استمع إلى الملخص
- التصعيد العسكري والخسائر: شهدت المعركة غارات روسية مكثفة أسفرت عن مقتل 17 مدنياً وارتفاع عدد القتلى العسكريين إلى 132. استخدمت المعارضة طائرات مسيرة انتحارية، مما أحدث صدمة في صفوف النظام.
- الدور التركي وحدود التصعيد: أكدت تركيا أن العملية العسكرية للمعارضة محدودة ضمن منطقة خفض التصعيد، رغم استمرار النظام السوري بدعم روسي وإيراني في التقدم، مما أدى إلى نزوح آلاف السكان.
أعلنت إدارة عمليات معركة "ردع العدوان"، صباح اليوم الخميس، عن فتح محور عمليات جديد شرقي محافظة إدلب في شمال سورية، بعد أن حققت "تقدماً مهماً" في المحور الرئيسي غربي محافظة حلب. ويأتي ذلك بعد مرور 24 ساعة على بدء المعركة التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية العاملة ضمن "غرفة عمليات الفتح المبين"، أمس الأربعاء، ضد قوات النظام السوري والمليشيات المساندة لها، شمال غرب البلاد.
وقُتل 17 مدنياً، اليوم الخميس، في غارات روسية استهدفت مناطق عدة في ريفي حلب وإدلب، منهم 13 مواطناً في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وقُتل أربعة مدنيين وأصيب 15 آخرون بقصف للطيران الروسي على مدينة دارة عزة غربي حلب. كما أصيب سبعة مدنيين في قصف لمدفعية النظام السوري على مدينة بنش شرقي محافظة إدلب، كما تعرضت مدينة أريحا في ريف إدلب الغربي لقصف مدفعي وصاروخي من قوات النظام وروسيا، مما أدى إلى أضرار كبيرة في المخبز الآلي بالمدينة. وشهد اليوم الثاني من العملية، تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي الروسي الذي شنّ كذلك غارات جوية عدة على مناطق واسعة طاولت مسجد "ريف المهندسين الثاني" غربي حلب، وبلدة داديخ وجبل الزاوية في ريف إدلب. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفع عدد القتلى العسكريين خلال المعارك المستمرة منذ 24 ساعة إلى 132، هم 65 من "هيئة تحرير الشام"، و18 من بقية الفصائل، و49 عنصراً من قوات النظام السوري، بينهم ما لا يقل عن 4 ضباط برتب مختلفة.
وسيطرت قوات المعارضة بعد ظهر اليوم على منطقة ريف المهندسين الأول وبلدات خان العسل وكفرناها وكفرجوم وعرادة والزربة في ريف حلب الغربي، ما يضعها على مقربة بمئات الأمتار فقط من الطريق الدولي الرئيسي في البلاد حلب - دمشق المعروف بـ"طريق أم 5"، كما أعلنت عمليات "ردع العدوان" عن السيطرة على قرية ياقد العدس بريف حلب الشمالي. وشهد أمس الأربعاء "انهيارات سريعة" في دفاعات قوات النظام على محاور ريف حلب الغربي، ما سمح لقوات المعارضة بالسيطرة على قرى وبلدات عدة، بالإضافة إلى مواقع تابعة لقوات النظام.
وخلال الليلة الماضية وصباح اليوم، سيطرت قوات المعارضة على كل من قرى أرناز والشيخ علي وريف المهندسين الثاني وبسرطون ومعمل الزيت غربي حلب الذي حولته قوات النظام لثكنة عسكرية ضخمة غربي حلب، وانضمت هذه القرى إلى كل من الشيخ عقيل، بالا، قبتان، القاسمية، كفربسين، حور، جمعية المعري، السلوم، عنجارة، عاجل، الهوتة، أورم الصغرى، أورم الكبرى، كفر بسين، بالإضافة إلى "الفوج 46"، وجميعها غربي حلب.
وفي إدلب، عند المحور الجديد، سيطرت قوات المعارضة على بلدة كفربطيخ وقريتي داديخ والترمبة بالقرب من مدينة سراقب الاستراتيجية، التي تعد عقدة تقاطع الطريقين الدوليين حلب – دمشق "أم 5"، والحسكة – حلب – اللاذقية "أم 4" وتضم أعداداً كبيرة لقوات النظام، بالإضافة إلى مليشيات مقربة من إيران وأخرى مدعومة من القوات الروسية. وأعلنت إدارة العمليات الاستيلاء على ثماني دبابات من قوات النظام في ريف المهندسين الأول غرب حلب، بعد تمشيط المنطقة، دون أن يتمكن "العربي الجديد" من تأكيد هذه المعلومة بشكل مستقل. ونعت وسائل إعلام إيرانية المستشار الإيراني كيومارث بور هاشمي، الذي قُتل جرّاء المعارك الدائرة في ريف حلب الغربي.
