استمع إلى الملخص
- الضغوطات النفسية والمادية وتأثير الحرب على الحياة العائلية، إضافة إلى شعور الضباط بالمسؤولية عن نتائج الحرب، تدفع العديد منهم للتفكير في الانتقال إلى القطاع الخاص.
- على الرغم من التحديات، هناك بصيص أمل يتمثل في ارتفاع الحافز لدى ضباط الصف والجنود الجدد، مع إمكانية التحول والتجديد داخل الجيش الإسرائيلي لمواجهة الأزمة الراهنة.
تعكس المعطيات غضباً واسعاً من الضباط في صفوف الجيش
أحد أسباب اختيار الضباط الرحيل هو استنزافهم وتضرر حياتهم العائلية
يرى كبار المسؤولين أن الأزمة فرصة لاستقطاب قوى بشرية أعلى جودة
تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة وتبعات عملية "طوفان الأقصى" منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استنزاف جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ كشفت معطيات جديدة أن 42% فقط من الضباط الدائمين في الجيش ينوون البقاء وتجديد عقودهم لفترة مقبلة، مقابل 49% في أغسطس / آب من عام 2023. وبتعبير آخر، انخفض بنسبة 7% عدد الضباط الذين يرغبون بمواصلة طريقهم مع الجيش خلال تسعة أشهر (ما بين الاستطلاعين)، وفي ظل الحرب المتواصلة، الأمر الذي صدم قيادة الجيش الإسرائيلي. وتأتي هذه المعطيات التي كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت نقلا عن استطلاع للرأي أجري أخيراً في قسم الموارد البشرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من التقدير الكبير في أوساط الإسرائيليين لقوات الجيش ومحاولة رفع معنوياتها في وقت الحرب، بما يشير إلى تعمق أزمة الموارد البشرية فيه أكثر.
وفعلياً، تشير بيانات قسم الموارد البشرية إلى ارتفاع عدد الضباط المتوجهين إلى قسم التقاعد في الجيش خلال الحرب. ويشعر نحو 30% من الضباط الدائمين فقط بالرضا عن الرواتب التي يحصلون عليها، ويفضّل الكثيرون منهم التوجه إلى السوق الخاصة. ويعكس هذا الوضع، بحسب الصحيفة العبرية، غضباً واستياءً في صفوف الضباط. ومن أسباب ذلك، استنزافهم بسبب طول الحرب، وتضرر حياتهم العائلية وعدم رؤيتهم أفراد عائلاتهم، بالإضافة إلى أن الراتب غير مناسب نسبة إلى عدد ساعات العمل الطويلة، إلى جانب ضغط المسؤولية المنوطة بجزء من المناصب. وليس من الصعب، وفق الصحيفة، سماع تذمّر ضباط ميدانيين بأنهم "لا يذكرون شكل منازلهم، فيما تزداد الأعباء على الزوج أو الزوجة الموجد في البيت، وعادة ما تدفع النساء ثمنا أكبر". كما ظهر ادّعاء من طرف أزواج وزوجات الضابطات والضباط الدائمين بأن الجيش الإسرائيلي يميل أكثر لدعم ضباط الاحتياط بمنح ومكافآت.
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير مطلع على المعطيات، من دون أن تسميه، أنه بالإضافة إلى صعوبات الحياة نفسها، هناك سبب إضافي لم يتطرق الاستطلاع إليه، وهو "شعور الضباط بمسؤولية عن نتائج الحرب الصعبة، كما أن الشعور بالفشل يطاردهم، ولا يريدون مواصلة الخدمة في منظمة قد أخفقت". ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي والمسؤولين في وزارة الأمن حرصوا على تحذير رئيس الحكومة ووزارة المالية مراراً، وتقديم المزيد من البيانات حول أزمة عدد الضباط والضابطات برتبة رائد الذين طلبوا المغادرة. وفي عام 2018، بلغ هذا العدد 289، بينما قفز في عام 2022 إلى 613، أي أكثر من الضعف.
وحظيت السوق الخاصة بعدد من هؤلاء، واستمر مستوى الجيش الإسرائيلي في التراجع، حتى ساد المستوى المتوسط جميع التشكيلات والوحدات في الكثير من المناصب. ووسط قلق هيئة الأركان العامة، أعد قسم الموارد البشرية خططاً للحفاظ على جودة الضباط، فيما وضعت وزارة المالية العراقيل، واضطر الجيش إلى الخضوع لتقليصات، وبدلاً من إيقاف انجراف الضباط إلى ترك الجيش والتوجه الى السوق الخاصة، فإن هذا الاتجاه اشتد فقط.
من جهة أخرى، يرى مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي أن الأزمة هي فرصة أيضاً لن تتكرر من أجل قلب الطاولة وخلق شروط أفضل تجذب قوى بشرية عسكرية ذات جودة. وبالمقابل، أشارت معطيات الجيش الإسرائيلي إلى ارتفاع الحافز لدى ضباط الصف، وهم ضباط بدرجة أقل من الضباط الكبار، من 56% قبل الحرب إلى 66% الآن. ويعزو المسؤولون في قسم الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي سبب ذلك إلى شعور ضباط الصف بحصولهم على التقدير اللازم عقب "أدائهم المهني". كما يجد جيش الاحتلال عزاء له في أن دورة التجنيد الأخيرة، في شهر مارس/ آذار الماضي، شهدت ارتفاعاً كبيراً في نسبة الجنود الجدد الراغبين بالالتحاق بوحدات قتالية.