كشفت مصادر فنية مصرية عن حدوث زيادة كبيرة في حجم أعمال التعلية الوسطى لسدّ النهضة، خلال الأيام القليلة الماضية، تتراوح بين 570 و573 متراً فوق سطح البحر، مع تأكيدها عدم رصد أي مؤشرات سلبية لبدء الملء على سدّ الروصيرص السوداني أو أي سدود سودانية ومصرية أخرى حتى الآن. وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن الزيادة الكبيرة في حجم الأعمال خلال الأيام الأخيرة، بالنسبة للتباطؤ الذي كان يسود الأعمال خلال الشهرين الماضيين، ستكون لها آثار إيجابية على قدرة إثيوبيا على تخزين كميات أكبر من المياه بحلول الأسبوع الثالث من يوليو/تموز المقبل، ولكن في الوقت نفسه يجب أن تتوقف جميع الأعمال الإنشائية قبل فترة زمنية مناسبة، حتى لا تحدث تصدعات أو مشاكل إنشائية في التعلية الوسطى.
تراوح تعلية السدّ بين 570 و573 متراً فوق سطح البحر
وذكرت المصادر أن التعلية الحالية فقط تسمح لإثيوبيا بحجز 10 مليارات متر مكعب تقريباً من المياه، أي ما يزيد قليلا عما تمّ تخزينه في الملء الأول، لكنه بالتأكيد سيكفي المرحلة الأولى التجريبية لتوليد الكهرباء، والمقررة في الأسبوع الرابع من أغسطس/آب المقبل. ونبّهت المصادر إلى ضرورة حصول السودان ومصر بشكل رسمي على البيانات الخاصة بأعمال التعلية والتخزين خلال الأسابيع الأربعة المقبلة "الحاسمة"، نظراً لاحتمالية الحجز بصورة تعسفية، من دون السماح بتمرير أي كميات من المياه لسد الروصيرص لتعويض ما فات الإثيوبيين من وقت بسبب تباطؤ الأعمال في الفترة السابقة. وكان المصريون يتصورون في البداية، أن إثيوبيا ستبدأ التخزين فعلياً في نهاية مايو/أيار الماضي.
ويصعّب حجز أي كمية من دون الإخطار بها سلفاً، ومن دون منح دولتي المصب الوقت الكافي لتدبير احتياجاتهما، قبول استمرار الوضع الحالي المفتقر إلى اتفاق شامل وملزم على قواعد الملء والتشغيل، لأنه يهدد بتكرار حالة الغموض الحالية كلّ صيف، بما في ذلك السنوات التي ربما تشهد انخفاضاً في كميات الأمطار أو فترات الجفاف الممتد.
ولهذا السبب، قالت المصادر الفنية إن المقترح السوداني الأخير بتجزئة الاتفاق، مع أخذ ضمانات لاستمرار التفاوض وصولاً للاتفاق النهائي، هو "أمر وجيه بالنسبة للخرطوم تحديداً، نظراً للأضرار التي قد تترتب على الحجز المفاجئ وكذلك الضخ غير المتوقع بكميات كبيرة من المياه"، الأمر الذي سيكون تأثيره على مصر سياسياً واستراتيجياً أكبر من كونه مسبباً لضرر عملي في مجال كفاية المياه.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر أن المجموعة المصرية الفنية المشاركة في مفاوضات الخبراء والقائمة على إعداد التقارير العلمية، اقترحت على السلطات عقد ندوات علمية عن بُعد مع الباحثين والدارسين الأميركيين والأوروبيين وأعضاء مراكز بحوث المياه الكبرى حول العالم، للتعريف بالجوانب الفنية للموقف المصري والإشكاليات التي تغيب عن الخطاب الفني الإثيوبي. يذكر أن الخطاب الفني لأديس أبابا، يلقى رواجاً دولياً بسبب اعتماده على بيانات المكاتب الفنية الإيطالية والفرنسية المتعاونة في عمليات الإنشاء وتوليد الطاقة، والذي يزعم عدم وقوع ضرر بمصر أو السودان.
اقترحت المجموعة المصرية الفنية عقد ندوات علمية مع الباحثين الأميركيين لنقد الخطاب الفني الإثيوبي
وشدّدت المصادر في هذه المسألة على ما سبق وشكت منه مصر رسمياً، بأن القدرة الحالية لتصريف المياه من السدّ لا تتعدى 50 مليون متر مكعب في اليوم للمخرجين المنخفضين في السد، وهي كمية لا تفي باحتياجات مصر والسودان حاليا، ولا تعادل متوسط تصرفات النيل الأزرق، ما قد يتفاقم بسبب الملء المنفرد دون تنسيق، خصوصاً في حالات الفيضان المنخفض والمتوسط.
وسبق أن اتهمت مصر إثيوبيا بأنها تبني السد بما يخالف المواصفات العالمية، وبطريقة غير سليمة، مشيرة إلى حدوث تغييرات في خطة إنشاء سد السرج المساعد، وتغيير مستوى فتحات التوربينات، وإزالة ثلاثة مخارج توربينات بعد تركيبها، وتخفيض عدد التوربينات من 16 إلى 13، وإزالة الاجزاء المعدنية للفتحات التي تعمل الآن ثم تركيبها، وعدم صب الخرسانة في أجزاء السد المختلفة بطريقة متجانسة.
وفي وقت سابق خلال شهر يونيو/حزيران الحالي، قال وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، إن "الملء الثاني سيتم إنجازه في 22 يوليو/تموز المقبل، وسيبدأ توليد الكهرباء في 22 أغسطس/آب". وأشيع في الإعلام المصري أنه "اعترف بفشل الملء"، وبأنه "سيتم تعلية القطاع الأوسط من السد إلى 573 متراً فقط بدلاً من 595 مترا"، ما يعني عجز بلاده عن إنجاز الملء الثاني كما كان مقرراً.