يتوجه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، غداً الخميس، في زيارة رسمية، إلى العاصمة العراقية بغداد تلبية لدعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حسبما أعلن الديوان الأميري.
سمو الأمير المفدى يتوجه يوم غد الخميس إلى جمهورية العراق الشقيق في زيارة رسمية، وذلك تلبية لدعوة من دولة السيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي.https://t.co/88J6adgZDy
— الديوان الأميري (@AmiriDiwan) June 14, 2023
وتكتسب زيارة أمير دولة قطر إلى العاصمة العراقية بغداد أهمية كبيرة على مستوى توقيت الزيارة والملفات التي ستُبحث، وسط ترحيب سياسي واسع من مختلف الأطراف العراقية بالزيارة التي بدأت بغداد بالتحضر لها في وقت مبكر من هذا الأسبوع، وفقا لما أكده مسؤولون في حكومة السوداني، لـ"العربي الجديد".
وقدمّت قطر خلال السنوات الماضية، دعما كبيراً للعراق على مستويات مختلفة، سيما السياسي، إبان أزمة تشكيل الحكومة العام الماضي، وتمثل في دعوتها لمختلف الأطراف للحوار والتهدئة، إلى جانب دعم جهود إعادة إعمار المدن العراقية المدمرة عقب استعادة السيطرة عليها من تنظيم داعش، من خلال منح ومساعدات مباشرة، خصوصاً في قطاع التعليم والصحة.
كما تنازلت الدوحة، في سياق دعمها لكسر الحظر المفروض على الملاعب العراقية، عن حق استضافة بطولة "خليجي 25" التي أقيمت في البصرة أخيراً، ومنحتها للعراق.
وتعتبر الزيارة المقررة الثانية لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العراق، بعد مشاركته في أعمال مؤتمر قمة بغداد، في نهاية شهر أغسطس/آب 2021، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، ووزراء خارجية وممثلين عن دول أخرى، أبرزها إيران وتركيا، والسعودية، والكويت، والإمارات.
"مجالات تعاون متعددة"
ووفقا لبيان صدر عن الحكومة العراقية، أمس الأربعاء، فإن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يصل إلى بغداد غداً الخميس، مؤكداً أن الزيارة "ذات أبعاد سياسية واقتصادية هامة"، دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل. لكن مسؤولاً عراقياً في مكتب الحكومة ببغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إن بلاده "تعوّل على هذه الزيارة لتطوير مختلف مجالات التعاون مع الدوحة".
ووصف المسؤول نفسه "الدور القطري بأنه إيجابي في المنطقة ككل، ويمكن أن يساعد العراق كثيراً خصوصاً على مستوى قطاع الطاقة المتمثل بحقول الغاز، كما يطمح العراق في الحصول على تأييد قطري في المشروع الحالي الخاص بطريق التنمية بين البصرة والأراضي التركية، والذي يدعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما أنه من المنتظر توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين بمجالات مختلفة".
وكشف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، عن أن "أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يدعم الدور العراقي في الوساطات التي يجريها بين أطراف مختلفة بالمنطقة، ضمن السعي لتصفير المشاكل والتهدئة بالمجمل".
ورفعت أعلام قطرية على طول طريق مطار بغداد الدولي غربي العاصمة، إلى جانب عبارات ترحيب في مناطق عدة من بغداد، صباح اليوم الأربعاء.
"انطلاقة جديدة"
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يرحب جداً بزيارة أمير دولة قطر ويعتبرها بادرة فعلية لتطوير مستوى العلاقات ما بين البلدين. كما نسجل الاحترام لقطر لانضمامها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. ويثمن العراق المواقف الخارجية القطرية خلال السنوات الماضية".
وبين العوادي أن "زيارة أمير دولة قطر ولقاءه مع رئيس الوزراء العراقي، سيكونان انطلاقه جديدة للعلاقات ما بين البلدين... نحو مواقف سياسية وتعاون تجاري واقتصادي واستثماري بمجال الطاقة ومختلف المجالات الأخرى".
