رحيل غينادي بوربوليس... ناعي الاتحاد السوفييتي وعرّاب إصلاح الاقتصاد الروسي

لم يُعرف السياسي السوفييتي والروسي، غينادي بوربوليس، الذي غيّبه الموت عن عمر 76 عاما أمس الأحد، فقط كأحد أبرز أنصار أول رئيس لروسيا ما بعد السوفييتية بوريس يلتسين، وإنما أيضا بمشاركته في التوقيع على اتفاقية "بيلوفيجسكايا بوشا" في نهاية عام 1991 وكصاحب عبارة "انتهاء وجود الاتحاد السوفييتي ككيان القانون الدولي وواقع جيوسياسي" في هذه الاتفاقية.

توجه بوربوليس للعمل السياسي في عهد برنامج الإصلاحات "بيريسترويكا" الذي أطلقه آخر زعماء الاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ودعم بعد تفكك الاتحاد، إصلاحات الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق وتحرير الأسعار وإعادة هيكلة المنظومة الضرائبية وتحرير التجارة الخارجية والخصخصة، ليتولى منصب النائب الأول لرئيس الوزراء في حكومة الإصلاحيين برئاسة يغور غايدار حتى أبريل/نيسان 1992، حين أقاله يلتسين في إطار التنازلات الاستباقية للبرلمان.

وفي آخر تصريح صحافي له على هامش مشاركته في منتدى باكو العالمي بدورته التاسعة المقام في العاصمة الأذربيجانية حيث وافته المنية، استبعد بوربوليس إمكانية إعادة إحياء الاتحاد السوفييتي، قائلا: "هذا هراء ويوتوبيا. استعادة الاتحاد السوفييتي مستحيلة!".

ولد بوربوليس في مدينة بيرفوورالسك الواقعة في مقاطعة سفيردلوفسك في منطقة أورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا في عام 1945، وقال عن ظروف نشأته وتكوينه: "ولدت في عام النصر، 1945، وأنتمي إلى أتباع جيل الستينيات الذين أعدوا "بيريسترويكا" غورباتشوف بمواقفهم الاجتماعية ونشاطهم الفكري". 

وبعد تخرج في المدرسة، عمل سباكا ثم التحق بمصنع بيرفورالسك للأنابيب. وفي عام 1973، تخرج في كلية الفلسفة بجامعة أورال الحكومية، وبدأ العمل بمعهد أورال التقني، حيث تولى تدريس مادتي المادية الجدلية وفلسفة المفكر الاقتصادي الألماني كارل ماركس وزعيم ثورة البلاشفة فلاديمير لينين.

تقارير دولية

التحديثات الحية

شبح روسيا يدفع الدنمارك وكندا إلى إنشاء حدود برية بينهما

وفي عام 1989، انتخب بوربوليس نائبا شعبيا، وتعرف آنذاك إلى يلتسين، ليصبح واحدا من أبرز أنصاره، وترأس مقره الانتخابي في انتخابات رئيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية في عام 1991. وبعد انتخاب يلتسين رئيسا، تولى بوربوليس منصب سكرتير الدولة فالنائب الأول لرئيس الحكومة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 1991، وقع بوربوليس ويلتسين على اتفاقية إنشاء رابطة الدول المستقلة في "بيلوفيجسكايا بوشا" في بيلاروسيا، والذي أنهى فعليا وجود الاتحاد السوفييتي. 

وعن ذكرياته حول التوقيع على هذه الاتفاقية، قال بوربوليس في أحد حواراته الصحافية: "كانت المهمة هي إيجاد إمكانيات وموارد لإدارة روسيا وفق كافة قواعد السلطة ذات أهلية. ليس تفكيك الاتحاد السوفييتي، وإنما إيجاد تلك الأساليب والمنهجية والإمكانيات القانونية والموارد لتحمل المسؤولية عن بلادنا والجمهورية و145 مليون شخص".

يُذكر أن يلتسين ورئيسي جمهوريتي أوكرانيا وبيلاروسيا السوفييتيتين آنذاك، ليونيد كرافتشوك وستانيسلاف شوشكيفيتش، وقعوا في 8 ديسمبر/كانون الأول 1991 في غابة "بيلوفيجسكايا بوشا" في بيلاروسيا، اتفاقية تأسيس رابطة الدول المستقلة خلفاً للاتحاد السوفييتي، الذي تراكمت أزماته ولم يعد قادراً على الاستمرار.