رسائل شيخ الأزهر في عيد الشرطة وذكرى الثورة

26 يناير 2023
شنّت وسائل إعلام النظام أكثر من مرة هجوماً على الطيب (ماركو برتوريلو/فرانس برس)
+ الخط -

"كتَبَت فصلاً جديداً في تاريخ النضال المصري والسعي نحو النهوض بالوطن"، هكذا وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب، ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 2011، في البيان الذي أصدره، أول من أمس الثلاثاء، لتقديم التهنئة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزارة الداخلية والشعب المصري، في مناسبة ذكرى الثورة وعيد الشرطة.

وعلى الرغم من أن بيان الأزهر للتهنئة بعيد الشرطة وذكرى ثورة يناير، أمر معتاد ويصدر سنوياً، إلا أن تهنئة العام الحالي تحمل في طياتها رسائل سياسية، مرتبطة بالوضع الحالي في مصر، الأمر الذي أثار، وفقاً لمعلومات توفرت لدى "العربي الجديد"، امتعاضاً لدى دوائر سياسية مصرية، وتساؤلات وصلت إلى جهات قريبة من المشيخة، بسبب صياغة البيان الذي حمل إشارات في أكثر من اتجاه.

وبينما انتقد معلقون ونشطاء "استهلال الأزهر الشريف بيانه بتهنئة الرئيس ووزارة الداخلية بعيد الشرطة، وتأخير التهنئة بذكرى الثورة إلى الفقرة التالية من البيان"، قال مراقبون إن بيان الأزهر يمكن فهمه من خلال "قراءة مختلفة، إذ أن الأزهر حرص في بيانه هذا العام على الإشارة إلى ذكرى عيد الشرطة الأصلية، والتي تأسست تاريخياً بعد ملحمة رجال الشرطة في مقاومة قوات الاحتلال الإنكليزي في مدينة الإسماعيلية في يناير 1952، دون ذكر ممارسات الشرطة الحالية، وهو ما كان يحدث في السنوات السابقة".

أثار البيان بحسب المعلومات امتعاض دوائر سياسية مصرية

وقال الأزهر في بيانه هذا العام، إنه "يعرب عن اعتزازه وتقديره لما قدمه رجال الشرطة البواسل في ملحمة الإسماعيلية من تضحيات غالية، وبذلوا أرواحهم في سبيل حفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن الوطن، فسطّروا بذلك صفحة من صفحات الشرف والفخر في التاريخ المصري، لتظل هذه الذكرى تاريخاً تتجدد معه عزيمة المصريين كل عام من أجل العمل والبناء والعطاء للوطن".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

والملاحظ في بيان الأزهر هذا العام، أنه تجاهل امتداح الشرطة المصرية كما كان يحدث قبل ذلك، واكتفى بذكر بطولات رجالها في عام 1952.

وعلى سبيل المثال، فإنه في بيانه عام 2019، تقدم الأزهر الشريف وإمامه الأكبر أحمد الطيب، أيضاً بالتهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ولوزارة الداخلية، قيادة وضباطا وأفرادا، ولجموع الشعب المصري، بمناسبة عيد الشرطة وذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. لكنه "أشاد بدور الشرطة المصرية في حماية المواطنين وإنفاذ القانون والتصدي للمخططات الإرهابية التي تستهدف زعزعة استقرار الوطن"، داعياً "الله عز وجل أن يرحم شهداء مصر الأبرار، وأن يحفظ وطننا العزيز من كل مكروه وسوء، وأن ينعم عليه بالخير والأمن والازدهار والسلام".

انتقد معلقون ونشطاء استهلال الأزهر بيانه بالتهنئة بعيد الشرطة، وتأخير التهنئة بذكرى الثورة إلى الفقرة التالية

وفي يناير من عام 2021، أصدر الطيب، بياناً مشابهاً تقدم خلاله بـ"خالص التحية والتقدير والاعتزاز للشهداء من أبطال الشرطة المصرية ‏الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لتنعم مصر بالأمن والأمان"، مشيداً أيضاً بـ"الدور الذي يقوم به رجال ‏الشرطة في حماية المواطنين، وبسط الأمن ونشر الاستقرار"، وهو ما تكرر في العام الماضي.

وتشهد العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، توترات وشدا وجذبا بين وقت وآخر. فعلى الرغم من دعم الأزهر للانقلاب الذي حدث في الثلاثين من يونيو/حزيران عام 2013، بقيادة وزير الدفاع آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، ومشاركة الطيب في الإعلان الذي صدر في الثالث من يوليو/تموز من ذلك العام عن السيسي والذي أدى إلى إطاحة مرسي، إلا أن العلاقات المتوترة بين السيسي والطيب لم تخف على أحد خلال السنوات الماضية، حتى أن السيسي قال ذات مرة على الهواء "تعبتنا يا فضيلة الإمام".

وكانت أولى محطات الصدام بين النظام الحاكم في مصر وشيخ الأزهر رغم تأييده له، هي عدم موافقة الطيب على فضّ اعتصام رابعة بالقوة. وجاءت بعد ذلك قضية "تجديد الخطاب الديني" في عام 2015 التي تحدث عنها السيسي في مناسبات عدة، محملاً المسؤولية للأزهر في التصدي لها لمواجهة "الإرهاب والتطرف"، على حد قوله.

وعادت الأزمة من جديد بين الطيب والسيسي بسبب قضية "الطلاق الشفوي". ففي يناير 2017، دعا السيسي إلى إصدار قانون لا يعترف بالطلاق الشفوي. وعقب اقتراح السيسي هذا، قال الأزهر إن هيئة كبار العلماء "تعكف على درس الأمر من الناحية الشرعية"، لكن هيئة كبار العلماء في الأزهر أفتت، في بيان بعد ذلك، بصحة وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، من دون اشتراط إشهاد أو توثيق، وهو ما بدا مخالفاً لرأي السيسي في تلك القضية. وإثر ذلك، شنّت وسائل الإعلام التي يتبع معظمها النظام، هجوماً على الطيب، وصل إلى حد التهديد بعزله عبر مشروع قانون في البرلمان لإعادة هيكلة الأزهر.

وفي إبريل/نيسان 2017، قدم النائب السابق محمد أبو حامد، مشروع قانون إلى مجلس النواب، مدعوماً بتأييد العشرات من النواب، مطالباً بتعديلات جوهرية على قانون الأزهر. وتضمنت أبرز التعديلات قواعد اختيار شيخ الأزهر، الذي لا يحق لرئيس البلاد عزله. وأثار مشروع القانون حينها ضجة كبيرة قبل أن يعلن البرلمان المصري على لسان رئيسه آنذاك، علي عبد العال، تجميده بقوله "صفحة وطويت" بعد لقاء مع الطيب في مايو/أيار 2017.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية
المساهمون