رهان التونسيين على اتحاد الشغل

21 فبراير 2022
إعادة انتخاب الطبوبي تمثّل ربحاً مهماً للوقت (سفيان حمداوي/فرانس برس)
+ الخط -

انتهى مؤتمر "الاتحاد العام التونسي للشغل" بإعادة انتخاب نور الدين الطبوبي أميناً عاماً لعهدة جديدة بخمس سنوات، وهذا في حد ذاته خبر مهم جداً للتونسيين في هذه الفترة، إذ توضع على هذه المنظمة كل الرهانات بشأن مصير البلاد الذي لم يتحدد بعد في أي اتجاه سيسير.
وتتوجه كل الأنظار الآن إلى "اتحاد الشغل" لأسباب كثيرة؛ أولها الرصيد التاريخي للمنظمة النقابية وتجربتها في إدارة الأزمات، ليس بمناسبة الحوار الوطني في 2013 فقط، كما يعتقد البعض، بل من قبل ذلك بكثير، في محطات مختلفة من تاريخ البلاد.

ويتصاعد الرهان على "اتحاد الشغل"، لأنه يمثل الآن في المشهد التونسي، الجهة الوحيدة القادرة على أداء دور فعّال ومسموع من مختلف الفرقاء؛ الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني، والرئيس قيس سعيّد نفسه. إذ إن الطبوبي نجح، على الرغم من كل شيء، في الحفاظ على مسافة من الأطراف المتصارعة، واتخذ مواقف ناقدة للجميع، بما يؤهله لأداء دور وسيط. تضاف إلى ذلك رهانات دولية أيضاً على المنظمة، بيّنتها بوضوح مواقف سفراء ومنظمات دولية مهمة.

وبقطع النظر عن الرهانات النقابية الداخلية، فإن إعادة انتخاب الطبوبي وقائمته، تمثّل في هذه المرحلة ربحاً مهماً للوقت، تبدو البلاد في أشد الحاجة إليه، خصوصاً أن العارفين بخفايا الأمور في تونس يعرفون أنه حافظ على علاقات بجميع الأطراف بحكم شخصيته المعتدلة، ويتحرّك بما يتيحه له تاريخ المنظمة وثقلها الشعبي.

وقد قال الطبوبي مباشرة بعد انتخابه إن "الاتحاد رتّب بيته الداخلي الآن، ولن يبقى مكتوف الأيدي أمام الوضع الذي تمر به تونس"، مؤكداً أنه "لا يمكن ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في ظلّ تدهور القدرة الشرائية وفي ظلّ الواقع المتأزم، إلا باستقرار ونضج سياسي".

وأضاف أن "طبيعة المرحلة تتطلب عودة كل الأطراف إلى رشدها، بعيداً عن المصلحة الحزبية الضيقة التي لن تخدم انتظارات الشعب التونسي في ظل أوضاعه المزرية".

وأمام المناكفات الأيديولوجية التي تعصف بالبلاد، وحالة الانقسام الشديدة، وأمام الوضعية الاقتصادية التي تهدد البلاد بالانهيار، وتدهور نظام العلاقات بين الجميع، تقف منظمة "الاتحاد العام التونسي للشغل" اليوم أمام اختبار تاريخي كبير، محمّلةً برصيدها التاريخي في الدفاع عن الديمقراطية والحريات والتوازن بين السلطات. فموقفها سيكون حاسماً في تحديد مصير البلاد، وانحيازها لأي طرف سيكون مدمراً لما تبقى من آمال، بينما يظلّ صوتها قوياً وقادراً على دعوة الجميع إلى طاولة حوار على قاعدة تجاوز أخطاء الماضي وبناء مستقبل مشترك، في بلد مشترك، لا تدمره أطماع أي طرف.

المساهمون