رفح الفلسطينية تعيش أجواء حرب جارتها المصرية

14 ابريل 2019
تستمرّ العمليات العسكرية للجيش المصري على الحدود (العربي الجديد)
+ الخط -
يحتاج سكان مدينة رفح الفلسطينية، أقصى جنوب قطاع غزة، بعض الوقت لتمييز مصدر الأصوات الناجمة عن إطلاق النار والانفجارات، والتي تسمع يومياً وفي أوقات مختلفة، إن كانت ناتجة عن عدوان إسرائيلي جديد أم اشتباكات مسلحة وقصف في جارتهم رفح المصرية. ويسارع السكان إلى متابعة مصادر الأخبار عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية، لمعرفة مصدر تلك الأصوات التي تقلقهم وتشكّل لهم إزعاجاً مضاعفاً، وتعيدهم إلى ذكريات الحروب التي عايشوها على مدار السنوات الأخيرة.

وتثير حالة الحرب المشتعلة في الأراضي المصرية جراء عمليات الجيش المصري في سيناء، الذعر والخوف في صفوف سكان رفح الفلسطينية، لا سيما أنّ قذائف وطلقات نارية وشظايا كانت سقطت على منازلهم وأدت إلى وقوع أضرار مختلفة في أوقات سابقة.

وتزداد حالة الخوف والقلق هذه لدى سكان المخيمات المحاذية للحدود الفلسطينية المصرية، نظراً إلى أنها الأكثر استقبالاً للشظايا والطلقات والقذائف الطائشة نتيجة الاشتباكات الدائرة في الجانب المصري، إذ يعيش السكان الفلسطينيون الأجواء نفسها التي يعيشها السكان المصريون على جانب الحدود الآخر.

ولا موعد لتلك "الحفلات" (الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على العدوان  الإسرائيلي الخاطف)، إذ تشتعل مرة في النهار ومرات أخرى في ساعات الليل، فتنغّص نوم المواطنين وتدبّ الهلع في صفوف الأطفال والنساء والمسنين، وفق ما يقول أحمد أبو صيام (30 عاماً) لـ"العربي الحديد".

ويوضح أبو صيام الذي يقطن في حي السلام المحاذي للحدود مع مصر، أنّ "آخر عدوان واسع وشامل شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة كان في العام 2014، لكنّ أجواءه ما زالت مستمرة، نتيجة استمرار العمليات العسكرية والاشتباكات في الأراضي المصرية بشكل يومي، والتي كثيراً ما تندلع أكثر من مرة في اليوم الواحد".


ويتابع أبو صيام: "أصبحنا نعيش في حالة خوف دائم بسبب القصف وإطلاق النار المستمرّ في الجانب المصري من مدينة رفح"، مؤكداً إصابة عدد من السكان ورجال الأمن على الحدود، إثر الشظايا والطلقات الطائشة والقذائف التي تتساقط على الأحياء السكنية.

وحياة الفلسطينيين كما حياة المصريين معرضة للخطر، وفق أبو صيام، الذي يتمنى "عودة الهدوء إلى المنطقة، وإنهاء معاناة السكان المستمرة". ويلجأ أبو صيام الذي يتنقّل فوق سطح منزله بحذر شديد خوفاً من الإصابة، إلى اتخاذ إجراءات احترازية لتجنّب حدوث أضرار بمنزله، منها فتح النوافذ المعرضة للتحطم من شدّة القصف.

أمّا الحال مع عائشة أحمد اسهيجان (52 عاماً)، فيختلف قليلاً، فهي كانت تسكن مع عائلتها في رفح الفلسطينية قبل عام 1982، ورحّلت مع زوجها الفلسطيني إلى رفح المصرية، إثر نفيه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وطرده من رفح.

وتوضح اسهيجان في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ سكن عائلتها الجديد في رفح المصرية كان يقع قبالة حي كندا الفلسطيني في بيت شعر، بعد ترحالها مرات عدة من منطقة إلى أخرى. وتشير إلى أنّ منزلها كان في نطاق مرحلة الهدم الثانية للمنازل التي نفذها الجيش المصري على الحدود، في نطاق 1000 متر، مضيفةً: "هدموا المنزل وطردونا أواخر عام 2014، ولم نحصل على أي تعويض كوننا فلسطينيين مقيمين في مصر، فلجأنا إلى غزة عام 2015".

وتقول اسهيجان إنّ الظروف الصعبة والحرب الدائرة التي وجدتها عائلتها وملاحقة الأبناء "جعلتنا نفكّر بالرحيل إلى غزة، حيث أشقائي في حي التنور شرق مدينة رفح"، مشيرةً إلى أنّ أصداء الحرب تلاحقها في لجوئها الجديد. ويتكرّر سقوط قذائف مدفعية على الحدود والأحياء السكنية بمدينة رفح الفلسطينية من الأراضي المصرية، وقد أدّت في بعض الأحيان إلى إصابة عدد من المواطنين، كما أصيبت في وقت سابق مدرسة "أحمد ياسين" الثانوية بحي تل السلطان غرب رفح بطلقات نارية، أثناء خروج الطلبة منها. 

وفرضت الأجهزة الأمنية في غزة إجراءات جديدة بالتنسيق مع مصر على الحدود، في إطار التفاهمات الأخيرة بين حركة "حماس" وجهاز الاستخبارات المصرية. وفي الإطار، تفقد مسؤول الملف الفلسطيني في الاستخبارات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، أخيراً، معبر رفح والحدود المصرية الفلسطينية، وأشاد بالإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة لـ"حماس" على الحدود.

وتعرّض الفلسطينيون القريبون من الحدود مع مصر لفترات صعبة لدى اشتداد الخلاف بين "حماس" ومصر عقب الانقلاب العسكري، سواء بإطلاق النار المتعمد أو الإساءات التي كان يوجهها المجندون المصريون للسكان الفلسطينيين، لكن ذلك انتهى تقريباً.