لا تسعى روسيا في إطار غزوها لأوكرانيا لتدمير البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، وبسط السيطرة على المدن الكبرى فحسب، وإنما أيضاً على المحطات النووية الأوكرانية، وسط مخاوف من وقوع كارثة بيئية في حال أصيبت أي من هذه المحطات أثناء أعمال القتال.
واندلع ليل اليوم الجمعة، حريق هائل بمبنى مركز التدريب بجوار محطة زابوريجيا النووية في مدينة إينيرغودار، والتي تُعدّ أكبر محطة نووية في أوكرانيا وأوروبا، وواحدة من أكبر المنشآت الذرية في العالم، وقد تسنّى إخماده بحلول الصباح، من دون وقوع ضحايا أو أضرار.
وتمكن رجال الإنقاذ من إخماد الحريق الذي اندلع على مساحة بلغت ألفي متر مربع بالطوابق الثالث والرابع والخامس من المبنى، وفق بيان الهيئة الحكومية الأوكرانية للحالات الطارئة، الذي أكد أيضاً عدم تجاوز المستوى الإشعاعي في محيط المحطة، واستمرار تشغيل واحدة من أصل ست وحدات طاقة.
وعلى أثر الحريق، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لإجراء اتصالات هاتفية مع عدد من القادة الأجانب، بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، محذراً من وقوع كارثة "تشيرنوبيل ثانية".
من جهته، أوضح وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أن الحريق اندلع نتيجة للقصف، محذراً من أن قوة الانفجار في حال وقوعه، ستكون أكبر من انفجار محطة تشيرنوبيل المنكوبة في عام 1986، بعشرة أضعاف.
وبدوره، حذر رئيس لجنة شؤون البيئة بالرادا العليا (البرلمان الأوكراني)، أوليغ بوندارينكو، من أنه في حال وقوع انفجار بمحطة زابوريجيا، فذلك لن يشكل خطورة كارثة بيئية على أوكرانيا وأوروبا فحسب، وإنما على روسيا نفسها أيضاً.
وقال بوندارينكو في تصريحات أوردتها وسائل إعلام أوكرانية، متوجهاً بالحديث إلى الروس: "يبدو أن قيادتكم والسيد (فلاديمير) بوتين مصابان بالجنون. ما يفعله الآن ليس إبادة جماعية بحق أوروبا فحسب، وإنما أيضاً بحق روسيا. انطلاقاً من وردة الريح القائمة، فإن السحاب النووي سيغطي كوبان، وإقليم كراسنودار، ومقاطعة روستوف، وغرب وشمال القوقاز. الانفجار الذي قد يحدث، يمكن مقارنته من جهة الحجم بانفجار محطتي روستوف وكورسك النوويتين (الروسيتين) مجتمعتين. أوقفوا قيادتكم بأي ثمن، ولا تسمحوا بالإبادة الجماعية".
وتم تشغيل محطة زابوريجيا في عام 1984، وبلغت بحلول نهاية العام الماضي مستوى التشغيل بقوتها الكاملة البالغة أكثر من 6 آلاف ميغاوات.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أمس الخميس، عن سيطرتها الكاملة على مدينة إينيرغودار والأراضي المحيطة بالمحطة. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، إن "طاقم المحطة النووية يواصل العمل على خدمة المنشآت ومراقبة الوضع الإشعاعي بنظام اعتيادي، والمستوى الإشعاعي طبيعي".
ومحطة زابوريجيا ليست أول محطة نووية تسعى روسيا لانتزاعها من أوكرانيا، إذ أعلنت موسكو فور بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، عن سيطرتها على محطة تشيرنوبيل الواقعة شمال غربي البلاد.
وأكد كوناشينكوف آنذاك التوصل إلى اتفاق مع عسكريي كتيبة تأمين المحطات النووية الأوكرانية، بشأن الضمان المشترك لسلامة وحدات المحطة وغطائها العازل.
5 حقائق عن محطة زابوريجيا
وفي ما يلي خمس حقائق عن محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، وفق "رويترز":
- زابوريجيا هي الأكبر بين أربع محطات للطاقة النووية في أوكرانيا، والتي توفر معاً حوالي نصف الكهرباء في البلاد.
- قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن هذه هي المرة الأولى التي تندلع فيها حرب في بلد يضمّ مثل هذا البرنامج النووي الضخم.
- تبلغ طاقة كل وحدة من وحدات زابوريجيا الست 950 ميغاواتاً، أو ما مجموعه 5.7 غيغاوات، وفقاً لقاعدة بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. تم توصيل الوحدة الأولى بالشبكة عام 1984 والأخيرة عام 1995.
- محطة توليد الكهرباء تعمل بجزء بسيط من قدرتها. وجاء في إخطار داخلي للوكالة اطلعت عليه "رويترز" اليوم الجمعة ما يلي:
- الوحدة 1 "في حالة انقطاع".
- تم فصل الوحدتين 2 و3 عن الشبكة، ويجري تبريد المنشأة النووية.
- الوحدة 4 "تعمل بقدرة 690 ميغاواتاً".
- الوحدتان 5 و6 "يجري تبريدهما".
- تُعتبر محطة توليد الكهرباء ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، لأنها لا تبعد سوى 200 كيلومتر عن شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.