استمع إلى الملخص
- "الفرقة الرابعة"، بقيادة ماهر الأسد، تفرض طوقاً أمنياً على البلدة منذ سبتمبر، وتهدد بقصفها، وهي معروفة بقسوتها وتجارة المخدرات واغتيال المعارضين.
- يستخدم النظام السوري الحجز الاحتياطي على الأموال كعقاب جماعي، حيث صدرت قرارات بالحجز على أملاك مئات المدنيين في زاكية، مما يعكس سياسة التضييق على المعارضين.
فرضت قوات النظام السوري حصاراً على بلدة زاكية بريف دمشق الجنوبي الغربي، في ظل مخاوف من اقتحام هذه القوات للبلدة. وبحسب شبكات إعلامية محلية، قُتل مساء أول من أمس السبت قائد مجموعة في "الفرقة الرابعة" التابعة لقوات النظام يدعى حسن غدير، والمعروف بكونه تاجر مخدرات، في اشتباكات بين هذه القوات ومقاتلين محليين في بلدة زاكية، بعد اعتقال قوات النظام شابين من البلدة، مصيرهما ما يزال مجهولاً. وأوضحت أن قوات النظام مدعومة بمليشيات فرضت حصاراً وصفته بـ"المحكم" على البلدة، واستقدمت تعزيزات بينها أسلحة ثقيلة، ما فجّر مخاوف السكان من اقتحام يفضي إلى ارتكاب مجازر بحق المدنيين لإخضاع هذه البلدة التي تشهد توتراً منذ منتصف العام الحالي، عقب صدور قرارات من وزارة المالية في حكومة النظام بالحجز على أموال المئات من أهالي البلدة بموجب قانون "مكافحة الإرهاب".
النظام السوري يهدد باقتحام زاكية
وذكر الناشط الإعلامي محمد السعيد، لـ"العربي الجديد"، أن النظام يطالب بتسليمه الأشخاص الذين قتلوا القيادي في "الفرقة الرابعة" حسن غدير السبت، مشيراً إلى أن قوات النظام هددت بالاقتحام في حال لم يُنفّذ طلبها. وبيّن أن "الفرقة الرابعة" توعدت بقصف البلدة في حال عدم خضوعها. وتفرض هذه الفرقة طوقاً أمنياً حول بلدة زاكية منذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي. وأقامت حواجز لها في مداخل البلدة وعلى الطرق الرئيسية التي تربطها بالبلدات المجاورة. وكان أهالي البلدة قد طردوا أواخر العام الماضي، كافة المليشيات المحلية التابعة لـ"الفرقة الرابعة" منها، وذلك على خلفية اغتيال أحد أبرز وجوه المعارضين المسلحين فيها يدعى محمد طعمة (ويلقب بالوزير) على يد إحدى خلايا "الفرقة الرابعة" في البلدة. ويقود ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، "الفرقة الرابعة" التي تعد الأكثر قسوة ووحشية في التعامل مع المدنيين على مدى سنوات الثورة. وتنشط هذه الفرقة لا سيما في ريف دمشق، وتزرع خلايا لها في بلدات هذا الريف مهمتها بيع المخدرات واغتيال معارضين.
النظام يطالب بتسليمه الأشخاص الذين قتلوا حسن غدير السبت، وهدد باقتحام البلدة
في يوليو/تموز الماضي، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، إنَّ ما لا يقل عن 817 مدنياً، بينهم 273 امرأة، و12 طفلاً، صدرت ضدهم قرارات جماعية بالحجز الاحتياطي على أملاكهم من النظام السوري، في بلدة زاكية منذ مطلع عام 2024. وقالت في التقرير الذي حمل عنوان: "النظام السوري يستخدم الحجز الاحتياطي على الأموال أداة عقاب جماعية"، إنَّ سياسة الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السوري تُعد أحد أبرز الأساليب الفعَّالة التي يستخدمها أداةً لتحقيق موارد مالية إضافية لخزينته. وأشار التقرير إلى أن النظام يعاقب معظم من عارضه وعائلاتهم "عبر تطبيق مزيد من التضييق والقيود القانونية والاجتماعية والاقتصادية ضدهم". وكشفت الشبكة أن "الفئة الأوسع التي استهدفها النظام السوري بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عنه، في بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق، هم ممن أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية لدى اللجنة العسكرية والأمنية التي شكَّلها النظام السوري عقب سيطرته على زاكية في يناير/كانون الثاني 2017".
في السياق ذاته، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، منتصف العام الحالي، أن 286 شخصاً ممن طاولتهم قرارات الحجز الاحتياطي في بلدة زاكية موجودون داخل البلدة، بعد إجرائهم التسوية عقب استعادة النظام السيطرة عليها في 2016، بشرط الامتناع عن الانخراط في أنشطة مناهضة لحكومة دمشق.
الحصار مشهد مكرر
ورأى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لم ترد حتى ظهر أمس الأحد معلومات كافية عما يحدث داخل بلدة زاكية"، مضيفاً: "يبدو أن الفرقة الرابعة تريد التأكيد من خلال حصار زاكية أنها ما تزال قادرة على النشاط جنوب سورية بعد توغل قوات إسرائيلية أخيراً في ريف القنيطرة".
وائل علوان: يبدو أن الفرقة الرابعة تريد التأكيد من خلال حصار زاكية أنها ما تزال قادرة على النشاط جنوب سورية
ولطالما استخدم النظام السوري منذ عام 2011 الحصار وسيلة لإخضاع المدن والبلدات التي تخرج عن سيطرته، وهو ما أدى إلى كوارث إنسانية، خصوصاً في ريف دمشق وفي مدينة حمص وسط البلاد. وتقع بلدة زاكية والتي تتبع إدارياً لناحية الكسوة إلى الجنوب الغربي من العاصمة السورية دمشق بنحو 30 كيلومتراً. وتعد زاكية من البلدات ذات القدم التاريخي، ويبلغ عدد سكانها نحو 30 ألف نسمة، وتحيط بها عدة بلدات منها: كناكر، خان الشيح، المقيليبة، الديرخبية، عين البيضة، خان ذنون. وهذه ليست المرة الأولى التي تحاصر فيها قوات النظام السوري بلدة زاكية، إذ فرضت عليها حصاراً في عام 2014 بعد لجوء آلاف النازحين إليها من بلدات مجاورة، في خضم الحرب التي كانت مشتعلة في ذلك الحين بين تلك القوات والجيش السوري الحر في محيط دمشق.