وأكد المقدم حسن عبد الغني، المتحدث باسم عملية "ردع العدوان"، أنهم تمكنوا من أسر ثمانية عناصر من قوات النظام، مشيراً إلى أن عدد الأسرى منذ بداية العملية وحتى اليوم بلغ 20 عنصراً، وكان واضحاً دور الطائرات المسيرة النفاثة الانتحارية التي تطلقها "كتائب شاهين" ضد مواقع قوات النظام السوري، ما أحدث حالة من الصدمة في صفوفها، وأدى إلى هروب الكثير من العناصر إلى خطوط خلفية. وقال المقدم حسن عبد الغني إن "كتائب شاهين نفذت عملية نوعية أسفرت عن تدمير مربض راجمات صواريخ في مدرسة الشرطة غربي حلب، والذي كان يُستخدم لاستهداف المناطق المحررة"، أي الخارجة عن سيطرة النظام.
وحول فتح المحور الجديد في شرق إدلب، قال عبد الغني: "في إطار عملية ردع العدوان، نفذت قواتنا ضربة استباقية جديدة في ريف إدلب الشرقي، حيث بدأت تحصينات العدو بالانهيار منذ اللحظات الأولى للتقدم". وقالت إدارة عمليات "ردع العدوان" عبر المعرفات الإعلامية إن "المناطق التي تحرّرت أمس خلال عملية ردع العدوان تمهّد الطريق لعودة أكثر من 100 ألف مهجر إلى منازلهم وأراضيهم، مما يساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية في شمال غرب سورية".
من جهته، قال الرائد جميل الصالح، قائد "جيش العزة"، أحد فصائل غرفة عمليات "الفتح المبين"، الخميس: "في هذه اللحظات الحاسمة، نخوض معارك شرسة على محاور عدة، عازمين على إعادة أهلنا المهجرين إلى ديارهم وتطهير أرضنا"، مضيفاً: "لا تراجع ولا تهاون مع أي تهديد لأمن مناطقنا المحررة، إنها معركة الحق ضد الظلم، ومعركة الإرادة ضد الطغيان، ومرحلة مفصلية في طريق العزة والكرامة". ويبدو أن المعارضة استعملت سياسة "جس النبض" في بداية المعارك يوم أمس، ما جعلها تفتح محاور جديدة للمعركة التي يتضح أن الهدف منها قطع الطريق الدولي "أم 5" من محاور غربي حلب، فيما توسعت طموحات قوات المعارضة لتحقيق تقدم على جبهات شرق وجنوب إدلب والوصول إلى مدينة سراقب، وربما أبعد من ذلك جنوبي إدلب.
"درع العدوان" وحدود منطقة خفض التصعيد
من جهة أخرى، قالت مصادر أمنية تركية، اليوم الخميس، إن العملية العسكرية التي تقوم بها جماعات معارضة في شمال سورية هي "عملية محدودة" وجاءت في أعقاب هجمات نفذتها قوات النظام السوري على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكن الفصائل وسعت عمليتها بعد أن تخلت قوات النظام عن مواقعها. وأضافت المصادر الأمنية، بحسب "رويترز"، أن تحركات المعارضة ظلت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019.
وأقرت مباحثات أستانة، بين كل من إيران وتركيا وروسيا، إدلب وما حولها أو "منطقة خفض التصعيد الرابعة"، التي تضم إدلب كاملة وأجزاء من أرياف حماة الشمالي والغربي وحلب الجنوبي والغربي واللاذقية الشرقي، منطقة تحت سيطرة المعارضة السورية، بإشراف وضمان تركي، ونشرت 12 نقطة مراقبة للجيش التركي في محيطها في مايو/ أيار 2017، وأعيد تثبيت حدود المنطقة باتفاق سوتشي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس أردوغان في سبتمبر/ أيلول 2018.
إلا أن النظام السوري، وبدعم روسي من الجو وإيراني على الأرض، ضرب بالاتفاقات عرض الحائط، وشن معارك عدة منذ إبريل/ نيسان 2019، وبدأ بقضم مساحات من تلك المنطقة بشكل تدريجي، فسيطر على الريف الشمالي كاملاً من حماة، ثم تقدم جنوبي وشرق إدلب، وفي بداية 2020 كانت جولته الأخيرة بإتمام السيطرة على جنوبي إدلب حتى وصل إلى عمق المحافظة، وتغلغل جنوب وغربي حلب، واستخدم النظام والروس والإيرانيون خلال عمليات التقدم سياسة الأرض المحروقة من الجو والأرض، ما أدى لنزوح آلاف السكان من تلك المناطق كافة، وقد توجهوا إلى وسط وشمال المحافظة، وعانوا ولا يزالون ظروفاً صعبة في المخيمات وأماكن النزوح.