وأضاف أن "اللجنة العراقية – القطرية، التي انبثقت من اتفاقية التعاون المشتركة العام 1979، ومضى عليها أكثر من أربعين عاماً، عقدت ستة اجتماعات خلال السنوات الطويلة، كان آخر اجتماع عقد في الدوحة سنة 2018، وكان من المؤمل أن تعقد الدورة السابعة لهذه اللجنة في سنة 2020، لكن جائحة كورونا أثرت على ذلك، وتم تأخير الدورة السابعة، وهناك اتفاق ما بين العراق وقطر على عقد الدورة السابعة للجنة العراقية – القطرية المشتركة العليا في بداية سنة 2024".
وتابع المتحدث باسم الحكومة العراقية أن "هناك رغبة بأن تكون هناك استثمارات بقضية النفط والغاز والاستثمارات الأخرى، بشكل كبير ما بين العراق وقطر، وبغداد أبدت رغبتها أكثر من مرة في مشاركة قطر بجولة تراخيص خاصة بالرقع الاستكشافية بداخل العراق، وهناك سعي حقيقي لفتح ملحقات تجارية ما بين البلدين... كما هناك سعي من أجل الربط البحري والخطوط الملاحية، التي سيعمل عليها العراق وقطر".
وأكد أن "هناك نية لعقد مذكرات تفاهم واتفاقات من أجل إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة وجوازات العمل، ويمكن توسيع ذلك ليشمل رجال المال والأعمال والمستثمرين، وهناك إمكانية للتطوير في المستقبل حتى الوصول إلى الإعفاء من سمات الدخول للمواطنين ما بين البلدين".
وختم المتحدث باسم الحكومة العراقية قوله إنه "في ما يتعلق بميناء الفاو وطريق التنمية، فالعراق يثمن عالياً المشاركة القطرية في الاجتماع الوزاري الذي عقد في بغداد مؤخراً، واهتمام قطر به، وهذه المشاريع الاستراتيجية الكبرى، معنية بتحول العراق لدولة الترانزيت ما بين الشرق والغرب، ويربط التجارية التركية – الأوروبية عبر العراق، ونأمل أن تكون لقطر مساهمات كبيرة جداً في المشاريع الاستثمارية داخل العراق، كما أن ملف المناخ من الملفات المهمة المشتركة لدى العراق وقطر، وهناك إمكانية لبذل جهود وتكوين لجان مشتركة للعمل معاً، ووضع خطط لمواجهة التغيّرات المناخية".
"تفعيل الدور العراقي في المنطقة"
فيما اعتبر مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، بحديث لـ "العربي الجديد"، أن زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى بغداد "استمرار لحراك العراق نحو تقوية علاقاته بمختلف دول المنطقة والعالم"، وفقا لقوله.
وأضاف أن ذلك "يؤكد عودة العراق لدوره الفاعل في المنطقة والعالم، ويؤكد أن العراق يحظى بدعم إقليمي كبير من أشقائه، مما يساعده في تجاوز الكثير من أزماته، خصوصا الاقتصادية، من خلال دعوة الشركات الكبرى للعمل في العراق".
أما رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري فاعتبر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الزيارة "تؤسس لجانب دبلوماسي مهم، وثقل هذه الزيارة سوف يرتكز على الجانب الاقتصادي، خصوصاً أن الدوحة أبدت في الآونة الأخيرة رغبتها بأن تكون لها مساحة استثمارية في مجال استخراج الغاز".
وأوضح الشمري أن "ملفات المنطقة، ستكون مطروحة خلال زيارة أمير قطر إلى بغداد، خصوصاً أن هذه الملفات شائكة، كما سيتم بحث دور العراق وقطر في تقريب وجهات النظر وعقد مصالحات بين الأطراف الإقليمية، ولهذا، ستكون الزيارة زيارة دعم للعراق وشعب العراق، وهذا مهم، لكن الأهم أن يستثمر صناع القرار العراقي زيارة كبيرة بهذا المستوى".