العربية للحل السياسي، فهذا يعني أن الأطراف العربية التي كانت تؤيد المعارضة السورية ضد النظام تغير موقفها إلى محاولة إقناع المعارضة للتجاوب مع النظام لمحاولة الوصول لتسوية سياسية".

ولفت أيضاً إلى أن "إعلان جدة أشار إلى التشديد على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول، فهذه المرة لم يذكر أسماء دول بعينها مثل إيران أو تركيا، لأن الدول العربية الآن في مرحلة إعادة العلاقة مع دول الجوار ضمن التوجه العام للتوافق مع دول الجوار، الضالعة في الأزمات العربية والتي يمكن أن تشكل جزءاً من الحلّ".