رسائل تهدئة مصرية باتجاه الدبيبة

22 سبتمبر 2022
يدرك الدبيبة أهمية الملف الاقتصادي بالنسبة لمصر (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

اتخذت الإدارة المصرية، أخيراً، خطوات عدة على صعيد العلاقات مع كل من ليبيا وتركيا، أهمها إجراء تغييرات بين المسؤولين عن إدارة الأزمة الليبية، بالإضافة إلى التحضير لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع تركيا على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين.

وتشهد العلاقات بين مصر وحكومة الوحدة الوطنية الليبية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، وأيضاً العلاقات بين القاهرة وأنقرة، تطورات متلاحقة خلال الفترة الراهنة.

وكشفت مصادر عربية، وأخرى ليبية، تفاصيل اتصالات وإجراءات جرت خلال الأيام الماضية لاحتواء تدهور العلاقات بين مصر وحكومة الدبيبة في أعقاب خطوة انسحاب وفد مصر برئاسة وزير الخارجية سامح شكري من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في 6 سبتمبر/أيلول الحالي، اعتراضاً على تسلم وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة، نجلاء المنقوش رئاسة الدورة الجديدة للمجلس.

أصدر الدبيبة تعليمات بوقف إجراءات دخول دفعة كبيرة من العمالة المصرية إلى ليبيا

الدبيبة يضغط اقتصادياً على مصر

ووفقاً لمسؤول ليبي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن القاهرة بعثت أخيراً رسائل للدبيبة عبر وسطاء ليبيين وعرب، تحمل مؤشرات حول التهدئة ووقف التصعيد الدبلوماسي مع حكومته، إلى حين التوافق على رؤية موحدة جديدة مع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المشهد الليبي.

وأوضح المسؤول أن الخطوة المصرية "جاءت في أعقاب إجراء غير معلن، عبر إصدار الدبيبة تعليمات، بوقف إجراءات دخول دفعة كبيرة من العمالة المصرية إلى ليبيا، ضمن اتفاقية موقّعة سابقاً بين وزارة القوى العاملة المصرية، ووزارة العمل الليبية في حكومة الوحدة الوطنية، التي لا تزال تحظى باعتراف دولي وأممي".

وبحسب المسؤول، فإن "رسائل الغضب من جانب حكومة الدبيبة لم تتوقف عند ملف العمالة الذي يمثل أهمية كبيرة لمصر، ولكن انتقلت أيضاً إلى ملف الصادرات الزراعية المصرية إلى ليبيا، إذ تم خلال الأيام القليلة الماضية، رفض استلام أكثر من شحنة آتية من مصر بدعوى عدم صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات".

ومطلع الأسبوع الحالي، أعلن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في ليبيا، رفض شحنة برتقال آتية من مصر. وقبلها بأيام قليلة، رفض المركز شحنتي جوافة وفلفل آتيتين من القاهرة، بدعوى احتوائهما على عفن وافتقادهما للخواص الطبيعية.

وأشار المسؤول الليبي إلى أن الدبيبة "يدرك أهمية الملف الاقتصادي بالنسبة للقاهرة في الوقت الراهن، وهو ما دفعه للضغط عليها من خلاله، من أجل تحييد موقفها بشأن حكومته على الأقل خلال الفترة الراهنة، التي يعوّل عليها من أجل الدفع باتجاه الإبقاء على حكومته لحين إجراء انتخابات".

شهد الأسبوع الحالي تطوراً مصرياً ملحوظاً تجاه حكومة الدبيبة، بعد استقبال وزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية، علي العابد، بترحاب واسع من جانب الدوائر الرسمية المصرية في القاهرة.

تكليف عمرو نظمي بتولي الملف الليبي

وتتضح طبيعة التغيّرات التي شهدها ملف التعامل المصري مع الأزمة الليبية"، أكثر، من خلال اجتماعات ومداولات رفيعة المستوى، عُقدت أخيراً وضمّت المسؤولين عن الملف الليبي في وزارة الخارجية المصرية وجهاز المخابرات العامة الذي يتولى الدور الرئيس في ملف ليبيا، إذ تقررت إعادة تكليف اللواء عمرو نظمي، وكيل جهاز المخابرات العامة، بتولي مسؤولية هذا الملف.

وكان نظمي، حسب مصادر ليبية متعددة، هو المسؤول على الملف الليبي في فترة سابقة، وهو الذي أدار عملية الانفتاح على معسكر غرب ليبيا وحكومة الدبيبة فور توليها مسؤولية السلطة التنفيذية في فبراير/شباط من العام الماضي بموجب الاتفاق السياسي بين المكونات الليبية. وبحسب المصادر، فإن إعادة تكليف نظمي بالملف الليبي تحمل رسالة شديدة الوضوح إلى حكومة الوحدة الوطنية، بشأن التحوّل في الموقف المصري.

عمرو نظمي أدار عملية الانفتاح على معسكر غرب ليبيا وحكومة الدبيبة

علماً بأن نظمي الذي كان تولى ملف الشرق الأوسط في جهاز المخابرات العامة، عقب تركه الإشراف على ملف ليبيا، يتولى إدارة ملف العلاقات مع تركيا في الوقت الراهن، ومن المقرر أن يتولى مسؤولية الملفين معاً، على أن يبدأ مهام عمله الجديدة بدءاً من الشهر المقبل.

في السياق ذاته، أوضح دبلوماسي مصري سابق، كان مطلعاً على العلاقات مع تركيا، خلال فترة تواجده بوزارة الخارجية، أن "إسناد مسؤولية ملفي ليبيا وتركيا إلى شخص واحد، يوضح مدى الارتباط الوثيق من وجهة النظر المصرية بين الملفين، في الوقت الذي تشهد فيه الفترة الراهنة اتصالات مكثفة بين القاهرة وأنقرة لبحث الأوضاع في ليبيا، واستعادة العلاقات بشكل كامل بينهما".

وكانت مصادر مصرية قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" عن "ترتيبات متعلقة بعقد لقاء ثنائي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره التركي مولود جاووش أوغلو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك"، لكن ذلك لم يحدث حتى عصر أمس.

المساهمون