سجال في مجلس الأمن بسبب إحاطة موالية لروسيا من دونيتسك شرقي أوكرانيا

18 مارس 2023
اعترضت الولايات المتحدة ودول غربية على تقديم موروزوفا إحاطة حول الوضع بدونيتسك (الأناضول)
+ الخط -

شهد مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مجددا، سجالا بين روسيا ودول غربية على رأسها الولايات المتحدة في جلسة كانت مقررة لنقاش الوضع الإنساني في أوكرانيا، إثر دعوة روسيا ممثلة عن مقاطعة دونيتسك الانفصالية لتقديم إحاطة حول الوضع الإنساني.

وتأخر بدء استماع مجلس الأمن الدولي للإحاطات في جلسته المفتوحة قرابة الساعة ونصف الساعة عن الموعد المقرر، عصر الجمعة بتوقيت نيويورك. 

وكانت روسيا قد دعت، ماريا موروزوفا، من مقاطعة دونيتسك في أوكرانيا والتي أعلنت روسيا ضمها السنة الماضية، لتقديم إحاطتها حول الوضع الإنساني في تلك المنطقة، بحسب الجانب الروسي، فيما اعترضت الولايات المتحدة ودول غربية على ذلك.

وفي محاولة للتوفيق بين الآراء، وللحيلولة دون خلق مشادات بين ممثلي دول غربية وروسيا، طلب رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، سفير دولة موزمبيق، بيدرو أفانسو، من الدول الأعضاء التشاور "خلف أبواب مغلقة".

لكن المشاورات التي استمرت لساعة تقريباً لم تؤد إلى توافق. وبعد العودة إلى قاعة مجلس الأمن لعقد الجلسة المفتوحة طلبت السفيرة الأميركية، ليندا توماس- غرينفيلد، التصويت الإجرائي حول السماح أو عدمه لموروزوفا بتقديم إحاطتها أمام المجلس.

وقالت "تؤيد الولايات المتحدة حضور مقدمي الإحاطات من المجتمع المدني.. ولكن نلاحظ أن عضوا في مجلس الأمن (روسيا) اقترح إضافتها بصفتها (أمينة مظالم) فيما يسمى (جمهورية دونيتسك الشعبية)".

واعتبرت السفيرة الأميركية أن ذلك غير ملائم لأنه بمثابة محاولة لإضفاء الشرعية أو محاولة للاعتراف بسلطات غير شرعية وضم روسيا لتلك المنطقة، ما يتنافى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تبنتها الجمعية العامة ولا تعترف بإعلان روسيا ضم عدد من المناطق الأوكرانية بما فيها منطقة دونيتسك.  

في المقابل، رد سفير روسيا، فاسيلي نيبنزيا، قائلا: "نقترح الاستماع إليها بصفتها الشخصية باعتبارها ناشطة في المجال الإنساني وندعو أعضاء المجلس إلى دعم دعوتها لتقديم الإحاطة للرد على ادعاءات الوفود الغربية. ولا يعتبر هذا الدعم إقرارا بأي حقائق قانونية على الإطلاق، هذه قضايا لا ترتبط بذلك، وهي مسألة تتعلق بحرية التعبير".

وبعد الأخذ والرد عرض رئيس مجلس الأمن الأمر على الدول الأعضاء للتصويت. وصوتت أربع دول مع السماح لها بالمشاركة وهي روسيا، والصين، والبرازيل، وغانا. فيما صوتت ثماني دول ضد تقديمها لإحاطة أمام المجلس وهي، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألبانيا، والاكوادور، وفرنسا، وسويسرا، واليابان، ومالطا. وامتنعت ثلاث دول عن التصويت، هي موزمبيق والغابون، والإمارات. 

وقال عدد من سفراء الدول التي صوتت ضد السماح لها بتقديم إحاطتها، بأن الجانب الروسي طلب أن تقدم إحاطتها بصفتها "الرسمية" كممثلة لـ"إقليم دونيتسك" وأن التصويت ضد ذلك جاء لهذا السبب وليس لأسباب بعدم الرغبة للاستماع لإحاطة عن الوضع الإنساني في تلك المنطقة.

ثم قدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إحاطته حول الوضع الإنساني في أوكرانيا أمام المجلس. وحذر من استمرار الحرب وتبعاتها الإنسانية والاقتصادية التي تخطت الحدود الأوكرانية. وقال غريفيث "سلطت الضوء، الشهر الماضي في إحاطتي، على الآثار الإنسانية للحرب وتحدثت عن الموت والدمار الذي سببته الحرب لشعب أوكرانيا". وأضاف أن "اثنين من كل خمسة أشخاص يحتاجون للمساعدة الإنسانية وهناك أكثر من ثمانية ملايين لاجئ في بلدان مجاورة".

وركز غريفيث في إحاطته على تداعيت الحرب خارج حدود أوكرانيا والتي أتت في وقت كان العالم يعاني فيه من تبعات حالات الطوارئ المناخية، وارتفاع الكلفة المعيشية، وتبعات جائحة كورونا الصحية والاجتماعية والاقتصادية، بحسب قوله.

وأضاف "تركت الحرب تبعات بارزة فاقمت من انعدام الأمن الغذائي. وكما نعلم فإن روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المصدرة للسلع الغذائية الأساسية، ناهيك عن كون الاتحاد الروسي من أكبر مصدري الأسمدة".

ولفت الانتباه كذلك إلى أن قسماً كبير من القمح الذي يشتريه برنامج الغذاء العالمي يأتي من أوكرانيا. وأعطى مثلا بأنه بعد بدء الحرب في نهاية فبراير/ شباط للعام 2022، حيث توقف عمليات الشحن من الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، فإنه وفي غضون شهر وصلت أسعار الغذاء العالمي إلى مستويات غير مسبوقة، ناهيك عن تأثر أسعار الأسمدة بشكل سلبي كذلك وكبير، حيث ما زالت حتى الآن مئتي مرة أعلى من مستوياتها عام 2019.

وحول مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب والتي يسرتها الأمم المتحدة وتركيا بين روسيا وأوكرانيا، قال "بموجب مبادرة البحر الأسود فإنه تم تصدير حوالي 25 مليون طن متري من المواد الغذائية منذ أغسطس/ آب الماضي. وتمكن برنامج الغذاء العالمي من نقل ما يزيد عن نص مليون طن من القمح تقريبا لليمن وأفغانستان وكينيا والصومال وإثيوبيا لدعم العمليات الإنسانية".

 وقال إن الأمم المتحدة تعمل مع الأطراف المختلفة لضمان استمرارها وتيسير تجديدها وتنفيذها. ولفت الانتباه لإحراز تقدم مشددا في الوقت ذاته، على وجود عقبات وأن العمل ما زال جارياً لتذليلها.

وشدد على ضرورة استمرار تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بمبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب مع الجانبين الروسي والأوكراني من أجل الحفاظ على الأمن الغذائي العالمي والحيلولة دون المزيد من التدهور. ثم تطرق المسؤول الأممي لازدياد الفقر حول العالم حيث هناك 347 مليون شخص في 69 بلدا يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وهو رقم غير مسبوق.  وقال "ستكون هناك حاجة لقرابة 54 مليار دولار هذا العام لتلبية هذه الاحتياجات". وختم إحاطته بالتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي للحرب الأوكرانية.

المساهمون