روسيا تشكك بقدرة بايدن على تغيير الموقف السعودي منها

15 يوليو 2022
بن سلمان وبوتين في اليابان، يونيو 2019 (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -

مع ترقب بدء الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته إلى مدينة جدة السعودية، اليوم الجمعة، تتابع موسكو عن كثب مستجدات العلاقات الأميركية السعودية، وسط تشكيك الخبراء الروس في قدرة سيد البيت الأبيض على جرّ الرياض، وغيرها من عواصم الخليج، لصف مواجهة روسيا، سواء عن طريق زيادة إنتاج النفط وخفض أسعاره أو الانضمام إلى العقوبات المفروضة على الكرملين على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وما يزيد من قوة الرهانات الروسية على فشل بايدن في نيل دعم الرياض في سياساتها حيال موسكو، هو مرور العلاقات الأميركية السعودية في عهده، شأنه في ذلك شأن غيره من الرؤساء عن الحزب الديمقراطي، بموجة من التوتر، لا سيما بعد توعّد بايدن بمعاقبة السعودية على قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في عام 2018.


أندريه باكلانوف: الرياض ستسترشد بمصالحها الوطنية فقط

في المقابل، تشهد العلاقات الروسية السعودية تطوراً لافتاً في ظل استمرار التنسيق في إطار آلية "أوبك +" بين الدول المنتجة للنفط داخل منظمة "أوبك" وخارجها، ورفض الرياض وغيرها من العواصم الخليجية والعربية الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، وصولاً إلى بروز تسريبات إعلامية تكشف عن عزم السعودية على الانضمام إلى مجموعة "بريكس"، التي تضم كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

تشكيك روسي بقدرة بايدن مع السعودية

وفي هذا الإطار، يشكك نائب رئيس اتحاد الدبلوماسيين الروس، الأستاذ بالمدرسة العليا للاقتصاد بموسكو أندريه باكلانوف، في قدرة بايدن على إجبار السعودية على زيادة إنتاج النفط لمعاقبة روسيا، متوقعاً أن تسترشد الرياض في هذه المسألة بمصالحها الوطنية فقط.

ويقول باكلانوف، الذي عمل سفيراً لروسيا في السعودية بين عامي 2000 و2005، في حديث لـ"العربي الجديد": "سيسعى بايدن في إطار زيارته لتدارك ما أفسده بتصريحاته غير اللائقة، التي أزعجت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. الولايات المتحدة التي تسببت في مقتل آلاف المدنيين في العراق وغيره من الدول، ليست في موقع محاسبة السعودية على واقعة خاشقجي".

ويشكك باكلانوف في قدرة بايدن على إقناع دول الخليج بزيادة إنتاج النفط لاعتبارات معاقبة روسيا، مضيفاً: "لن تسترشد السعودية في مسألة زيادة الإنتاج من عدمها بوضع علاقاتها مع الولايات المتحدة، وإنما بمصالحها الوطنية المستندة حالياً إلى عملها ضمن منظمة (أوبك) وآلية (أوبك +). وعلى الصعيد السياسي، تبدي روسيا تفهّماً لعزوف السعودية وغيرها من الدول الخليجية عن دعمها بالمحافل الدولية، إدراكاً منها للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عليها".

ويقلل السفير السابق من أهمية عمل واشنطن على تشكيل محور معاد لإيران في الشرق الأوسط والخليج، قائلاً: "تدرك الولايات المتحدة أن إيران غير قادرة على مهاجمة إسرائيل، وإلا لكانت قد هاجمتها، ولذلك تكتفي بدعم قوى موالية لها في سورية. والمقاربة التي تقول إن إيران قادرة على الهيمنة على العالم العربي ذي الأغلبية السنية، غير مهنية بالمرة".

بدورها، تعتبر الصحافية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط ماريانا بيلينكايا أن الهدفين الرئيسيين لزيارة بايدن إلى الشرق الأوسط هما مواصلة عملية التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، والضغط على الدول العربية للحد من تعاونها مع روسيا.

وتقول بيلينكايا في حديث لـ"العربي الجديد": "قدوم بايدن من إسرائيل إلى السعودية مباشرة له دلالة رمزية، تعكس استمرار عملية التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل، التي بدأت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. صحيح أن السعودية لم تقم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل بعد، ولكنها لم تعد تخفي الاتصالات معها. إن الحدود تتلاشى في الشرق الأوسط في ظروف وجود مصالح وخصم مشترك متمثل بإيران، وإن كانت دول الخليج تجري اتصالات مكثفة معها أيضاً".


ماريانا بيلينكايا: الولايات المتحدة تملك أدوات لثني الدول العربية عن التعاون مع روسيا

وحول رؤيتها لقدرة بايدن على إقناع دول الخليج بزيادة إنتاج النفط لإلحاق أضرار بروسيا، ترى بيلينكايا أن "الصورة ستتضح مع اقتراب موعد انتهاء اتفاق (أوبك +) في سبتمبر/ أيلول المقبل. السعودية والإمارات لديهما القدرة على زيادة الإنتاج، ولكنهما لن تقدما عليها إلا انطلاقاً من مصالحهما".

ومع ذلك، تلفت بيلينكايا إلى أن الولايات المتحدة تملك أدوات لثني الدول العربية عن التعاون مع روسيا، مثل فرض عقوبات ثانوية على من يتعامل مع موسكو أو قطع الإقراض والتمويل عن الدول غير الخليجية، مثل مصر التي سيشارك رئيسها عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الأميركية في جدة غداً السبت.

ثقة روسية بالموقف السعودي

وعلى صعيد رسمي، سبق للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن أعرب، أول من أمس الأربعاء، عن أمل الكرملين بألا تقدم السعودية على أعمال موجهة ضد روسيا.

ومن مؤشرات إصرار دول المنطقة على تنويع شراكاتها الخارجية، ما ذكرته صحيفة "إزفيستيا" الروسية في عددها الصادر أمس الخميس، حول عزم السعودية ومصر وتركيا على الانضمام إلى مجموعة "بريكس".

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع قوله إن بن سلمان "جاد في عزمه على الانضمام إلى بريكس"، مشيرة إلى أن هذه المسألة تم التطرق إليها خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرياض في 1 و2 يونيو/ حزيران الماضي.

وقال المصدر: "دعمت روسيا حرص السعودية على الانضمام إلى المنظمة. وإلى جانب السعودية، أبدت تركيا ومصر اهتماماً ببريكس، وتدرسان إمكانية الانضمام منذ بضع سنوات. ولكن قمة بكين لم تناقش مسألة انضمامهما، بينما جرت مناقشة عضوية السعودية بجدية. ويبحث المشاركون في المجموعة عن حل دبلوماسي".

وتوقعت رئيسة المنتدى الدولي لدول "بريكس" بورنيما أناند هي الأخرى إجراء النقاش واتخاذ القرار بشأن انضمام دول بعينها خلال القمة المقبلة للمجموعة في جنوب أفريقيا في عام 2023، مؤكدة أن الصين وروسيا والهند ناقشت إمكانية قبول أعضاء جدد خلال القمة الـ14 لقادة دول "بريكس"، التي انعقدت افتراضياً في بكين يومي 23 و24 يونيو الماضي.

المساهمون